نشرت العربي الجديد تقريرًا للصحفي عمرو إمام يناقش إمكانية دخول مصر في الحرب السودانية، بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر، وهو موقع استراتيجي بالغ الأهمية للتجارة والتهريب.

في يونيو الماضي، بسطت قوات الدعم السريع سيطرتها على هذا المثلث، رغم تراجعها مؤخرًا أمام الجيش السوداني في جبهات عدة.
وتُعد هذه السيطرة مكسبًا نفسيًا واستراتيجيًا، خاصة أن المنطقة تمثّل عقدة وصل بين ثلاث دول. أعلن الجيش السوداني أنه انسحب منها لأغراض دفاعية، لكنه أرسل تعزيزات لاستعادتها لاحقًا.

يعكس تحرك الدعم السريع في هذه المنطقة رغبته في توسيع نفوذه شمال غرب السودان، على مقربة من الحدود المصرية.
وأشار المحلل السوداني عثمان ميرغني إلى أن الميليشيا تسعى للسيطرة على خطوط الإمداد من ليبيا وتشاد، وحرمان الجيش السوداني من التموين.

تحاول قوات الدعم السريع كذلك السيطرة على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، ما قد يمهّد لتوسّعها في مناطق واسعة شمال غرب السودان.
وإذا نجحت في ذلك، فقد تقطع الصلة بين السودان من جهة وليبيا وتشاد من جهة أخرى، ما يثير قلق مصر لأسباب أمنية وجيوسياسية.


اختبار صعب لمصر

التزمت مصر الحياد العسكري منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، وانخرطت سياسيًا بعمق في محاولة حل الأزمة.
استضافت القاهرة لقاءات عديدة، منها قمة لجيران السودان في يوليو 2023، كما جمعت أطرافًا سودانية لمحاولة توحيد الصف.

انضمت مصر مؤخرًا إلى "الرباعية الخاصة بالسودان" بدلًا من المملكة المتحدة، ما يعكس دورها الدبلوماسي المتصاعد.
غير أن المخاوف تتزايد في القاهرة من تحول حدودها مع السودان إلى بؤرة فوضى وتهديد أمني، في ظل اضطراب حدودها الغربية مع ليبيا أيضًا.

حلّل الباحث المصري عبد المنعم حلاوة الموقف قائلًا إن مصر عززت تأمين حدودها الجنوبية تحسبًا لتدفّق اللاجئين السودانيين وتسلل عناصر غير شرعية.
وأشار إلى أن المنطقة التي سيطر عليها الدعم السريع معروفة بكونها مركزًا للتهريب، ما يفاقم التحديات الأمنية.

تخشى مصر من تمدّد الفوضى إلى ما تعتبره "حديقتها الخلفية"، كما تتخوّف من تأثير ذلك على الملاحة في قناة السويس.
فقد خسرت القاهرة شريكًا تجاريًا هامًا، واستقبلت مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين، ما أثقل كاهل اقتصادها المتدهور.


هل تتدخل مصر عسكريًا؟

رغم أن القاهرة لم تدخل عسكريًا بعد، يظل احتمال التورّط قائمًا، خاصة مع اتهامات متكررة يوجهها قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو لمصر بدعم الجيش السوداني وشن غارات جوية.
مصر لا تخفي دعمها للجيش السوداني، إذ تنظر إلى دعم الجيوش الوطنية كجزء من سياستها الخارجية في الإقليم، كما تفعل في ليبيا واليمن ولبنان.

زار رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان مصر عدة مرات خلال السنوات الثلاث الماضية، كما زار مسؤولون مصريون بارزون مدينة بورتسودان، العاصمة السياسية المؤقتة.

وتزامنًا مع تحركات الدعم السريع لإقامة كيان مستقل شمال غرب السودان، تطرح تساؤلات حول ما إذا كانت مصر ستسمح بوجود دولة على حدودها تُسيطر عليها ميليشيا متهمة بتهريب السلاح والوقود والبشر.

أشارت الخبيرة في الشؤون الإفريقية، هبة البشبيشي، إلى خطط محتملة لفصل الإقليم الشمالي الغربي عن بقية السودان، نظرًا لأهميته الاقتصادية والجيوسياسية.
ويرى محللون آخرون أن أي محاولة من الدعم السريع لترسيخ سيطرته على هذه المنطقة قد تدفع الجيش المصري للتدخل.

قال حلاوة، إن مصر لا يمكنها السماح بوجود ميليشيا على حدودها تهدد أمنها، خاصة أن هذه المنطقة قريبة من مشروعات زراعية عملاقة في الصحراء الغربية، ما يجعلها على صلة مباشرة بالأمن القومي والغذائي.

كذلك تقع هذه المنطقة قرب جبل العوينات، وهو سلسلة جبلية تفصل مصر وليبيا والسودان، ما يزيد حساسية الموقع.
يخشى المصريون من أن يصبح هذا الممر مركزًا للتهريب نحو الداخل، أو بوابة للربط بين جماعات إرهابية تنشط في الساحل الإفريقي وشمال إفريقيا.

يرى محللون في القاهرة أن اندماج التنظيمات الإرهابية في الساحل الإفريقي مع نظيراتها في الشمال سيشكّل كارثة إقليمية، تهدد الأمن المصري المباشر.
ولفت حلاوة إلى أن الساحل الإفريقي أصبح خلال السنوات الأخيرة بؤرة لنشاط الجماعات المتطرفة، تغذّيها هشاشة الأوضاع الأمنية في المنطقة.

https://www.newarab.com/analysis/rsf-its-doorstep-could-egypt-enter-sudans-war