أنقذت السلطات الليبية، بالتعاون مع خفر السواحل الإيطالي، 93 مهاجرًا غير نظامي، كانوا على متن قارب مطاطي تعطّل في عرض البحر قبالة سواحل مدينة طبرق شرق ليبيا، حسبما أعلنت إدارة خفر السواحل الليبية في بيان رسمي، أمس الاثنين.

وأوضح البيان أن غالبية من تم إنقاذهم يحملون الجنسية المصرية، ويبلغ عددهم 67 مهاجرًا، من بينهم أطفال لم تتجاوز أعمارهم 14 عامًا، إلى جانب مهاجرين من جنسيات أخرى مثل السودان وتشاد.

وتمت عملية الإنقاذ بعد تلقي خفر السواحل بلاغًا عن تعرّض القارب لعطل فني أدى إلى توقف محركه، مما تسبب في بقاء المهاجرين عالقين في البحر على بُعد نحو 20 ميلًا بحريًا شمال شرق طبرق، وسط ظروف جوية وبحرية صعبة.

وأكدت السلطات أن جميع المهاجرين نقلوا إلى مراكز إيواء مؤقتة لتقديم الرعاية اللازمة، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية بشأنهم.

وتم نقل المهاجرين إلى مراكز استقبال مؤقتة في طبرق، حيث قدمت لهم الإسعافات الأولية، بالإضافة إلى توفير الغذاء والمياه الطبية، في انتظار إجراءات التنسيق مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمات حقوق الإنسان لنقلهم إلى مراكز الإيواء أو إعادة ترحيلهم حسب الاتفاقيات الدولية.

يأتي هذا الإنقاذ في ظل تصاعد محاولات الهجرة غير الشرعية عبر البحر الأبيض المتوسط، خاصة من دول شمال إفريقيا إلى أوروبا، حيث يعتبر الساحل الليبي أحد أهم نقاط الانطلاق الرئيسية لمراكب المهاجرين غير النظاميين.

وقد سجلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ارتفاعًا ملحوظًا في عدد محاولات الهجرة عبر ليبيا خلال الأشهر الأخيرة، مع ارتفاع نسبة الوفيات بسبب غرق القوارب أو تعرض المهاجرين للاستغلال والاعتقال.

 

نقطة محورية

حسب تقرير المنظمة الدولية للهجرة (IOM) الصادر في مايو الماضي، فإن ليبيا ما تزال تمثل نقطة محورية في شبكات التهريب والهجرة غير الشرعية، حيث يعاني المهاجرون من ظروف قاسية تشمل الاعتقال في مراكز احتجاز غير رسمية، التعذيب، والاتجار بالبشر، وقد طالبت المنظمات الدولية بضرورة زيادة الدعم الإنساني وتعزيز الأمن البحري لمنع وقوع المزيد من الكوارث في البحر.

وفي هذا السياق، أكد الناطق الرسمي باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ليبيا، أن "هذه العمليات الإنسانية تعكس التحديات الكبيرة التي يواجهها المهاجرون أثناء محاولتهم عبور البحر بحثًا عن حياة أفضل، وتسلط الضوء على الحاجة الملحة لتعاون دولي متزايد من أجل ضمان سلامتهم وحقوقهم."

وتشهد السواحل الليبية بشكل متكرر عمليات إنقاذ مماثلة تنظمها قوات خفر السواحل بالتعاون مع المنظمات الدولية، وسط تحذيرات مستمرة من خطورة الإبحار عبر البحر الأبيض المتوسط في قوارب غير آمنة، خصوصًا مع تزايد حدة الأوضاع الأمنية والسياسية في ليبيا منذ عام 2011، والتي أسفرت عن تفكك مؤسسات الدولة وانتشار الجماعات المسلحة.

 

الفقر دافع رئيسي

تجدر الإشارة إلى أن أغلب المهاجرين المصريين الذين يحاولون عبور المتوسط من ليبيا هم من الشباب الباحثين عن فرص عمل وحياة أفضل في أوروبا، وسط ارتفاع معدلات البطالة والفقر في مناطق مختلفة من مصر، وهو ما دفع كثيرين للمخاطرة بحياتهم في هذه الرحلات الخطرة، وفقًا لتقارير صادرة عن المركز المصري لدراسات الهجرة.

وتشير تقارير دولية إلى أن تصاعد معدلات الفقر والبطالة في مصر، يدفع الكثيرين إلى مغامرة البحر عبر ليبيا، في ظل تراجع فرص العمل، وانهيار قيمة العملة، وارتفاع تكاليف المعيشة، الأمر الذي يدفع بالشباب إلى الارتماء في حضن مافيات التهريب دون أي ضمان للنجاة.

في غضون ذلك، قامت مصر بقمع الهجرة غير الشرعية. وتقول حكومة السيسي إنه لم تغادر أي سفينة تقل مهاجرين بشكل غير قانوني المياه المصرية إلى أوروبا منذ عام 2016، لكن الواقع يعكس ذلك ففي 14 محافظة مصرية تشهد أعلى معدلات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، كما تظهر الأرقام تظهر أن الرجال ما زالوا يغادرون بأعداد أكبر من أي وقت مضى.

لم تقم ليبيا المجاورة بقمع الهجرة غير الشرعية من شواطئها إلا بشكل متقطع. ويستخدم تجار البشر شبكات واسعة في مصر لجذب المهاجرين.