وثّق مواطنون بدء الحكومة في هدم منازلهم بالكامل بمنطقة علم الروم بمحافظة مطروح، تمهيدًا لإخلاء المنطقة وتهجير سكانها قسرًا، دون الحصول على أي تعويضات مالية أو عينية، ودون التوصل إلى أي اتفاق نهائي مع الأهالي، في إطار مشروع استثماري يجري الإعداد له بالشراكة مع شركة «الديار» القطرية.
المقاطع المصورة التي تداولها الأهالي أظهرت الجرافات وهي تزيل المباني وسط صرخات واعتراضات السكان، في مشهد وصفه الأهالي بأنه «هدم سابق لأي حل»، وفرض للأمر الواقع بالقوة، في ظل غياب كامل للتعويضات، أو بدائل واضحة تضمن الحد الأدنى من الاستقرار المعيشي.
علم الروم.. الهدم يسبق كل شيء
منطقة علم الروم، الواقعة بمحافظة مرسى مطروح، تعيش واحدة من أكثر لحظاتها توترًا منذ عقود.
الأهالي يؤكدون أن عمليات الإزالة بدأت فعليًا، بينما لم يتسلّم أي من السكان تعويضًا عن منازلهم أو أراضيهم، ولم تُنفذ الوعود التي طُرحت في اجتماعات سابقة، ما حوّل القضية من خلاف تفاوضي إلى أزمة إنسانية مفتوحة.
ويقول السكان إن الدولة بدأت تنفيذ الإخلاء القسري عمليًا، رغم استمرار اعتراضهم، ورغم عدم توقيعهم على أي اتفاق نهائي، معتبرين أن ما يجري «تهجير بلا مقابل».
لا تعويضات.. ولا التزام رسمي
بحسب شهادات متطابقة من الأهالي، فإن الحكومة لم تصرف أي تعويضات عن المباني أو الأراضي، ولم تلتزم بما سبق تداوله من أرقام أو تصورات.
ويؤكد السكان أن الحديث عن تعويضات متفاوتة أو تقديرات مالية لم يعد له وجود على أرض الواقع، إذ انتقلت الدولة مباشرة إلى مرحلة الهدم، دون دفع جنيه واحد.
أحد الأهالي قال إن ما يحدث «نسف كامل لأي تفاوض سابق»، مضيفًا أن السكان فوجئوا ببدء الإزالة قبل تسوية أوضاعهم، وقبل توفير بدائل حقيقية تضمن لهم السكن أو مصدر الرزق.
رفض جماعي ومحاولات كسر الموقف
خلال الشهور الماضية، رفض غالبية أهالي القرية السماح لموظفي هيئة المجتمعات العمرانية برفع مساحات منازلهم أو أراضيهم، في ظل غياب أي ضمانات.
لكن مع بدء الهدم، يرى الأهالي أن الدولة تجاوزت مرحلة الحصر تمامًا، وانتقلت إلى التنفيذ القسري، في محاولة لكسر الموقف الجماعي الرافض.
وكان الأهالي قد شكّلوا لجانًا لتمثيلهم في التفاوض، إلا أن أعضاء فيها أكدوا أن هذه اللجان جرى تهميشها فعليًا، وأن القرارات تُنفذ الآن دون الرجوع لأي طرف من السكان.
مشروع سياحي على أنقاض القرية
تعود جذور الأزمة إلى اتفاق حكومي مع شركة «الديار» القطرية لتطوير مشروع سياحي ضخم على آلاف الأفدنة في منطقة علم الروم.
وبحسب معلومات متداولة، جرى بالفعل رفع مساحات شاسعة من الأراضي، وجرى إبلاغ الجانب القطري بإمكانية بدء العمل في أجزاء من المشروع، في وقت لم تُحل فيه أزمة السكان الأصليين.
ورغم إعلان الشركة أن التنفيذ الفعلي سيبدأ في 2026، فإن ما يحدث على الأرض يشير إلى تسريع إخلاء المنطقة، ولو على حساب سكانها.
نقل قسري إلى أراضٍ بلا ضمانات
ضمن المخطط، طُرحت فكرة نقل الأهالي إلى منطقة بديلة تُعرف بـ«الغابة الشجرية»، إلا أن الأهالي يؤكدون أن هذا الطرح ظل نظريًا، ولم يُنفذ، ولم تُخصص لهم أي أراضٍ بالفعل.
كما أكدوا أن طبيعة الأرض المقترحة – إن نُفذت – ستكون سكنية فقط، دون مساحات زراعية، ما يعني تدمير نمط حياتهم القائم على الزراعة والرعي.
ومع بدء الهدم، بات الحديث عن الأرض البديلة بلا معنى بالنسبة للأهالي، الذين يواجهون خطر التشريد الفوري.

