أثار مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي موجة واسعة من الغضب والصدمة، بعدما ظهرت فيه سيدة تعلن عجزها الكامل عن إعالة أبنائها، وتعرض التنازل عنهم أو “بيعهم” – على حد تعبيرها – في مشهد إنساني قاسٍ عكس حجم الضغوط المعيشية التي تعصف بقطاعات واسعة من المواطنين.
وخلال الساعات الماضية، انتشر الفيديو بشكل كبير عبر مختلف المنصات الرقمية، مرفقًا بتعليقات غاضبة ومطالبات عاجلة بتدخل الجهات المختصة للتحقق من الواقعة، وإنقاذ الأطفال، ومحاسبة المسؤولين عن تردي الأوضاع التي دفعت أمًا إلى هذا الخيار الصادم.
مشهد صادم وكلمات موجعة
يُظهر الفيديو السيدة وهي تتحدث بلهجة يائسة عن أوضاعها الاقتصادية المتدهورة، مؤكدة أنها لم تعد قادرة على توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة لأبنائها.
واستخدمت عبارات صادمة عبّرت عن انسداد كامل في الأفق، ما فتح الباب أمام تساؤلات خطيرة حول مصير الأطفال، ووضعهم القانوني، وحجم الانتهاكات الاجتماعية والاقتصادية التي يتعرض لها الفقراء.
ولم يكن المشهد مجرد حالة فردية معزولة، بل تحوّل إلى رمز لأزمة أعمق، بحسب ما رأى كثير من المتابعين، الذين اعتبروا الفيديو انعكاسًا مباشرًا لانهيار الأوضاع المعيشية وتآكل شبكات الحماية الاجتماعية.
غضب واسع ومطالب بالتحقيق
وتباينت ردود الفعل بين الغضب والحزن، حيث طالب نشطاء وحقوقيون بسرعة تدخل وزارتي التضامن الاجتماعي والداخلية، إلى جانب المجلس القومي للطفولة والأمومة، للتحقيق في الواقعة، وتقديم الدعم اللازم للأم، وضمان حماية الأطفال ومنع أي استغلال محتمل لهم.
كما دعا آخرون إلى عدم الاكتفاء بالتعامل الأمني مع الواقعة، مؤكدين أن الأزمة تتطلب حلولًا اجتماعية واقتصادية جذرية، لا إجراءات مؤقتة أو ردود فعل موسمية.
جذور الأزمة: اقتصاد منهك وأعباء لا تُحتمل
ربط متابعون ومحللون بين الواقعة والانهيار المتسارع في الأوضاع الاقتصادية، في ظل انهيار قيمة الجنيه بشكل حاد، وارتفاع الأسعار بصورة غير مسبوقة، ما جعل تكاليف المعيشة تفوق قدرة ملايين الأسر.
وأشاروا إلى الارتفاع “الصاروخي” في أسعار السلع الأساسية، والمصروفات الدراسية، وكشف العيادات والمستشفيات، فضلًا عن الزيادة الكبيرة في أسعار الأدوية، الأمر الذي حرم قطاعات واسعة من المواطنين من الحصول على الرعاية الصحية والتعليم، ودفع الكثيرين إلى حافة الفقر أو ما دونها.
وبحسب تقديرات رسمية، فإن نسب الفقر في مصر تشهد تصاعدًا ملحوظًا، في وقت تتآكل فيه دخول الطبقة المتوسطة، وتتراجع القدرة الشرائية للمواطنين بشكل حاد، وسط غياب حلول فعالة تخفف من وطأة الأزمة.

