شهدت الساعات الثمان والأربعون الماضية تحركاً بحرياً لافتاً، بعدما رصدت مراصد ملاحية دولية دخول 4 سفن تجارية إلى موانئ الاحتلال الإسرائيلي، تحديداً أسدود وحيفا، قادمة من موانئ مصرية هي: الإسكندرية، العريش، وأبو قير.
وبحسب البيانات المتداولة، فإن هذه السفن كانت محملة بالأسمنت والبضائع العامة، وهو ما أثار سيلاً من التساؤلات والجدل حول توقيت الرحلات، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وتداعياته الإقليمية.

 

حركة تجارية في توقيت حساس
وفقاً للبيانات الملاحية، فإن حركة السفن شملت ناقلات بضائع متوسطة الحجم، وصلت تباعاً خلال يومين متتاليين.
وتأتي هذه الحركة في وقت بالغ الحساسية، حيث تعيش المنطقة على وقع الحرب المستمرة في غزة، وما رافقها من حصار خانق ومعاناة إنسانية غير مسبوقة.

ويرى مراقبون أن استمرار التبادل التجاري في مثل هذا التوقيت يثير تساؤلات حول أولويات السياسة الاقتصادية المصرية، وما إذا كانت تراعي الانعكاسات السياسية والأمنية لمثل هذه الخطوات.
 

الأسمنت في قلب المعادلة
اختيار مادة الأسمنت ضمن حمولة السفن أثار على وجه الخصوص جدلاً واسعاً، فالمادة تُعد ذات حساسية عالية في سياق الصراع.
فهي تدخل في أعمال البناء والتشييد، لكن خصوم هذه الشحنات يرون أنها قد تُستغل في مشاريع المستوطنات أو البنية التحتية العسكرية، في وقت تُحرم فيه غزة من أبسط مقومات إعادة الإعمار.

هذا التناقض دفع محللين إلى القول إن استمرار تدفق مواد البناء لإسرائيل، بينما تُغلق المعابر أمام شحنات الإعمار للفلسطينيين، يعكس ازدواجية مثيرة للانتقاد.
 

الأبعاد السياسية والاقتصادية
من الناحية الرسمية، لم تصدر حكومة الانقلاب أي تعليق مباشر بشأن هذه التحركات، وهو ما ترك المجال مفتوحاً للتكهنات.
اقتصاديون يرون أن العلاقات التجارية بين مصر وإسرائيل تخضع لإطار قانوني منذ توقيع اتفاقية الكويز عام 2004، التي تسمح بمرور البضائع بشروط خاصة إلى الأسواق الأميركية شرط وجود مكوّن إسرائيلي.

وبالتالي فإن التبادلات لم تتوقف بشكل كامل حتى في أوقات التوتر. إلا أن خبراء سياسيين يحذرون من أن هذه الأنشطة تضع القاهرة في موقف حرج أمام
 

الرأي العام العربي، الذي يتابع بقلق صور الدمار في غزة.
السؤال المطروح الآن: هل ستستمر هذه الرحلات البحرية بوتيرة متزايدة، أم أن الغضب الشعبي والسياسي سيدفع القاهرة إلى مراجعة الموقف؟

تقارير غير رسمية أشارت إلى أن السفن القادمة قد تتكرر بوتيرة شهرية، خاصة لنقل مواد البناء والسلع الغذائية، وهو ما قد يشعل المزيد من الانتقادات.
أما في حال قررت السلطات المصرية التراجع، فستكون أمام معادلة معقدة تجمع بين حسابات الاقتصاد والسياسة.

وفي الأخير فإن واقعة رسو 4 سفن مصرية في موانئ إسرائيل تسلط الضوء على التناقض الصارخ بين اعتبارات التجارة وحسابات السياسة.
ففي حين ترى الحكومات أن استمرار العلاقات الاقتصادية جزء من استراتيجيات الاستقرار، ينظر الرأي العام العربي إلى مثل هذه الخطوات كطعنة في صميم التضامن مع غزة