تشهد قرية «سملا» بمنطقة علم الروم في مرسى مطروح حالة من الاحتقان المتصاعد، بعد أن فوجئ الأهالي – وفق مصادر محلية – بتراجع الدولة عن القيم التعويضية التي سبق طرحها مقابل إخلاء منازلهم وأراضيهم المقرر تخصيصها لمشروع سياحي تنفذه شركة «الديار القطرية».

 

وبينما يؤكد الأهالي أن التعويضات انخفضت إلى النصف دون إخطار مسبق، يصرّ مسؤولون حكوميون على أن القيم لا تزال «عادلة» وتخضع لمستوى تشطيب المباني.

 

تعويضات متضاربة تزيد التوتر

 

بداية الأزمة تعود إلى عرض حكومي سابق بتعويض قدره 10 آلاف جنيه للمتر الواحد من المباني، وهو العرض الذي رفضه معظم الأهالي مطالبين برفعه إلى 30 ألف جنيه للمتر. لكن أحد سكان القرية ممن وافقوا على رفع مساحة منزله، تفاجأ – لحظة استلام التعويض – بأن القيمة احتُسبت 5 آلاف جنيه للمتر فقط، ما دفعه لرفض استلام المبلغ نهائيًا.

 

المفاجأة فجرت موجة غضب واسعة، دفعت أهالي القرية إلى منع لجان هيئة المجتمعات العمرانية لشهور من رفع مساحات منازلهم إلى حين الاتفاق على «تعويض عادل»، فيما اتهم الأهالي من وصفوهم بـ«المغتربين» – وهم ملاك من خارج المنطقة – بالموافقة على إجراءات الرفع سريعًا، ما اعتبروه ضغطًا غير مباشر على بقية السكان.

 

المجتمعات العمرانية: «الأهالي كانوا على علم»

 

مسؤول بهيئة المجتمعات العمرانية، مشارك في تنفيذ المشروع، قال إن الأهالي حضروا ثلاثة اجتماعات جرى خلالها توضيح أن التعويضات ستتراوح بين 3 إلى 10 آلاف جنيه للمتر حسب تشطيب المباني. لكن قياديين قبليين نفوا بشكل قاطع وجود أي اتفاق مسبق أو علم بهذه الشرائح.

 

ويرى صاحب المنزل الرافض للتعويض أن ربط القيمة التشطيبية بتحديد المبلغ «باب واسع لتقديرات جزافية»، مضيفًا أن الدولة ستهدم المنازل بالكامل، وبالتالي «مستوى التشطيب لا علاقة له بالتعويض».

 

صرف سريع للتعويضات.. بهدف آخر

 

المسؤول الحكومي كشف أن الدولة قررت تسريع صرف تعويضات سملا إلى «مدة غير مسبوقة لا تتجاوز أسبوعًا»، وذلك لإتاحة الفرصة للأهالي لشراء معدات تمكنهم من الدخول كمقاولين فرعيين في المشروع الجديد، وهو عرف شائع في مشاريع الساحل الشمالي.

 

وبحسبه، فقد رفعت الدولة بالفعل مساحات نحو 3700 فدان من أصل 4900 تمثل نطاق المشروع، بينها 1200 فدان كانت مستردة سابقًا من شركة «دلة البركة».

 

غير أن ممثلي الأهالي شككوا في دقة هذه الأرقام مؤكدين عدم وجود دليل على صحة القياسات، بينما رأى قيادي قبلي أن تركّز مساحات واسعة في يد عدد محدود من الأسر مكّن الدولة من تنفيذ جزء كبير من أعمال الرفع دون مقاومة.

 

بدء المرحلة الأولى من المشروع القطري

 

مع التقدم المحقق في الرفع، أبلغت «المجتمعات العمرانية» الجانب القطري بإمكانية بدء أعمال التنفيذ على الأراضي المستردة من «دلة البركة». وكانت شركة «الديار» قد أعلنت سابقًا أن المرحلة الأولى ستبدأ عام 2026 على مساحة 20% من المشروع وتستغرق خمس سنوات، بينما يمتد المشروع كاملًا على مدى 15 عامًا.

 

الأرض البديلة: سكنية فقط بلا زراعة

 

وفق الاتفاق الحكومي، سيُنقل أهالي القرية إلى منطقة «الغابة الشجرية»، وهو اقتراح كان مقبولًا لدى السكان بشرط الحفاظ على نمط حياتهم الزراعي. لكن التطورات الأخيرة فجّرت أزمة جديدة بعد أن أكد مصدر حكومي أن الأرض البديلة «سكنية فقط» ولن تشمل أي مساحات زراعية.

 

المساحات المقترحة تتوزع على ثلاث فئات:

  • 350 مترًا مربعًا
  • 700 متر مربع
  • 1000 متر مربع

 

وذلك بناءً على ملكية كل أسرة، على أن يسمح بالبناء على نصف المساحة فقط، وفق نماذج محددة من الهيئة.

 

فجوة كبيرة بين قيمة التعويض وثمن الأرض البديلة

 

الأهالي يعترضون بشدة على أن الدولة تعوّض الفدان في أرضهم بـ 300 ألف جنيه، بينما تعرض بيع الفدان البديل في «الغابة الشجرية» بـ 840 ألف جنيه. المسؤول الحكومي برر الفارق بأن الأراضي البديلة ستكون «مسجلة ومرفقة»، بينما الأرض الحالية – في معظمها – «وضع يد».

 

لكن الأهالي ردوا بأنهم لم يستطيعوا تسجيل أراضيهم أساسًا بسبب القرارات الحكومية التي علقت إجراءات التسجيل في الساحل الشمالي لسنوات.

 

وعد رسمي سابق: “كله هياخد زَيّ بعضه”

 

أحد الأهالي قال إن ممثلي الهيئة طمأنوا السكان سابقًا بأن التعويضات لن تعتمد على وجود عقد مسجل من عدمه، وإن «الجميع سيُعامل بالتساوي». لكن التطورات الحالية تشير إلى تغيّر كبير في منهج التقدير، ما جعل الأهالي يرون أن التعهدات الأولى لم تُحترم.