كشفت تقارير صحفية إسرائيلية صباح الأحد 9 نوفمبر 2025 أنّ المدّعية العسكرية السابقة للجيش الإسرائيلي، اللواء يفعات تومر-يروشالمي، نُقلت إلى المستشفى بعد محاولة انتحار يُشتبه أنّها جرت بابتلاع أقراص مساء السبت، إثر تدهور وضعها النفسي على خلفية ملاحقات قضائية وضغوط سياسية وإعلامية واسعة. وأفادت وسائل إعلام عبرية أنّ طواقم طبية استُدعيت إلى منزلها بعد بلاغ من ذويها، وأنها وصلت إلى مستشفى “إيخيلوف” وهي بوعي وحياتها ليست في خطر، وفق تقارير أولية.
 

ماذا حدث مساء السبت؟
بحسب صحيفة “معاريف” وقناة 12، تلقّت الشرطة والنجدة بلاغاً يُفيد بمحاولة يروشالمي الانتحار بابتلاع حبوب داخل منزلها، ما دفع إلى نقلها بصورة عاجلة لتلقي العلاج والمتابعة. وتقاطعت هذه الأنباء مع تقارير أخرى أشارت إلى أنها “شعرت بتوعك شديد” فتمّ إسعافها وهي قيد إقامة جبرية في قضيّة التسريب الشهيرة. وحتى صباح الأحد، تحدّثت إفادات المستشفى عن أنّ حالتها مستقرة وتحت المراقبة.
 

خلفية مباشرة: من “اختفاء قصير” إلى توقيف وتمديد حبس
قبل أسبوع، شغلت يروشالمي العناوين بعدما فُقدت لساعات وعُثر عليها حيّة على شاطئ في تل أبيب، في واقعة أثارت قلقاً على حياتها بعدما تركت رسالة وداع وفق تقارير عبرية. بعد ذلك، أوقفتها السلطات على ذمّة تحقيق بخصوص تسريب مقطع صادم يوثّق تعذيب معتقل فلسطيني في منشأة سدي تيمان، ثم مدّد القضاء توقيفها مع ترجيح الادعاءات بحقها، وسط انقسام سياسي حاد وهجوم من أوساط يمينية.
 

أصل الأزمة: فيديو سدي تيمان الذي فجّر العاصفة
تعود جذور الأزمة إلى تسريب مقطع يُظهر جنوداً إسرائيليين يسيئون معاملة معتقل فلسطيني، قاد إلى توجيه لوائح اتهام لخمسة من جنود الاحتياط. وقد أقرّت يروشالمي، التي كانت تشغل منصب المدّعي العام العسكري، بدورها في تسريب الفيديو “لدواعي المصلحة العامة” بحسب ما نُقل، معتبرةً أنّ إنفاذ القانون العسكري يتعرّض لتهديدات. هذا التسريب فجّر مواجهة بين من يطالبون بالمحاسبة، وبين تيار سياسي يرى أنّ نشر الفظائع يسيء لسمعة الجيش أكثر من الفعل ذاته. وتوالت التقارير الدولية المرموقة التي وثّقت الاعتداءات داخل منشآت الاحتجاز، ما زاد الضغط على المؤسّسة العسكرية والقضائية.
 

تداعيات قانونية وسياسية متسارعة
على الصعيد القضائي، وُجهت إلى يروشالمي شبهات تشمل عرقلة العدالة وإساءة استعمال المنصب وخيانة الأمانة، فيما تحدّثت مصادر رسمية عن تمديد توقيفها خلال الأسبوع الجاري. سياسياً، انقسم المشهد بين أصواتٍ تعتبر التسريب “طعنة في الظهر”، وأخرى ترى أنّ الفضيحة الحقيقية هي وقوع الانتهاكات ذاتها ضد المعتقلين. وبرزت انتقادات لاذعة من منظمات حقوقية وخبراء قانونيين بشأن نمط واسع من الانتهاكات في سدي تيمان، الأمر الذي زاد الاستقطاب الداخلي حول حدود المساءلة زمن الحرب.
 

ضغوط إنسانية ونفسية
تحت ضغط التحقيق والجدل العام، سُجّلت حوادث سابقة أثارت القلق على سلامة يروشالمي، منها حادثة “الاختفاء القصير” التي استنفرت الشرطة وفرق الإنقاذ. ومع تحوّلها من أعلى سلطة ادعاء عسكرية إلى متهمة في قضية تسريب، بدت علامات الانهيار النفسي واضحة في متابعة الإعلام العبري، إلى أن جاءت أنباء محاولة الانتحار المشتبه بها وما تلاها من إسعاف عاجل صباح الأحد.
 

ما الذي قد يحدث تالياً؟
من المرجّح أن تُعيد حادثة السبت تموضع الملف قضائياً وإعلامياً، لاسيما لجهة ظروف احتجاز يروشالمي ورعايتها الصحية، مع استمرار التحقيقات في التسريب وفي الانتهاكات التي كشفها الفيديو. كما يُتوقع أن تتجدد الأسئلة حول منظومة إنفاذ القانون العسكري، ومدى استقلالها عن الضغوط السياسية، وحول مصير القضايا المقامة ضد الجنود المتهمين بالاعتداء في سدي تيمان. وفي الأثناء، تبقى حياة يروشالمي وسلامتها النفسية موضع متابعة لصيقة داخل المستشفى وفق ما أفادت التقارير الأولية.
 

سياق أوسع: اختبارٌ للشفافية والمساءلة
تكشف هذه القضية مفترق طرق داخل إسرائيل: فإما ترسيخ مبدأ المحاسبة على الانتهاكات حتى لو مست “سمعة الجيش”، أو تغليب هواجس الصورة العامة على حساب مقتضيات القانون. أما إنسانياً، فالحادثة تذكّر بثمنٍ نفسيّ باهظ يدفعه فاعلو الملفات الحسّاسة، عندما تتقاطع السياسة بالقضاء والحرب. وإلى أن تتضح الصورة كاملة، سيواصل الرأي العام متابعة مصير يروشالمي ومآلات التحقيق في الانتهاكات، وما إذا كانت هذه اللحظة العاصفة ستقود إلى إصلاحات ملموسة أم إلى مزيد من الاستقطاب.