في تطور لافت، كشفت هيئة البث الإسرائيلية أن طائرة تركية واصلت لليوم الثاني على التوالي التحليق فوق أسطول الصمود المتجه نحو قطاع غزة، ما أثار تساؤلات حول أبعاد هذه الخطوة ورسائلها السياسية والإنسانية. الأسطول الذي يحمل شعار التضامن مع غزة، بات محط أنظار العالم، في ظل محاولات متكررة لكسر الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من 17 عامًا.
أسطول الصمود: مبادرة إنسانية تواجه الحصار
أُطلق على القافلة البحرية اسم "أسطول الصمود"، وهي مبادرة أطلقها نشطاء وحقوقيون ومؤسسات مدنية من عدة دول، هدفها إيصال المساعدات الإنسانية مباشرة إلى سكان غزة المحاصرين. هذا التحرك يأتي استكمالًا لجهود سابقة شهدها العالم مع "أسطول الحرية" في 2010، والذي واجه حينها اعتراضًا دمويًا من البحرية الإسرائيلية.
الأسطول الحالي، المحمّل بمؤن طبية وغذائية ومواد إغاثية، يمثل رسالة مزدوجة: إغاثية بإنقاذ المدنيين في غزة، وسياسية بكسر جدار العزلة الذي تحاول إسرائيل فرضه.
الطائرة التركية: مراقبة أم حماية؟
تحليق الطائرة التركية فوق مسار الأسطول لليوم الثاني على التوالي أثار جدلًا واسعًا. البعض اعتبرها خطوة مراقبة جوية تهدف إلى جمع معلومات وضمان سلامة المسار، فيما رأى آخرون أنها رسالة دعم صريحة من أنقرة، التي لم تخفِ انتقاداتها الحادة للسياسات الإسرائيلية في غزة.
تركيا، التي استضافت العديد من الفعاليات التضامنية مع فلسطين، تحاول عبر هذه الخطوة إرسال إشارة بأنها تتابع عن كثب، وربما تحمي، التحرك الشعبي والحقوقي المتمثل في الأسطول.
الرسالة السياسية لأنقرة
لا يمكن فصل هذا التحرك عن السياق السياسي الأوسع. تركيا، العضو في الناتو، تسعى منذ سنوات لتأكيد دورها الإقليمي كلاعب أساسي في القضية الفلسطينية.
تحليق الطائرة فوق الأسطول قد يكون جزءًا من رسالة سياسية قوية موجهة لإسرائيل والعالم مفادها أن:
أنقرة لن تسمح بتكرار مذبحة "أسطول الحرية" 2010.
القضية الفلسطينية ستظل بندًا ثابتًا في أجندتها الإقليمية.
أي اعتداء محتمل على القافلة سيكون مراقبًا وموثقًا بدقة.
الموقف الإسرائيلي: قلق ورقابة لصيقة
من جانبها، تنظر إسرائيل بقلق بالغ إلى تحركات الأسطول والتحليق التركي. وسائل الإعلام العبرية أشارت إلى أن المؤسسة الأمنية تخشى من أن يؤدي أي احتكاك إلى أزمة دبلوماسية حادة مع أنقرة.
إسرائيل اعتادت التعامل بقبضة حديدية مع محاولات كسر الحصار، لكن مراقبة الأسطول هذه المرة بواسطة طائرة تركية تعقّد الحسابات وتجعل أي خطوة عدائية محفوفة بتداعيات إقليمية ودولية.
الموقف الدولي والإنساني
المجتمع الدولي يتابع بدقة مسار الأسطول وردود الفعل الإسرائيلية والتركية. منظمات حقوقية رحبت بتحرك الطائرة التركية واعتبرته "خطوة ردع" لمنع الاعتداء على الأسطول. كما دعت الأمم المتحدة إلى ضمان حرية مرور القوافل الإنسانية نحو غزة، محذرة من أن أي اعتراض قد يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني.
التحرك يعكس أيضًا تزايد القناعة العالمية بأن حصار غزة لم يعد مبررًا، وأن استمرار منع الإمدادات الإنسانية يفاقم الكارثة المستمرة في القطاع.
,واخيرا فان تحليق الطائرة التركية فوق أسطول الصمود ليس تفصيلًا عابرًا، بل تطور يحمل دلالات سياسية وإنسانية عميقة. ففي الوقت الذي يحاول فيه الغزيون كسر قيود الحصار عبر البحر، تأتي هذه الخطوة لتؤكد أن العالم، أو جزءًا منه، لا يزال يراقب ويتفاعل. وبينما تخشى إسرائيل من تداعيات المواجهة، يترقب الفلسطينيون بقلوبهم أن تصل قافلة "الصمود" سالمة إلى شواطئ غزة، حاملة معها بارقة أمل وسط بحر من المعاناة.