تصاعدت أزمة عمال الشركة الحديثة للغاز الطبيعي «مودرن جاس» إلى واجهة الأحداث في محافظتي قنا وسوهاج، بعد إلقاء قطاع «الأمن الوطني» القبض على 16 عاملًا من منازلهم، مساء الجمعة الماضية، على خلفية موجة احتجاجات دخلت أسبوعها الأول، وسط مطالبات واسعة بإنهاء العمل بنظام العقود من الباطن، وتعيين العمال مباشرة في الشركة أسوة بزملائهم المثبّتين.
وبحسب روايات متقاطعة من عمال محتجين في الموقعين، فإن حملة أمنية واسعة استهدفت منازل العمال في توقيت متزامن، أسفرت عن توقيف سبعة من عمال فرع سوهاج، وتسعة آخرين من فرع قنا، في خطوة رأى فيها العمال محاولة لإخماد حراكهم المتصاعد منذ أيام.
احتجاجات تتسع… وإضراب يعم مواقع العمل
بدأت شرارة الاحتجاجات في قنا، حين نظّم العشرات وقفات أمام مقار العمل، اشتكوا خلالها لموظفي مكتب العمل من الاستقطاعات الشهرية التي تُجريها شركة «العربية للتوريدات والمقاولات»—المتعاقِدة من الباطن مع «مودرن جاس»—والتي تقتطع نحو 1300 جنيه من رواتبهم مقابل الوساطة في تشغيلهم داخل الشركة.
ورغم الوعود التي تلقاها العمال من مسؤولي مكتب العمل ببحث شكواهم، لم يتخذ أي إجراء فعلي، ما دفع زملاءهم في سوهاج للدخول في إضراب شامل عن العمل في اليوم التالي، ليتحول الاحتجاج من تحرك محلي إلى موجة ممتدة في أكثر من محافظة.
أحد العمال المضربين، والذي قضى قرابة عشر سنوات يعمل بعقد سنوي مجدد مع «العربية للتوريدات»، قال إن نظام العقود من الباطن جعل آلاف العمال في حالة "عدم أمان وظيفي"، رغم أنهم يقومون بذات المهام التي يتولاها العمال المثبتون في الشركة الأم، مضيفًا أن الخصومات الشهرية الكبيرة تلتهم جزءًا ملحوظًا من دخولهم المحدودة أصلًا.
مطالب واضحة… وغضب متنامٍ
ركزت مطالب العمال على نقطتين أساسيتين:
- التعيين المباشر في «مودرن جاس» بدلًا من العقود السنوية غير المستقرة.
- إلغاء التعامل مع شركة «العربية للتوريدات» التي تحصل على استقطاعات شهرية تُثقل كاهل العاملين.
ورأى العمال أن استمرار نظام المقاولات من الباطن لا يُوفر أي ضمانات اجتماعية أو وظيفية، في حين يتيح للشركة الاستفادة من خبراتهم دون منحهم حقوقًا مساوية للعاملين المثبتين.
خلفية عن الشركة
«مودرن جاس» هي إحدى الشركات التابعة لوزارة البترول والثروة المعدنية، وجاءت نتيجة دمج ثلاث شركات: غاز الأقاليم، وغاز سيناء، وغاز القاهرة. وتمتلك الشركة نشاطًا واسعًا في توصيل الغاز للمنشآت والمباني السكنية والتجارية، كما توسعت مؤخرًا في مشروعات دولية، أبرزها في السعودية، وفق ما أعلنته وزارة البترول في يوليو الماضي.
ورغم هذا النمو، يشكو العمال من أن سياسة الاعتماد على عقود من الباطن باتت تُشكّل "ثغرة مزمنة" في منظومة التوظيف، حيث تعمل شريحة كبيرة منهم لسنوات طويلة دون أي مسار واضح للتثبيت.
تصعيد أمني يفتح الباب لتساؤلات
أثارت حملة التوقيفات الأخيرة موجة من الاستياء بين العمال وأسرهم، ودفعت كثيرين للتساؤل عن سبب التعامل الأمني مع قضية وصفوها بأنها "مطالب مشروعة بالحقوق". وتخشى أسر العمال المقبوض عليهم من استمرار احتجازهم، في ظل غياب توضيحات رسمية بشأن أماكن احتجازهم أو طبيعة الاتهامات الموجهة إليهم.
في المقابل، يؤكد العمال في الموقعين استمرار احتجاجاتهم السلمية، ورفضهم فض الحراك قبل الوصول إلى حل جذري يضمن حقوقهم الوظيفية، سواء عبر التعيين المباشر أو إلغاء نظام التوريد الوسيط.

