في 3 يوليو 2025، أعلنت إثيوبيا رسميًا عن اكتمال بناء سد النهضة على نهر النيل، وهو المشروع الذي أثار توترات كبيرة مع دولتي المصب مصر والسودان، اللتين تعتمدان بشكل كبير على مياه النيل، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أمام البرلمان الإثيوبي أن العمل في السد "بات منجزًا" وأنهم يستعدون لتدشينه رسميًا في سبتمبر 2025، داعيًا مصر والسودان إلى مفاوضات جديدة ووصف السد بأنه "فرصة مشتركة" وليس تهديدًا.
أكد آبي أحمد أن تشغيل السد سيبدأ خلال الأشهر الستة المقبلة، مع تحديد موعد الافتتاح الرسمي في سبتمبر 2025، وأكد في كلمته أن التنمية في إثيوبيا لن تكون على حساب دول المصب، وأن السد لن يؤدي إلى نقص ملحوظ في حصص المياه لمصر والسودان، مع دعوته جميع دول حوض النيل إلى الاحتفال بهذه "المحطة التاريخية".
الموقف المصري الرسمي.. رفض قاطع واستمرار سياسة الانفراد
في المقابل، أبدت حكومة الانقلاب في مصر، بقيادة وزير الموارد المائية والري هاني سويلم، رفضًا قاطعًا لما وصفته بـ"سياسة إثيوبيا في فرض الأمر الواقع من خلال إجراءات أحادية" تتعلق بنهر النيل، معتبرًا ذلك "انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي" و"عدم التوصل إلى اتفاق ملزم" رغم 12 عامًا من المفاوضات.
كما أكد وزير خارجية الانقلاب المصري بدر عبد العاطي أن مصر "لن تسمح تحت أي ظرف بالمساس بحقوقها المائية"، وأنها "تحتفظ بحقها في الدفاع عن النفس وعن مصالحها المائية إذا تعرضت لأي تهديد"، في إشارة ضمنية إلى خيارات متعددة للدفاع عن حصتها.
حجم الأزمة المائية المصرية
تعتمد مصر على مياه نهر النيل لتأمين نحو 97% من احتياجاتها المائية، حيث تبلغ حصتها السنوية من مياه النيل 55.5 مليار متر مكعب، في حين تتجاوز احتياجاتها المائية 90 مليار متر مكعب سنويًا، ما يجعل أي تقليل في حصتها تهديدًا مباشرًا لأمنها المائي والغذائي.
هذا التفاوت الكبير في الاحتياجات مقابل الحصة يجعل الموقف المصري حساسًا للغاية تجاه أي تغييرات في تدفق مياه النيل.
موقف المصري متخاذل وسط تصعيد إثيوبي
على الرغم من خطورة الموقف، بدا الرد المصري الرسمي متحفظًا ومتوترًا في الوقت نفسه، حيث لم تتخذ حكومة الانقلاب خطوات عملية حاسمة لوقف أو تعديل مسار السد، مكتفية بالتصريحات الرافضة والمطالبة بالتفاوض، رغم إعلان إثيوبيا عن بدء تشغيل السد رسميًا.
هذا الموقف يعكس ضعفًا في القدرة على مواجهة التحدي الإثيوبي، ويثير تساؤلات حول جدية الحكومة في حماية الحقوق المائية لمصر.
انقلاب 2013 وتأثيره على السياسة الخارجية المصرية
يأتي هذا الموقف في ظل حكم عبد الفتاح السيسي الذي وصل إلى السلطة عبر انقلاب عسكري في 3 يوليو 2013، حيث عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، وأوقف العمل بالدستور، وفرض إجراءات أمنية وسياسية مشددة داخل البلاد.
هذا السياق السياسي يعكس حالة من التوتر الداخلي والاحتقان، وهو ما قد يؤثر على قدرة الحكومة على إدارة الأزمات الخارجية بفعالية، بما في ذلك أزمة سد النهضة التي تعتبر من أهم تحديات الأمن القومي المصري في السنوات الأخيرة.
هذا التقرير يوضح بجلاء أن إعلان إثيوبيا عن إكمال سد النهضة يشكل نقطة فاصلة في الأزمة، وأن رد حكومة السيسي جاء متخاذلًا رغم خطورة التهديد على الأمن المائي المصري، وسط استمرار التوترات السياسية الداخلية التي تعيق اتخاذ مواقف أكثر حسمًا.