أطلقت الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية (حق الناس) هجومًا لاذعًا ضد الحكومة والبرلمان، عقب تمرير الأخير لتعديلات قانون الإيجار القديم، واصفة ما جرى بأنه "أخطر قانون في تاريخ التشريع المصري"، ومؤكدة أن ما يحدث هو "أكبر عملية طرد جماعي تطال 15 مليون مواطن".
ويشمل القانون المعدل، بحسب الجبهة، إنهاء العلاقة الإيجارية لقرابة 3 ملايين وحدة سكنية وتجارية، وهو ما يعني فعليًا تهجير ملايين الأسر من منازلهم أو مواقع عملهم، دون توفير بدائل واقعية أو ضمانات اجتماعية.
قانون دون توافق مجتمعي.. "إلغاء العلاقة الإيجارية" جوهر الأزمة
واعتبرت الجبهة أن الحكومة استغلت حكم المحكمة الدستورية العليا الذي اقتصر على ضرورة "تحريك القيمة الإيجارية"، لتقوم بتمرير تعديل قانوني يُنهي عقود الإيجار بشكل نهائي، من خلال المادة الثانية التي تبيح إنهاء العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر، دون الالتفات إلى أي حوار مجتمعي حقيقي أو الاعتبار لمقترحات التوازن بين الحقوق.
وأكد البيان الصادر عن الجبهة أن هذا القانون لم يأتِ تتويجًا لنقاش عام أو حوار وطني، بل "فُرض فرضًا بإرادة نيابية خاضعة لضغوط المصالح الاقتصادية الكبرى، بما في ذلك ملاك كبار ورجال أعمال ومستثمرين عقاريين محليين وأجانب"، على حد وصفهم.
تحذيرات من "كارثة اجتماعية" وسقوط للسلم الأهلي
وقالت الجبهة إن تمرير القانون بهذا الشكل العنيف يفتح الباب أمام "انفجار اجتماعي" محتمل، ويشكّل تهديدًا صريحًا للسلم الأهلي، خاصة مع غياب برامج حماية للفئات المتضررة، والتي تشمل كبار السن، ونساء معيلات، وطبقات عاملة لا تملك بديلاً سكنيًا ولا قدرة على تحمل أسعار الإيجارات الجديدة في السوق.
وأضاف البيان أن ما جرى هو "سقطة كبرى للبرلمان والحكومة معًا"، متهمًا الأغلبية البرلمانية بـ"التصويت لصالح التشريد"، في مشهد يعكس "تغليبًا سافرًا للمصالح الخاصة على الحقوق الاجتماعية لملايين المواطنين".
الشارع والمحاكم.. خريطة المقاومة القادمة
وفي لهجة تصعيدية واضحة، أعلنت الجبهة الشعبية أنها ستخوض معركة مقاومة القانون على مسارين متوازيين: التحرك الشعبي في الشارع، والمسار القانوني أمام المحاكم، وفي مقدمتها المحكمة الدستورية العليا.
وأوضحت الجبهة أنها بدأت فعليًا في تشكيل "روابط المستأجرين" في مختلف المحافظات والأحياء، تمهيدًا لتحركات جماهيرية سلمية وواسعة النطاق، على غرار مؤتمراتها السابقة في القاهرة والإسكندرية، والتي كشفت حجم الغضب المتصاعد ضد مشروع القانون منذ بداياته.
كما أعلنت عن حملة سياسية تستهدف "فضح ومحاسبة النواب الذين صوّتوا لصالح القانون"، مؤكدة أنها ستقود حملات "تصويت عقابي" في أي استحقاقات انتخابية مقبلة، بهدف إزاحتهم من المشهد السياسي.
دعوة للسيسي بعدم التصديق على القانون
من جهة أخرى، دعت الجبهة عبدالفتاح السيسي، إلى عدم التصديق على القانون، واحترام مشاعر وحقوق الملايين من المتضررين الذين لم يتم تمثيلهم في القرار، مؤكدة أن المضي قدمًا في تنفيذ القانون يعني "تشريدًا جماعيًا باسم العدالة الاجتماعية".
وحذر البيان من تجاهل الأصوات الرافضة، مؤكدة أن "قضية السكن ليست سلعة في سوق المضاربات العقارية، بل حق إنساني ودستوري لا يمكن التنازل عنه"، وأن تمرير القانون بهذا الشكل هو بمثابة إعلان حرب اجتماعية على الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
رفض نيابي جزئي ومخاوف داخل البرلمان
ورغم تمرير القانون بأغلبية مريحة، فقد وجهت الجبهة تحية للنواب الذين رفضوا الانصياع لما وصفته بـ"الضغوط"، مؤكدين أنهم وقفوا مع صوت الشعب وضد ما أسموه "الإقطاع العقاري الجديد".
وتداولت تقارير إعلامية أن جلسة التصويت شابها توتر، وسط انسحاب بعض النواب، واعتراضات قانونية حول دستورية بعض مواد القانون، خاصة تلك المتعلقة بالإخلاء القسري وتجاهل سنوات الإقامة الطويلة في العقارات المؤجرة.