في ظل التطورات المتسارعة في السودان، حيث تزداد سيطرة مليشيات الجنجويد بقيادة محمد حميدتي على مناطق غرب السودان، يزداد القلق في مصر من التداعيات الأمنية الخطيرة التي قد تترتب على هذه السيطرة. على ضوء ذلك، دعا سياسيون وخبراء، من بينهم إسلام لطفي والسفير السابق معصوم مرزوق، إلى ضرورة اتخاذ موقف مصري حازم ضد الإمارات التي تدعم هذه المليشيات، نظراً للتأثيرات السلبية على الأمن القومي المصري. هذه الدعوات تأتي في وقت حساس حيث تسيطر مليشيات حفتر والجنجويد على مناطق قريبة من الحدود المصرية، ما يهدد استقرار المنطقة بشكل عام والأمن المصري بشكل خاص.

 

خطورة الوضع الأمني في غرب السودان

تسارع الأحداث في السودان يشير إلى تحول جذري في موازين القوى داخل البلاد. فبعد اشتعال النزاع بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حميدتي، فإن الأخيرة، التي تضم عناصر من مليشيا الجنجويد الشهيرة، أصبحت تسيطر على العديد من المناطق الحيوية في غرب السودان. المليشيات هذه، التي كانت تُعرف بارتكابها العديد من الانتهاكات في دارفور، باتت تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي، بما في ذلك الحدود المصرية التي تشترك مع السودان في مناطق واسعة.

منطقة غرب السودان تعد شديدة القرب من الحدود المصرية، وهو ما يجعل هذا الوضع العسكري في السودان خطرًا محدقًا بالأمن القومي المصري. فوجود هذه المليشيات بالقرب من الحدود قد يُسهم في زعزعة الاستقرار الأمني في المناطق الحدودية، وقد يؤدي إلى تدفق اللاجئين والمسلحين عبر الحدود بشكل غير قانوني، ما يعقد مهمة قوات الأمن المصرية في تأمين الحدود وحمايتها من تهديدات محتملة.

ومن جهته يرى السفير السابق معصوم مرزوق " إذا ثبت أن دولة خليجية تدعم العبث بأمننا القومي من اتجاه الجنوب أو أي اتجاه ، أظن أن شعب مصر يعرف كي يتصرف ، ولو حتي بمقاطعة بضائع وخدمات تلك الدولة كخطوة أولي .. مصر تحترم من يحترمها ، وتدوس علي من لا يعرف قدرها .."

https://x.com/marazka/status/1983351476434153880

 

الإمارات ودعم مليشيات الجنجويد وحفتر

في هذا السياق، يزداد القلق من الدور الإماراتي في دعم مليشيات الجنجويد في السودان وكذلك مليشيات خليفة حفتر في ليبيا. حيث تُشير التقارير إلى أن الإمارات كانت من بين الدول التي دعمت قوات الدعم السريع في السودان، سواء عبر التدريب أو تقديم التمويل والمعدات العسكرية. هذه التدخلات الإماراتية لا تُعد مجرد تدخلات محدودة في الصراع السوداني، بل تحمل في طياتها خطرًا على الأمن الإقليمي ككل، خاصة في ظل التوسع العسكري للمليشيات المدعومة من الإمارات في مناطق قريبة من الحدود المصرية.

علاوة على ذلك، فإن الإمارات تدعم أيضًا مليشيات حفتر في ليبيا، مما يُشكل تهديدًا مزدوجًا على الأمن المصري من الشرق والغرب. فوجود مليشيات غير خاضعة لسلطة الدولة في كل من ليبيا والسودان يعزز من حالة الفوضى التي قد تؤدي إلى تهديد الاستقرار في مصر، وهي الدولة التي تعتمد على أمنها القومي في الحفاظ على استقرارها الداخلي وتحقيق مصالحها الإقليمية.

 

دعوات لوقف الدعم الإماراتي للمليشيات

في ظل هذه الأوضاع المقلقة، دعا إسلام لطفي ومعصوم مرزوق إلى اتخاذ وقفة مصرية ضد الإمارات بسبب دعمها المستمر للمليشيات في السودان وليبيا. كما أشاروا إلى ضرورة الضغط الدولي على الإمارات لوقف تدخلاتها في هذه الصراعات التي تهدد الأمن الإقليمي، وأكدوا على أن استمرار هذه التدخلات لن يُسهم فقط في زيادة زعزعة الاستقرار في المنطقة بل سيُهدد أيضًا الحدود المصرية ويُفاقم من الأزمة الإنسانية في هذه البلدان.

وقال لطفي في تصريحاته إن "التدخل الإماراتي في السودان ووقوفها خلف مليشيات الجنجويد يشكل تهديدًا خطيرًا على مصر، ويجب أن تتخذ القاهرة موقفًا حازمًا لدعم الاستقرار في السودان والحد من توسع هذه المليشيات بالقرب من حدودنا".

وتابع لا يمكن لمصر أن تتعامل بنعومة وتغافل عن عبث الإمارات في السودان حتى نفاجأ بدويلة جديدة في غرب السودان تمتد حدودها الشمالية إلى مصر وليبيا فتقوي حبال الوصل مع قوات حفتر في شرق ليبيا.

وأضاف مصر ستواجه كارثة إن وصلت قوات حميدتي سفاح الجنجاويد إلى قوات حفتر في ليبيا لأن مصر وقتها ستكون محاصرة بين إسرائيل في الشرق ووكلاء إسرائيل في الجنوب والغرب!

https://www.facebook.com/photo?fbid=10161632844032062&set=a.10150500830047062

 

التحديات المستقبلية: الأمن المصري على المحك

يواجه الأمن القومي المصري تحديات غير مسبوقة في ظل هذه التحولات. فإلى جانب تهديدات المليشيات المسلحة على حدود مصر، هناك أيضًا خطر تفشي الفوضى في الدول المجاورة، مما قد يؤدي إلى تداعيات أمنية خطيرة على الاستقرار الداخلي. ولذا، يُشدد الخبراء على أهمية أن تتبنى الحكومة المصرية سياسة فاعلة تركز على تنسيق المواقف مع القوى الإقليمية والدولية لمكافحة انتشار هذه المليشيات في المنطقة.

الخلاصة: في ظل الأوضاع الحالية في السودان وليبيا، ومع الدعم الإماراتي للمليشيات المسلحة التي تهدد الأمن القومي المصري، يجب أن تكون مصر على استعداد لمواجهة هذه التحديات من خلال تحركات دبلوماسية فعالة. ما تحتاجه مصر الآن هو سياسة دفاعية قوية تعمل على ضمان استقرار حدودها وتمنع تأثيرات هذه المليشيات المسلحة على أمنها الداخلي. كما يجب على الحكومة المصرية تعزيز التعاون مع الدول المعنية في المنطقة والدفع نحو إيجاد حلول سلمية تعزز من استقرار السودان ومنطقة شمال إفريقيا ككل.