أثار تصريف مفاجئ يقارب 2 مليار متر مكعب من مياه سد النهضة الإثيوبي حالة من القلق العارم في السودان، بعد تحذيرات أطلقها خبير السدود والموارد المائية الدكتور محمد حافظ، الذي أكد أن هذه الكمية الضخمة تم إطلاقها بسبب الفيضانات العارمة التي ضربت إثيوبيا مؤخرًا.
وأوضح حافظ في تصريحات لقناة الشرق ببرنامج أيه الحكاية أن هذا التصريف المفاجئ يهدد بشكل مباشر سلامة سد الروصيرص في ولاية النيل الأزرق، ما قد يؤدي لانهياره بشكل متسلسل، ويعقبه انهيار سد سنار، وهو ما قد يغرق مدنًا وقرى سودانية بأكملها ويعرض حياة ملايين البشر للخطر.
فيضانات إثيوبية تدفع للتصريف القسري
بحسب تصريحات حافظ، فإن الأمطار الاستثنائية التي هطلت على الهضبة الإثيوبية هذا العام رفعت منسوب بحيرة سد النهضة بصورة سريعة، ما أجبر السلطات الإثيوبية على فتح بوابات التصريف دون تنسيق مسبق مع السودان أو مصر. هذا التصرف الأحادي، وفقًا للخبير، يعكس خطورة غياب اتفاق قانوني مُلزم لإدارة السد، حيث باتت قرارات إثيوبيا تشكل تهديدًا مباشرًا لجيرانها في مجرى النيل.
خطر وشيك على سد الروصيرص
أخطر ما كشفه حافظ أن سد الروصيرص السوداني، الذي يقع على بعد نحو 100 كيلومتر من الحدود الإثيوبية، يواجه الآن ضغطًا غير مسبوق نتيجة التدفق المفاجئ. وأكد أن السد صُمم ليستوعب تدفقات محددة، لكن ضخ مليارات الأمتار المكعبة بشكل عاجل قد يسبب تصدعات أو انهيارات في جسم السد.
وأضاف: "إذا انهار سد الروصيرص، فإن المياه ستجرف معها سد سنار خلال ساعات، وسنشهد كارثة إنسانية هي الأكبر في تاريخ السودان الحديث".
ملايين الأرواح في مرمى الغرق
الخبير أوضح أن انهيار السدين معًا سيطلق موجة مائية مدمرة قد تجتاح مدنًا رئيسية مثل سنجة وسنار والخرطوم، ما يهدد حياة ملايين السودانيين. وأشار إلى أن الكارثة لا تقتصر على الخسائر البشرية فحسب، بل ستدمر البنية التحتية الزراعية والصناعية، وتغرق مساحات واسعة من الأراضي الزراعية الخصبة على ضفاف النيل الأزرق، ما يعني خسارة استثمارات لعقود طويلة.
غياب التنسيق وتهديد الأمن الإقليمي
تصريحات حافظ سلطت الضوء على أزمة غياب آلية للتنسيق بين دول حوض النيل. فبينما تصر إثيوبيا على إدارة السد منفردة، يجد السودان نفسه في مواجهة مصير مجهول كلما زادت الأمطار أو اضطرت أديس أبابا إلى تصريف مفاجئ. وأكد الخبير أن هذه التصرفات الأحادية لا تمثل فقط تهديدًا للسودان، بل تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الإقليمي في شرق إفريقيا.
دعوة عاجلة للتحرك الدولي
في ختام تصريحاته، شدد حافظ على أن المجتمع الدولي يجب أن يتحرك فورًا لإيجاد آلية ملزمة لإدارة سد النهضة، تضمن حقوق جميع الأطراف وتمنع وقوع كوارث إنسانية. كما دعا الحكومة السودانية للتحرك العاجل عبر القنوات الدبلوماسية، وإعداد خطط طوارئ لمواجهة أسوأ السيناريوهات. وأكد أن ما يحدث اليوم "ليس مجرد خلاف سياسي حول المياه، بل تهديد وجودي لملايين الأرواح".
وفي النهاية، فالتصريف المفاجئ من سد النهضة بفعل فيضانات إثيوبيا وضع السودان أمام تهديد غير مسبوق. وبينما يحذر الخبراء من انهيار متسلسل لسدود النيل الأزرق، يبقى السؤال مطروحًا: هل تتحرك الحكومات والمجتمع الدولي لتفادي الكارثة قبل فوات الأوان، أم يظل ملايين السودانيين أسرى لمغامرات إثيوبيا المائية؟