ناشدت عشرات العائلات، عبد الفتاح السيسي التدخل العاجل للإفراج عن أبنائها المعتقلين منذ أكتوبر 2023، على خلفية اتهامات تتعلق بدعم القضية الفلسطينية وقطاع غزة، في أعقاب العدوان الإسرائيلي الدموي على القطاع وبداية عملية "طوفان الأقصى".
وجاءت المناشدة في رسالة مفتوحة تم تداولها على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، وجرى توجيهها إلى عدد من المحامين الحقوقيين وأعضاء لجنة العفو الرئاسي، وسط حالة من الإحباط والغضب بين الأسر التي فقدت معيلها الوحيد، أو حُرم أبناؤها من التعليم والرعاية، بينما يقبع ذووهم في السجون بلا محاكمة أو حتى توجيه تهم واضحة.
خلف القضبان منذ أكتوبر: تضامن مع غزة يُقابل بالاحتجاز
تؤكد العائلات أن أبناءها جرى اعتقالهم بين 20 و27 أكتوبر 2023، في ذروة الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها مصر آنذاك تضامنًا مع غزة. وشهدت تلك الأيام تظاهرات عفوية رفع فيها المتظاهرون العلم الفلسطيني، ونددوا بالقصف الإسرائيلي الوحشي، في مشاهد لاقت تفاعلًا واسعًا لكنها وُوجهت لاحقًا بحملات اعتقال ممنهجة.
الرسالة أكدت أن المحتجزين لا ينتمون إلى أي جماعات ولا شاركوا في أنشطة عنيفة، بل مارسوا حقهم في التعبير السلمي عن موقف شعبي تاريخي لطالما اعتبرته مصر جزءًا من وجدانها وهويتها.
وقد استشهدت العائلات بتصريحات متكررة للسيسي يؤكد فيها دعمه للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، داعية إياه إلى ترجمة هذا الدعم عبر الإفراج عن أبنائهم الذين اعتُقلوا لأنهم "نطقوا بما في ضمير الأمة".
مآسي إنسانية داخل السجون: آباء يرحلون، وأبناء يُحرمون من وداعهم
أشارت الرسالة إلى أن عددًا من المحتجزين فقدوا أحد الوالدين أثناء فترة الاحتجاز، دون السماح لهم بتوديعهم أو حضور الجنازات، في انتهاك صارخ للحقوق الإنسانية. كما حُرم آخرون من استكمال تعليمهم الجامعي أو أداء الامتحانات، بينما لم تُمنح أسرهم أي معلومات واضحة عن تطورات قضاياهم، في ظل غياب المحاكمات وتباطؤ التحقيقات.
وأضافت الرسالة: "طالت التحقيقات دون أفق واضح، وأصبح ظلها علينا عاتمًا وواقعها قاسيًا، ولا نعلم متى ستنتهي هذه المحنة".
وتضمنت الرسالة قائمةً بأسماء العشرات من المحتجزين، من ضمنهم طلاب جامعات، وعمال، وحرفيون، بعضهم يُعيل أسرًا مكونة من أطفال ونساء مسنّات. ويخضع معظمهم للتحقيق في قضايا أرقام 2468 و2469 و2635 لسنة 2023، وهي القضايا التي تُستخدم، وفقًا لمحامين، لتجميع عدد كبير من الموقوفين على خلفيات سياسية أو مرتبطة بالتعبير عن الرأي.
دعوات إلى الرئاسة والنائب العام: أوقفوا دوامة الاحتجاز التعسفي
وجهت العائلات في رسالتها نداءً إلى مؤسسة الرئاسة، وإلى النائب العام، ولجنة العفو الرئاسي، مطالبةً بتدخل عاجل للإفراج عن أبنائها المحتجزين منذ أكثر من تسعة أشهر دون محاكمات أو وضوح في الإجراءات القضائية، مشددة على ضرورة إنهاء معاناة تمتد يومًا بعد يوم، وتحرمهم من الحياة الكريمة والأمل.
تقارير حقوقية تدق ناقوس الخطر: قمع التضامن مع فلسطين
تأتي هذه المناشدة في سياق أوسع من الانتقادات الحقوقية التي وُجهت إلى السلطات المصرية خلال الأشهر الماضية، حيث اتهمت منظمات حقوقية بارزة الدولة باستخدام قوانين مكافحة الإرهاب والتجمهر لقمع التضامن الشعبي مع فلسطين.
منظمة "هيومن رايتس ووتش"، و"المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، من بين منظمات وثّقت حملات الاعتقال التي طالت مئات المصريين في أعقاب تظاهرات أكتوبر الماضي. وأكدت هذه المنظمات أن الاتهامات الموجهة إليهم تتضمن تهمًا فضفاضة مثل "الانضمام إلى جماعة إرهابية"، و"نشر أخبار كاذبة"، و"إساءة استخدام وسائل التواصل"، مشيرة إلى أن المحتجزين يُحبسون احتياطيًا لفترات تتجاوز الحد القانوني، في ظروف احتجاز كثيرًا ما توصف بأنها غير إنسانية.
ختام الرسالة: "أنصفونا قبل أن تنطفئ أرواحنا من الانتظار"
اختتمت العائلات رسالتها بنداء يحمل الكثير من الألم والأمل في آن:
"نحن لا نطلب إلا العدالة، والرحمة، وفرصة لأبنائنا كي يعودوا إلى بيوتهم، إلى مدارسهم، إلى أهلهم.. لا تتركوا هذه المحنة تطول أكثر، أنصفونا قبل أن تنطفئ أرواحنا من الانتظار."