من غير العادل تقييم أداء الإدارة السورية الجديدة أو انتقادها بشكل شامل، إذ لم يمضِ على توليها الحكم سوى شهرين. يمكن تطبيق هذا في دول مستقرة ذات مؤسسات قوية واقتصاد متين، ولكن سوريا تعاني من حالة انهيار شامل، حيث تفتقد إلى هوية وطنية موحدة، وتعاني من انقسامات اجتماعية عميقة، مع تواجد أربع جيوش أجنبية على أراضيها.
بالإضافة إلى ذلك، هناك غياب للاتفاق بين النخب السورية على شكل الدولة والدستور ونظام الحكم، مما يجعل إدارة المرحلة الانتقالية أكثر تعقيدًا.
رغم هذه التحديات، تمكنت الإدارة الجديدة من تحقيق إنجازين رئيسيين: الأول، الحفاظ على السِلم الأهلي، مما منع انتشار أعمال انتقامية واسعة النطاق. والثاني، حماية مؤسسات الدولة من الانهيار والنهب بعد سقوط النظام، وهو ما كان يخشاه كثيرون.
لكن الإدارة تواجه ضغوطًا متزايدة من ثلاثة أطراف رئيسية، مما يجعلها أحيانًا تتخذ قرارات متسرعة ثم تتراجع عنها. هذه الأطراف هي:
1. الشعب السوري، الذي لديه توقعات كبيرة بشأن تحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية.
2. الجهات الداعمة للإدارة، والتي تعتقد أن من حقها حكم البلاد وفق رؤيتها الخاصة.
3. المجتمع الدولي، الذي يطالب الإدارة الجديدة بتقديم أدلة على نبذها الكامل لممارسات النظام السابق والتزامها بتقاسم السلطة.
التحديات الدستورية
أحد الأخطاء الجسيمة هو استمرار العمل في ظل فراغ دستوري بعد تعليق العمل بدستور 2012. لا توجد حتى الآن قاعدة دستورية واضحة تحدد صلاحيات الرئيس الانتقالي أو مدة المرحلة الانتقالية، كما أن تأجيل إصدار إعلان دستوري إلى ما بعد مؤتمر الحوار الوطني يخلق حالة من الضبابية.
السياسات الاقتصادية المثيرة للجدل
رغم البطء في المسار السياسي، هناك تسرع غير مبرر في حسم مصير المؤسسات الاقتصادية، وخاصة مؤسسات الإنتاج. الإدارة الانتقالية لا تملك تفويضًا لاتخاذ قرارات كبرى تؤثر على مستقبل سوريا، مثل خصخصة القطاع العام أو بيع أصول الدولة أو عقد اتفاقيات طويلة الأمد، فهذه صلاحيات يجب أن تكون بيد حكومة منتخبة بناءً على رؤية واضحة يوافق عليها الشعب.
أهمية بناء تحالف وطني داخلي
لا يمكن للإدارة الجديدة الاعتماد فقط على التحالفات الدولية والإقليمية، فنجاحها يتطلب تحقيق توافق وطني داخلي يستند إلى عقد اجتماعي شامل، لأن شرعية أي حكومة تأتي من رضا الشعب وليس من الدعم الخارجي. لذلك، يجب التركيز على تعزيز وحدة المجتمع السوري وتقديم حلول ملموسة لمشاكله الأساسية، بدلاً من الانشغال بالمناكفات السياسية.
تمر سوريا بمرحلة حاسمة، حيث تحتاج الإدارة الجديدة إلى اتخاذ خطوات مدروسة لتجنب الفوضى. من الضروري تحديد إطار دستوري واضح، وعدم التسرع في اتخاذ قرارات اقتصادية مصيرية، والعمل على تحقيق توافق وطني واسع لضمان نجاح المرحلة الانتقالية. فالفشل، لا قدّر الله، قد يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار العميق.
https://www.middleeastmonitor.com/20250207-three-notes-on-the-margins-of-the-syrian-transition/