عبد الرحمن يوسف هو شاعر وصحفي وناشط سياسي مصرييحمل الجنسية التركية، وُلد في 18 سبتمبر 1970، وله نشاط طويل في مجال حرية التعبير والديمقراطية في العالم العربي

اشتهر كخصم علني للحكومات الاستبدادية في مصر والإمارات والسعودية، وقد تعرض لمحاكمات صورية في مصر، وأدين في عام 2017 في غيابه بثلاث سنوات سجناً على خلفية مطالبته بالتغيير السياسي وانتقاده السيسي ما أجبره على ترك مصر وانتقاله إلى تركيا منذ 2015 حيث استقر مع عائلته.
 

التوقيف والتسليم القسري.. مسار قضائي مقلق
الاعتقال في لبنان (28 ديسمبر 2024): تم توقيفه أثناء عودته من سوريا عبر معبر المسنع الحدودي، وذلك بناءً على مذكرات مشتركة صدرت ضده من مصر ثم الإمارات عبر الهيئة العربية لقضايا الأمن (المعروفة بـ"الانتربول العربي")

طلبات الترحيل: حسب السلطات الإماراتية، التهمة، كما ورد في طلبها، كانت "نشر أخبار كاذبة، والتحريض على أمن الدولة، وزعزعة الأمن العام" بناءً على منشور فيديو صوّره في المسجد الأموي بدمشق وانتقد فيه سياسات الحكومات الخليجية (مصر، الإمارات، السعودية)

 قرار الحكومة اللبنانية (7–8 يناير 2025): رغم وجود طعن قضائي أمام أعلى هيئة إدارية، وافق مجلس الوزراء اللبناني في جلسة 8 يناير على تسليمه، ثم تم نقله في نفس اليوم إلى الإمارات عبر طائرة خاصة تابعة لشركة Royal Jet الإماراتية.
 

206 يومًا من الاختفاء القسري
   
منذ 8 يناير 2025، مضى أكثر من 206 يومًا حتى اليوم (2 أغسطس 2025) دون أي معلومات رسمية حول مكان وجوده أو ظروف احتجازه. لم يُمنح حق التواصل مع محاميه أو أسرته.
وقد سبق إعلان حالة الاختفاء القسري أن مرت أكثر من 90 يوماً دون أي معلومة عن وضعه، ما استدعى تدخل خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.

 منظمات دولية توجه نداءات عاجلة: مثل PEN International وHuman Rights Watch وCedar Centre وEuroMed Rights وغيرها، دعت الإمارات إلى الكشف عن مكانه ومنحه حقوقه القانونية الأساسية وحق الاتصال بأسرة ومحام، كما دعا خبراء دوليون وأمميون إلى ذلك

الاتهامات الرسمية (غير المثبتة): التهم التي وجهتها السلطات الإماراتية ضده تتعلق بـ"تقويض الأمن العام" و"نشر معلومات كاذبة"، إلا أنه حتى الآن لم يتم تقديم أي ملف قضائي أو موثق قانونيًا لعائلته أو محاميه، ما يؤكد الطبيعة السياسية للإجراءات.
 

السياق الأوسع.. القمع العابر للحدود
هذه الحالة ليست منعزلة؛ بل تمثل جزءًا من سياسة القمع العابر للحدود التي تمارسها بعض الدول ضد المعارضين في الخارج:

التعاون السعودي-الإماراتي-المصري في ملاحقة المعارضين في المهجر باتت ظاهرة واضحة، ويظهر مثل ذلك في تسليمهم بطرق شبه سرية عبر "التنظيم الأمني العربي" الذي وفّر غطاءً رسميًا لعمليات الترحيل السياسي.

الانتقادات الدولية: الحقوقيون يرون أن هذه الممارسات تؤسس "سابقة خطيرة" تستخدم أدوات التعاون الأمني لقمع الأصوات المعارضة، حتى خارج الحدود الوطنية، في تجاهل تام للمعايير القانونية الدولية المتعلقة بعدم التسليم إلى دول يحتمل فيها التعذيب أو الإخفاء القسري
 

آثار في الداخل والخارج

  • العائلة والمحامون محرومون من التواصل: حتى اللحظة، لا توجد معلومات واضحة عن حالة الاحتجاز، هوية الجهة القضائية، أو إمكانية زيارته من قبل السفارة/القنصلية التركية أو محاميه
  • الردود الحقوقية: منظمات حقوق الإنسان الثلاثينية (Egyptian Human Rights Forum، PEN International، HRW، وغيرهم) أطلقت عدة بيانــات تطالب بالإفراج الفوري والمعلومات الكاملة والإفراج عن عبد الرحمن وإعادته إلى تركيا، حيث هو مواطن ويقيم هناك
  • تهديد لبنية حرية التعبير: تشير HRW وحقوقيون آخرون إلى أن هذه الحالة تعكس نموذجًا لتضييق حرية التعبير بشكل دولي، حيث يُرسل المعارض إلى بلد آخر لتُشطب حقوقه وتُسلب منه حتى أدنى معايير العدالة الدولية


لماذا "206 يومًا من العار"؟

  • رقم صادم وليس مجرد مدة: مرور أكثر من 206 يومًا دون أي أثر يدل على مكان تواجده ومع من وضمن أي ظروف، تكرس حالة من الإفلات من العدالة، وتطرح أسئلة أخلاقية وقانونية حول التزام الدولة بحقوق الإنسان.
  • تمثيل لحالة مستمرة: ليس مجرد تعبير شعبي أو استعارة، بل هو رقم حقيقي يمثل نصف عام من الصمت والغياب عن الإعلانات الرسمية.
  • دلالة سياسية: يقترن بخسارة القيم الدولية المتعلقة بحرية الرأي، والتوصيف بأنه "عار" للدولة التي تنتمي إلى نظام قانوني مفترض الالتزام بالمعايير الدولية، خاصة في تعاملها مع معارض يعيش خارج أرضها.
     

الأسئلة المفتوحة: إلى متى؟

يطرح المجتمع المدني، الحقوقيون، ووسائل الإعلام أسئلة جسام:

  • متى تقوم الإمارات بالإفراج عن عبد الرحمن؟
  • هل ستسمح له بالتواصل مع محام أو عائلته؟
  • هل ستعتقل أو تحاكم أي شخص آخر شارك في قضيته في المستقبل؟
  • هل ستواجه أي مساءلة دولية حقيقية بناءً على معايير جرائم اختفاء قسري أو تعذيب؟
     

توصيات الحقوقيين والدعوات الدولية

  • كشف فوري عن مكانه الحالي وفقًا لاتفاقيات الأمم المتحدة المعنية بالإخفاء القسري (CDP) وحقوق الإنسان (ICCPR، CAT)
  • السماح باتصالات دورية مع المحاماة الموثوقة والأسرة، وتمكين الزيارات القنصلية للتأكد من سلامته.
  • حقوق المحاكمة العادلة: إذا كانت هناك تهم رسمية، يجب إعلانها، وتمكينه من الدفاع عن نفسه أمام سلطة قضائية مستقلة.
  • الإفراج الفوري وغير المشروط، وإعادته إلى تركيا حيث هو مواطن ومستقر، دون قيد أو شرط.
  • تحرك دبلوماسي من حكومات مثل المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول التركية بشأن التزام الإمارات بمعايير حقوق الإنسان في إطار الاتفاقيات الاقتصادية والسياسية المشتركة

على الرغم من مرور أكثر من 206 يومًا منذ اختفائه، فإن العالم لا يزال يطالب بالإجابة: هل ستستمر الإمارات في هذا المستوى من السرية القاتلة؟ هل سيستمر الصمت الرسمي، أم أن الضغط الدولي والدبلوماسي سينجح في إنهاء هذه "عشرة أشهر من العار"؟

قضية عبد الرحمن يوسف ليست مجرد قضية شخصية، بل نموذج عن خطر القمع السياسي عبر الحدود وكيف يمكن أن يخترق الأنظمة الرقمية والقانونية معًا كي تسحق صوتًا أدبيًا، شاعرًا نطق بالحرية.

مهما تغير الوقت، تبقى الحرية والصوت الحر عنوانًا لا يُقمع. ما زال الأمل أن يُكتب نهاية هذه القصة بإطلاق حرية عبد الرحمن يوسف وإعادته إلى وطنه الحقيقي، تركيا، وساحة عبوره الحقيقي: حرية الفكر والكلمة.