أعلنت منظمات حقوقية، وفاة المعتقل السياسي فريد محمد شلبي داخل أحد مقار جهاز الأمن الوطني في محافظة كفر الشيخ، بعد نحو ثلاثة أسابيع من الإخفاء القسري، وذلك في ثالث حالة وفاة لمعتقل خلال 48 ساعة، ما يرفع عدد الوفيات داخل السجون وأماكن الاحتجاز إلى 24 حالة منذ مطلع عام 2025، وفقًا لتقارير حقوقية مستقلة.
وذكرت منظمة "هيومن رايتس إيجيبت" أن السجين الراحل كان في العقد السادس من عمره، وقد اعتُقل مؤخرًا بعد سنوات من المطاردة الأمنية، ليخضع لاحقًا للاحتجاز في مقر تابع لجهاز الأمن الوطني، حيث تعرض لتعذيب شديد أدى إلى وفاته، بحسب ما أفادت المنظمة.
وأوضحت المنظمة أن السلطات دفنت جثمان شلبي مساء الثلاثاء 29 يوليو في جنازة جرت وسط تكتم أمني كبير، تحت حراسة مشددة ضمت ما لا يقل عن خمس سيارات شرطة، دون السماح لأفراد أسرته أو محاميه بالحضور أو معرفة ملابسات الوفاة بشكل واضح، في مشهد يعكس سعي الأجهزة الأمنية لطمس الحقيقة ومنع أي توثيق للواقعة.
بدورها، حمّلت مؤسسة "عدالة لحقوق الإنسان" السلطات المسؤولية المباشرة عن وفاة شلبي، مؤكدة تعرضه لتعذيب ممنهج داخل مقر الاحتجاز أدى إلى مقتله. وأشارت إلى أن إبلاغ الأسرة بوفاته تم من دون توضيح للأسباب أو تسليم أي تقارير طبية رسمية، مما يعزز الشكوك حول نية متعمدة لإخفاء تفاصيل ما حدث. وطالبت المؤسسة بـفتح تحقيق دولي عاجل وتقديم المتورطين إلى المحاكم الجنائية الدولية بتهم تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان وارتكاب جرائم تعذيب وإخفاء قسري.
في السياق نفسه، أصدرت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان" بياناً وصفت فيه الحادثة بأنها "جزء من سلسلة متصلة من الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها السجناء السياسيون"، لا سيما داخل مقار الأمن الوطني ومراكز الاحتجاز التابعة لوزارة الداخلية. وشددت الشبكة على أن "استمرار الإفلات من العقاب، وغياب الرقابة القضائية المستقلة، والتواطؤ الواضح من بعض الجهات الرسمية، يؤدي إلى تكرار مثل هذه الجرائم دون رادع".
وتُعد وفاة فريد شلبي الحلقة الأحدث في سلسلة طويلة من الوفيات داخل السجون، حيث تُعاني المنظمات الحقوقية المحلية والدولية من صعوبات هائلة في توثيق هذه الحالات، نظراً لغياب الشفافية ومنع الزيارات المستقلة لمقار الاحتجاز، فضلاً عن رفض الدولة الإفصاح عن الأعداد الحقيقية للمعتقلين أو عن ظروف احتجازهم.
وعلى الرغم من النفي الرسمي المتكرر لوجود معتقلين سياسيين في مصر، إلا أن تقارير حقوقية محلية ودولية تؤكد أن السجون ومراكز الاحتجاز، تضم عشرات الآلاف من السجناء السياسيين، معظمهم احتُجزوا على خلفية تعبيرهم عن الرأي أو مشاركتهم في أنشطة سياسية سلمية، في ظل حملة قمع موسعة تشنها السلطات منذ عام 2013.
وتُعرّف المنظمات الحقوقية "السجين السياسي" بأنه كل من تم احتجازه بسبب انتمائه الفكري أو السياسي أو الديني، أو مشاركته في مظاهرات سلمية، أو تعبيره عن الرأي عبر وسائل الإعلام أو شبكات التواصل الاجتماعي، وهي التعريفات التي تنطبق على آلاف المحتجزين حالياً. وتُقدّر منظمات مثل "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" عدد السجناء السياسيين في مصر بنحو 60 ألف معتقل، في غياب إحصائيات رسمية.