على الرغم من تظاهرة التضامن الواسع التي شهدتها منصات التواصل الاجتماعي في مصر في الآونة الأخيرة، انتصارًا للهوية الوطنية متمثلة في "الجلابية الشعبية" عقب الانتقادات التي وجهتها الإعلامية سمر فرج فودة لظهور أحد المواطنين بـ "الجلابية" داخل المتحف المصري الكبير، إلا أن ذلك لا ينفي التمييز ضد من يرتدي "الجلابية" في الأندية الرياضية والشواطئ ودور القوات المسلحة، التي تمنع أصحاب هذا الزي من دخولها.

 

كان ذلك مثار جدل واسع قبل شهور بعد منع مسؤولين في الدولة أحد أولياء الأمور من دخول نادٍ لكرة القدم لمشاهدة حفل تكريم ابنه الفائز بميدالية دولية، بسبب ارتدائه الجلابية، مما أثار موجة غضب واسعة آنذاك إزاء ما وصف بـ "التصرف العنصري".

 

منع أصحاب الجلابية من دخولة الأندية

 

بداية الأزمة كانت مع منشور شاركه وائل رياض "شيتوس"، لاعب النادي الأهلي ومنتخب مصر الأسبق، عبر صفحته الرسمية في موقع "فيسبوك"، حول ما وصفه بـ "التمييز الصامت" الذي تمارسه بعض الأندية المصرية بحق الزوّار وأولياء الأمور ممن يرتدون الجلابية. 

 

رياض تساءل في منشوره: "يعني إيه أمنع ولي أمر من دخول النادي علشان لابس جلابية؟ الجلابية مش وصمة عار، ده تراثنا وأصولنا"، معربًا عن استيائه من ممارسات وصفها بـ "المهينة" تطاول شريحة واسعة من المصريين.

 

وأوضح رياض أنه لم يكن هدفه من المنشور إثارة الجدل بل إعادة النظر في هذه اللوائح غير المنصفة، مشيرًا إلى أن "الرياضة يجب أن تكون بابًا مفتوحًا للجميع، لا حكرًا على من يرتدون زيًّا معينًا".
 

وكأن "شيتوس" بذلك قد نكأ جراحًا، وفتح بابًا واسعًا للنقاش حول تلك القضية المجتمعية التي تخص قطاعًا كبيرًا من المصريين، بخاصة من أبناء الريف والصعيد، الذين اعتبروا أن ما أشار إليه يعكس واقعًا مؤلمًا يعيشه كثيرون عند أبواب الأندية الرياضية.

 

 

لائحة الأندية


فعلى الرغم من أن لوائح عدد من الأندية المصرية الكبرى لم تتضمن وجود نصوص رسمية تمنع دخول الزوار وهم يرتدون الجلابية. إلا أن الأمن لايسمح عادة بدخول من يرتدون الجلابية، مما يدفع البعض ممن يصطحب أبناءه في التدريبات إلى الانتظار خارج أسوار الأندية حتى الانتهاء من التدريب. 

 

وينص الدستور على المساواة بين المصرين وعدم التمييز بينهم، وهو ما لا يسمح بالتالي لأي مؤسسة رياضية أو اجتماعية، تخضع لرقابة وزارة الشباب والرياضة، أن تفرض قيودًا على دخول الأفراد استنادًا إلى مظهرهم أو زيهم الشعبي، ما لم يكن هذا المظهر مخالفًا للنظام العام أو يتضمن عناصر مُخلة بالآداب العامة.

 

هل تسمح الأندية الدخول بالجلابية؟

 

وفي خضم الأزمة الأخيرة التي أثارها ظهور أحد المواطنين بالجلابية داخل المتحف المصري الكبير، تساءل الإعلامي حافظ المرازي عبر حسابه في موقع "فيسبوك": "هل السماح "لعم رشاد" بالدخول بالجلابية للمتحف الكبير سيصبح العرف والأساس القانوني لمنع أي ناد أو منتجع أو مطعم من التمييز ضد المصريين لابسي الجلابية، أم أنه موضة فولكلورية طارئة مثل صور الذكاء الاصطناعي بلبس الفراعنة احتفالاً بفرح العمدة الكبير؟ وسرعان ما "ترجع ريما لعادتها القديمة" وحتى المتحف المصري نفسه قد لا يسمح بدخول المصريين بالجلابية مستقبلا؟".

 


الأمر ذاته أثار الكاتب الصحفي جمال سلطان، قائلاً: "أرجو أن نستغل زخم النزعة الوطنية الحالية، في الإعلام الرسمي ومواقع التواصل الاجتماعي، دفاعًا عن حق "المصري الأصيل" الذي يلبس الجلابية، وهم ملايين المصريين حاليا، لوقف الممارسات العنصرية ضدهم في نوادي هيئة قناة السويس، ونوادي الشرطة، ونوادي القوات المسلحة، والشواطئ التابعة لتلك الهيئات، التي تحظر دخول ملايين المصريين لابسي الجلاليب".