مرّت 300 يوم كاملة على اختفاء الشاعر والكاتب المصري عبد الرحمن يوسف القرضاوي، دون أن تفصح السلطات الإماراتية عن مكان احتجازه أو وضعه القانوني، بعد أن تم ترحيله قسرًا من لبنان في يناير 2025، وسط إدانات حقوقية واسعة ومطالبات متجددة بالكشف عن مصيره وضمان سلامته الجسدية والنفسية.

في بيان حديث، أعرب المنبر المصري لحقوق الإنسان عن "قلقه البالغ" حيال استمرار ما وصفه بـ"الإخفاء القسري" لعبد الرحمن يوسف، معتبرًا أن ما جرى يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ولمبدأ عدم الإعادة القسرية، وهو المبدأ الذي يحظر تسليم أي شخص إلى دولة يُخشى أن يتعرض فيها للتعذيب أو الاضطهاد.
 

زيارة يتيمة تحت الرقابة
أوضح البيان أن أسرة القرضاوي لم تتمكن من زيارته سوى مرة واحدة فقط، وذلك في 24 أغسطس الماضي، داخل منشأة أمنية في أبوظبي وتحت رقابة مشددة، لمدة لم تتجاوز عشر دقائق.
وأضاف المنبر أن الشاعر المصري بدا خلال الزيارة "مرهقًا وحذرًا في حديثه"، ما أثار قلق أسرته على حالته الصحية والنفسية، خصوصًا بعد انقطاع جميع سبل التواصل معه منذ ذلك اليوم، وهو ما يضعه فعليًا ضمن حالات الإخفاء القسري الموثقة في القانون الدولي.

وأشار البيان إلى أن الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي يعرض الضحية لخطر التعذيب والمعاملة القاسية، محملاً السلطات الإماراتية "المسؤولية المباشرة عن سلامته الجسدية والنفسية"، كما حمّل السلطات اللبنانية "مسؤولية قانونية وأخلاقية" عن تسليمه إلى الإمارات بطريقة غير قانونية ودون أي ضمانات قضائية.
 

قضية تعكس تصاعد القمع العابر للحدود
ووصف المنبر المصري ما حدث بأنه "نموذج صارخ للقمع العابر للحدود"، حيث تتعاون حكومات سلطوية في ملاحقة المعارضين السياسيين خارج أراضيها، مستغلة الاتفاقيات الأمنية الإقليمية لتبرير الترحيل والاحتجاز.

ولفت البيان إلى أن قضية القرضاوي تعد سابقة، إذ إنها المرة الأولى التي يُرحَّل فيها شخص يحمل الجنسيتين المصرية والتركية إلى دولة ثالثة لا يحمل جنسيتها، رغم عدم ارتكابه أي فعل على أراضيها.
 

مواقف دولية وتحركات حقوقية
وكشف البيان أن عددًا من المقررين الخواص بالأمم المتحدة، من بينهم المقرر الخاص المعني بالتعذيب والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، قد أصدروا بيانين في يناير ومارس الماضيين حذروا فيهما من ترحيله ودعوا السلطات الإماراتية إلى الكشف عن مصيره.
كما أشار إلى أن تقرير البرلمان الأوروبي لعام 2025 تضمن إشارة واضحة إلى قضية عبد الرحمن يوسف، معتبرًا إياها "نموذجًا لسياسات القمع عبر الحدود التي تنتهجها بعض الدول العربية".
 

دعوات متجددة للإفراج والتحقيق
وجدد المنبر المصري دعوته – بالتنسيق مع 28 منظمة حقوقية و500 شخصية عامة – إلى الكشف الفوري عن مكان احتجازه وضمان سلامته وتمكينه من التواصل مع أسرته ومحاميه.
وطالب البيان بـإطلاق سراحه دون قيد أو شرط، وفتح تحقيق شفاف في ملابسات عملية الترحيل من لبنان إلى الإمارات، داعيًا الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى ممارسة ضغط سياسي ودبلوماسي حقيقي على السلطات المعنية حتى يتم الكشف عن مصيره ومحاسبة المتورطين في احتجازه.
 

فيديو الانتقاد الأخير قبل الاختفاء
يُذكر أن عبد الرحمن يوسف كان قد ظهر في مقطع فيديو من دمشق في ديسمبر 2024، قبل اعتقاله بأيام، وجّه فيه انتقادات لاذعة لما وصفه بـ"أنظمة الخزي العربي"، وذكر بالاسم الإمارات والسعودية ومصر.

وبعد ذلك، احتجزته السلطات اللبنانية أثناء عودته إلى تركيا، ثم سلّمته إلى أبوظبي بناءً على مذكرة توقيف عربية، قالت الإمارات إنها تتعلق بـ"أعمال تثير وتكدّر الأمن العام"، من دون أن توضح تفاصيل تلك المزاعم أو تقدم أدلة قضائية.
 

قلق حقوقي متزايد وغموض مستمر
في ظل هذا الغموض، تتزايد التحذيرات الحقوقية من أن استمرار إخفاء عبد الرحمن يوسف يمثل خرقًا فاضحًا للاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها الإمارات ولبنان، بما فيها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب.
وتؤكد منظمات حقوق الإنسان أن القضية تمثل اختبارًا جديدًا لمدى التزام الدول العربية بالقانون الدولي الإنساني، ولإرادة المجتمع الدولي في مواجهة ظاهرة "القمع العابر للحدود" التي باتت تتسع في المنطقة بشكل مقلق.

https://www.facebook.com/egyptianforum.org/posts/1245181717643574?ref=embed_post