في وقت يعاني فيه العديد من المصريين من الفقر والبطالة، ويحتاجون إلى خدمات أساسية مثل التعليم والرعاية الصحية، تواصل الحكومة تنفيذ مشروعات ضخمة تتجاوز المليارات، أبرزها المتحف المصري الكبير. على الرغم من أهمية الحفاظ على التراث الثقافي المصري، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل كان من الأجدر استخدام هذه الأموال في بناء مصانع ومستشفيات ومدارس تعالج مشاكل البلاد الحقيقية؟ ففي الوقت الذي يُصر فيه المسؤولون على أهمية هذا المشروع الثقافي، يبقى التساؤل الأهم: هل كان البزخ في بناء هذا الصرح يستحق كل هذه التكاليف بينما كانت الاحتياجات الأساسية للمواطنين في تزايد مستمر؟
التكلفة الباهظة للمتحف الكبير
يشير كثير من النقاد إلى أن المتحف المصري الكبير قد كلف الدولة ما يقرب من 8 مليارات دولار، وهو مبلغ ضخم كان يمكن استثماره في تحسين بنية تحتية أساسية للبلاد. هذه الأموال كانت تكفي لبناء مئات المدارس والمستشفيات التي يحتاج إليها المواطنون بشكل ملح. ففي وقت تتزايد فيه أعداد الطلاب في المدارس العامة ويعاني النظام التعليمي من نقص في الإمكانيات، كان بالإمكان تخصيص هذه الأموال لتوفير بيئة تعليمية أفضل للطلاب المصريين.
المتحف والآثار: أليس هناك بديل؟
من المؤكد أن الحفاظ على التراث الثقافي والآثار المصرية يعد أمرًا مهمًا للغاية. ولكن يبقى السؤال: هل كان من الضروري إنفاق هذا المبلغ الكبير لبناء المتحف المصري الكبير في الوقت الذي كانت فيه الآثار موجودة في أماكنها القديمة وتحتفظ بجاذبيتها السياحية؟ كان من الممكن أن يتم تطوير وترميم المواقع الأثرية القديمة نفسها، مع تحسين وسائل العرض داخل هذه المواقع دون الحاجة إلى بناء صرح ضخم وذو تكلفة باهظة.
الأولوية للخدمات الأساسية: لماذا تم تجاهلها؟
في وقت ينادي فيه الشعب بتحسين مستوى الرعاية الصحية، يعاني ملايين المصريين من نقص في الخدمات الطبية، خاصة في المناطق الريفية والمناطق النائية. فعلى الرغم من الإنفاق الضخم على المتحف، يعاني العديد من المواطنين من نقص في المستشفيات المتخصصة أو الرعاية الصحية الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، هناك نقص حاد في المصانع التي يمكن أن توفر فرص عمل للشباب المصري، مما يسهم في تقليص معدل البطالة في البلاد. لو تم توجيه جزء من هذه المبالغ الطائلة نحو هذه المجالات الحيوية، لكان من الممكن تحسين مستوى معيشة المصريين بشكل ملموس.
المتاحف ليست الحل السحري للتنمية
إن الفكرة وراء بناء المتاحف والمشروعات السياحية ليست خاطئة من حيث المبدأ، لكن التساؤل هنا يكمن في الأولويات. فبينما يُعد المتحف المصري الكبير مشروعًا سياحيًا ضخمًا، إلا أن البلاد تحتاج إلى بنية تحتية قوية في مجالات التعليم والصحة والتصنيع لتحقيق التنمية المستدامة. بدلاً من أن يتم إنفاق مليارات الجنيهات على صرح ثقافي ضخم يمكن أن يخدم شريحة محدودة من السائحين، كان يمكن أن توضع هذه الأموال في مجالات تعود بالنفع المباشر على المواطنين.
البذخ على حساب المواطن
في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لجذب السياح من خلال بناء مشاريع ضخمة، تظل الظروف المعيشية للمواطن المصري في تدهور مستمر. إن البذخ على مشاريع ضخمة مثل المتحف المصري الكبير يعكس انعدام الأولويات الحقيقية، ويؤكد أن هناك تجاهلاً لاحتياجات الشعب الأساسية. ففي ظل تزايد التضخم وارتفاع الأسعار، قد يبدو من غير المنطقي أن تُنفق هذه المليارات على مشروع غير أساسي، في وقت يحتاج فيه المواطنون إلى مدارس حديثة ومستشفيات مجهزة ومصانع لتوفير فرص عمل.
الخلاصة: إن بناء المتحف المصري الكبير قد يمثل فخرًا ثقافيًا، ولكنه في النهاية مشروع قد لا يعكس الأولويات الحقيقية لمصر في هذا الوقت. الأموال التي تم تخصيصها لهذا المشروع كان يمكن أن تُستخدم في بناء أساسيات حقيقية تعود بالنفع على الشعب المصري. من خلال الاستثمار في التعليم والصحة والصناعة، يمكن لمصر أن تحقق تنمية مستدامة وتوفر حياة أفضل لمواطنيها، بدلاً من التركيز على مشروعات سياحية قد لا تسهم بشكل فعال في تحسين حياة المواطنين العاديين.

