أصدرت جهات حكومية في صيف 2025 قرارات مفاجئة بفرض رسوم تنازل مُوحّدة جديدة على أراضٍ ومشروعات بالساحل الشمالي تتراوح حتى 1,000 جنيه للمتر المربع في بعض المواقع، مع إلزام بدفع 20 % مقدمًا والباقي تقسيطًا على خمس سنوات، وهو ما أثار موجة تظلمات من كبار المطورين وحالة من الشلل في عدد من المشاريع.
كم تُكلّف المطورين وما العائد المتوقع للدولة؟
الوثائق والبيانات الحكومية التي تناولتها الصحافة تضع سقف الرسوم عند 1,000 جنيه/م² للأراضى ذات الواجهة الشاطئية، و750 جنيهاً للمناطق الشمالية من الطريق الساحلي، و500 ج للمناطق الجنوبية، مع توقع حكومي بحصيلة تقارب 1.5 مليار دولار من هذه الرسوم على حزمة أراضٍ محددة تُقدَّر مساحتها بنحو 15,500 فدان ومشروعات نحو 50 شركة مطورة.
ردود الفعل: تظلمات ومطالب لتعديل الآلية
حتى أوائل سبتمبر 2025، قدَّم نحو 17 تظلماً من مطورين كبار، من بينهم شركات مثل سوديك وبالم هيلز ومعمار المرشدي وآكام الراجحي، اعتراضًا على آلية التحصيل ومَن هو الملزم بالدفع في مشروعات الشراكة.
المطورون طالبوا بتعديلات في نسب الفوائد وفترات التقسيط، واستثناءات لمشروعات قائمة أو إعادة جدولة لتفادي إلغاء تخصيصات أراضٍ.
تداعيات فورية على المشاريع والاستثمارات
المطالبات الحكومية المفاجئة أدت فورًا إلى:
- إيقاف أعمال في نحو 76 مشروعًا لحين تسوية الملف
- تجميد تراخيص وتسديدات
- تأجيل مواعيد تسليم وحدات.
ما يؤثر على سلاسل التوريد والعمالة المحلية والمقاولين من الباطن.
أصحاب مشاريع يشيرون إلى أن الرسوم تزيد من كلفة الوحدات النهائية وتقلل جاذبية الاستثمار السياحي في موسم الإطلاق، وبالتالي تضيع فرص نمو القطاع الخاص وتقود إلى تراجع توقعات عوائد المستثمرين.
من يتحمّل الرسوم؟ غموض القانوني والتعاقدي
إحدى نقاط الخلاف الأساسية أن معظم المشاريع تُنفَّذ وفق عقود شراكة بين مُلاك أراضٍ ومطوّرين؛ الحكومة تصرّ على تحميل "الطرف المطور/المنفذ" ببعض الرسوم، بينما يصرّ الملاك والمطوّرون على أن مسؤولية السداد يجب أن تُوزَّع وفق بنود الشراكة أو أن تتحمّلها جهة تخصيص الأرض الأصلية.
الغموض هذا دفع شركات كبرى لتقديم تظلمات وفتح قنوات تفاوض مع الجهات الحكومية.
أرقام واقتباسات مركزة
طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري، لفت إلى ضرورة تعديل معدلات الفائدة وتوحيد آليات السداد بما لا يربك السوق.
وفي مقابلات إعلامية نقلت عنها الصحافة، قال مسؤولون في هيئة المجتمعات العمرانية إن الهدف «تحقيق قدر من العدالة في استغلال الموارد وزيادة إيرادات الدولة لتنمية البنية التحتية»، لكنهم اعترفوا بوجود حاجة لآليات تظلم وتعديلات تنفيذية. ونقلت تقارير عن تفاوض مستثمرين أجانب (مثل مجموعة العبار) مع الحكومة بشأن إحكام آليات التحصيل لتفادي خسائر استثمارية.
لماذا يُعدّ هذا الملف سياسياً واقتصادياً حساساً؟
أولًا: الساحل الشمالي يمثل شريحة كبيرة من استثمارات السياحة والعقارات الموسمية، أي أي تعطيل له له أثر مضاعف على العمالة المؤقتة، طلبات المواد المحلية، والقطاع المالي.
ثانيًا: القرار اتُّخذ في سياق سياسات مالية تركز على زيادة تحصيلات الدولة، لكن من دون خطة انتقالية واضحة أو حوافز لموازنة أثر الرسوم، ما يزيد احتمال خلق خسائر مؤقتة تتحول إلى دائمة فيما لو انسحب مستثمرون أو أوقفوا توسعاتهم.
ثالثًا: آلية التنفيذ المفاجئة تستفز الرأي العام المستثمر وتغذي انتقادات تقول إن القرارات تُدار مركزياً وبدون تشاور كافٍ مع القطاع الخاص.
البدائل والحلول المقترحة
المطورون اقترحوا حلولًا عملية:
- تعديل الشرائح والرسوم تبعًا للموقع الفعلي
- تمديد فترات التقسيط وخفض الفائدة (أقترحوا 10% بدلًا من معدلات أعلى مقترحة)
- إعطاء مهلة انتقالية للمشروعات القائمة
- إصدار قواعد عقدية واضحة تحدد المسؤولية بين الملاك والمطورين.
بعض المصادر الحكومية أعلنت استعدادًا لدراسة التظلمات وإصدار تعديلات أو استثناءات محددة، لكن يبقى التنفيذ والتحفيز الحقيقيان مفتاح إعادة الثقة
تكلفة المفاجأة أعلى من الرسوم نفسها
ما بات واضحًا أن المشكلة ليست فقط في مقدار الرسوم، بل في طريقة فرضها وغياب آلية تنفيذية شفافة وتفاوضية
فرض رسوم قد يكون له مبرر إن كان جزءًا من خطة تطوير بنية تحتية مدروسة، لكن عندما يتحول القرار إلى فاتورة مفاجئة تُلقى على كاهل مشاريع قائمة، يتحول إلى عامل تعطيل قد يكلف الاقتصاد أكثر بكثير من حصيلة الجباية المُعلنة.