بدأ المحامون سلك طريقا قانونيا جديدا ضد قرارات زيادة الرسوم القضائية التي أصدرها مجلس رؤساء محاكم الاستئناف في مارس الماضي، معتبرين تلك المؤسسة لا سند لها قانونا لوجود نص أول حكم قضائي صادر منذ 17 عاماً ينسف شرعيتها، مؤكدين بوضوح أن هذا المجلس كيان لا وجود له في القانون أو الدستور، وأن قراراته، وعلى رأسها زيادة الرسوم القضائية ، تُعد غير سارية؛ لصدورها عن جهة لا تتمتع بأيّ سند قانوني أو شخصية اعتبارية.
وكان مجلس رؤساء محاكم الاستئناف على مستوى الجمهورية المصرية قد أصدرت قراراً بزيادة رسوم التقاضي بداية من أول مارس الماضي جدلاً واسعاً داخل الأوساط القانونية والشعبية، وتأزم الموقف بإعلان نقابة المحامين التصعيد والبدء في الإضراب الشامل أمام محاكم الاستئناف احتجاجاً على هذه الزيادات.
وأوضحت مصادر قضائية أنّ الحكم أصبح نهائياً وباتاً منذ سنوات، لكن جرى تجاهله، ربما تحت ضغط سياسي أو لاعتبارات تتعلق بتمركز سلطة اتخاذ القرار القضائي خارج الأطر الدستورية.
وأكد مصدر قضائي أن القانون لم ينصّ إلّا على وجود مجلسَين قضائيَين لا ثالث لهما، وهما مجلس تأديب القضاة والمجلس الأعلى للقضاء، وأن أي كيانات أخرى تدخل في نطاق "المجالس المنتحلة" التي لا تستند إلى أي أساس قانوني أو دستوري.
ليس له وجود قانوني
وأكد المستشار عصام رفعت، القاضي السابق بمجلس الدولة، أنه طوال فترة عمله قاضياً بالمجلس، لم تتوفر لديه معلومات تفيد بغير صدور حكم نهائي يقضي بوقف قرار إنشاء مجلس رؤساء محاكم الاستئناف، وذلك استناداً إلى عدم دستوريته ومخالفته للقانون، مشدداً على أن هذا المجلس "ليس له وجود قانوني أو دستوري أو في قانون السلطة القضائية".
دعوات لوقف هذا الكيان المنتحل
أضاف القاضي السابق، أنّ أي شخص منصف، وأي قاضٍ أو قانوني عادل وملم بالقانون، يعلم تمام العلم أن موقف وقرارات ما يسمّى بمجلس رؤساء محاكم الاستئناف هي قرارات باطلة جملة وتفصيلاً، لا سند لها ولا يوجد أساس قانوني تستند إليه، وأنّها مجرد قرارات إدارية صادرة من كيان ليس له أي شخصية اعتبارية تخوله إصدار مثل هذه القرارات المؤثرة على سير العدالة وحقوق المتقاضين، التي كان آخرها زيادة رسوم التقاضي.
وكشف المستشار رفعت عن قيامه، بالاشتراك مع فريق قانوني يضمّ قضاة وخبراء في القانون والدستور، بإعداد مذكرة قانونية مفصلة تتناول الموقف الراهن للأزمة، وتتناول شرعية مجلس رؤساء محاكم الاستئناف، وما يترتب على ذلك من بطلان للقرارات الصادرة عنه، وفي مقدمتها قرار زيادة رسوم التقاضي الذي أثار الأزمة الأخيرة.
وأوضح المستشار رفعت أن هذه المذكرة سيجري تقديمها إلى الجهات المعنية، وعلى رأسها رئيس الجمهورية بصفته رئيس المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية، وذلك "للتدخل وحل الأزمة والفصل بين طرفَي النزاع"، كما سيجري إرسال نسخة من المذكرة إلى مجلس القضاء الأعلى ورئيس محكمة النقض ورئيس محكمة استئناف القاهرة، "لإطلاعهم على تأزم الموقف القانوني للقرارات الصادرة، وتأزم الموقف بين القضاة والمحامين، ما قد يؤثر على تعطيل مرفق العدالة والتأثير على حقوق المتقاضين".
وكان المحامون قد اتخذوا خطوات تصعيدية من قبل المحامين المصريين، للمطالبة بإلغاء القرار الذي وصفوه بـ"غير الدستوري" الصادر عن رؤساء محاكم الاستئناف، بفرض رسوم "غير مسبوقة على عدد من إجراءات التقاضي، حال مباشرة حقوق التقاضي والدفاع تحت مسمى (مقابل الخدمات المميكنة)، ومدى تأثير ذلك القرار في حق التقاضي".
وقبل الشروع في الخطوات التصعيدية، كانت النقابة قد وجهت نداءً لمجلس القضاء الأعلى، وممثليه من قضاة مصر والمستشارين رؤساء محاكم الاستئناف، لدعوتهم إلى "إعادة النظر في هذه الرسوم، مع التوجيه بوقف العمل بأي قرارات جديدة صدرت في هذا الشأن لحين إعادة النظر فيها وردها إلى أطرها القانونية من حيث المشروعية والشكل والتقدير المكافئ للخدمة".
ومنذ تفاقم الأزمة، أكدت النقابة أنها سعت للتفاوض المباشر مع مصدري القرار، داعية إلى إعادة النظر فيه، في ضوء المصلحة العامة والواقع الاقتصادي للمواطن المصري، إلا أن تلك الجهود لم تُقابل بالاستجابة المأمولة.