نشرت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية في تقرير تحليلي وأعدّه المحلّل العسكري يوسي يهوشع، تُحذر الصحيفة من أن إسرائيل تقف على أبواب عامٍ ثالثٍ من الصراع في غزة من دون القدرة على إنهاء تهديد حركة حماس أو إجبارها على الاستسلام.
يهوشع يرى أن حماس ستجُرّ الجيش الإسرائيلي إلى «معركة طويلة ومرهقة» ستكلف اسرائيل سعراً بشرياً ومادّياً كبيرين، وأن تحقيق احتلال شامل للقطاع لن يمرّ دون ثمن فادح. تقرير واللا التلفزيوني المعاصر نقل أيضاً انتقادات داخلية لإجراءات الجيش وطرق عرض المعلومات الاستخباراتية للجنود، مما أثار مخاوف من آثار نفسية وتدهور الحالة المعنوية لبعض الوحدات.
مقدّمة وسرد الوقائع
ذكرت يديعوت أحرنوت أن عناصر مسلحة تُقدر بأكثر من 20 ألف مقاتل لا تزال متجمّعة في مخيمات مركزية ومدينة غزة، في حين يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته في أجزاء من القطاع. وفق التقرير، تحويل مئات الآلاف من المدنيين جنوباً هو جزء من خطّة إسرائيلية شاملة تهدف إلى إفساح المجال أمام العمليات البرية، لكن الصحيفة نقلت عن مصادرها العسكرية تحذيرات من أن الأحياء المكتظة تحوي «شبكات أنفاق واسعة، متفجرات مكدّسة، وأعمدة دعم متشعِّبة»، ما يجعل التقدّم البري «مكلفاً وطويلاً».
في سياق موازٍ، كشف موقع واللا عن انتقادات لأسلوب عرض المعلومات الاستخباراتية أمام الجنود، إذ وصف بعض الضباط العرض بأنه أثار «الذعر» بدلاً من تهيئة القوات تكتيكياً، ما دفع القيادة إلى استدعاء مختص نفسي عسكري للتعامل مع الآثار النفسية.
تحليل عسكري: لماذا تصف الصحيفة المعركة بأنها طويلة ومكلفة؟
بنية الدفاع القتالي لحماس: يوصِف التقرير أساليب دفاعية تشمل أنفاقاً واسعة، ألغاماً ومتفجرات مزروعة داخل الشوارع والمنازل وشبكات الصرف الصحي. هذه الهندسة القتالية تجعل العملية البرية تواجه تكاليف زمنية وبشرية أكبر من العمليات في مناطق مفتوحة أو ساحات قتال تقليدية.
عنصر العزيمة القتالية: يهوشع ينقل تقييمات مفادها أن عناصر حماس تتبنّى منطق «الانتصار أو الموت»، ما يعني مقاومة مستمرّة ولن يرفعوا الراية البيضاء بسهولة. هذا يطيل أمد الاشتباكات ويزيد من مستوى الخسائر.
توزّع التهديدات الإقليمية: إلى جانب غزة، تُشير الصحيفة إلى توترات في الضفة الغربية وعمليات تهريب على الحدود الشرقية مع الأردن، وإمكانية تدخل إقليمي — لا سيما من إيران بصفتها «لاعباً محتملاً» قد يغيّر معادلات المواجهة — ما يزيد التعقيد الاستراتيجي أمام تل أبيب.
التداعيات على القوات العادية: عرض معلومات تفصيلية عن مخاطر تواجهها القوات أثّر سلباً على الحالة النفسية لبعض الجنود، وفق ما نقل واللا، ما يضع عبئاً إضافياً على القدرات العملياتية ويستدعي تدخلات دعم نفسي وتدريبي.
البُعد الإنساني واللوجستي
يشير التقرير إلى عمليات تهجير جماعي لمئات الآلاف من المدنيين نحو جنوب القطاع كجزء من الخطط العسكرية، وهو ما يخلق أعباء إنسانية ولوجستية هائلة: توفير مأوى وطعام ورعاية طبية لسكان مُهجرين، إلى جانب تحديات فصل المدنيين عن مواقع القتال ووجود المقاتلين بين السكان. كما أنّ وجود بنى تحتية مدنية مدمرة يحول إعادة الإعمار والتثبيت الأمني إلى مهمة طويلة الأمد.
الردود الداخلية والمخاوف المهنية في الجيش
نقل واللا عن ضباط في جيش الاحتلال أنّ طريقة عرض المعلومات الاستخباراتية تجاه الجنود لم تُقدَّم كتحذيرات تكتيكية بحتة، بل بشكلٍ مُهيّج ومُبالغ فيه، ما أدى إلى خروج بعض الجنود «في حالة صدمة». هذا التصعيد في العرض المعلوماتي أثار نقاشات داخل المؤسسة العسكرية حول كيفية تهيئة القوات نفسياً وتزويدها بقدرات اتخاذ القرار القتالي تحت ضغط المعلومات الصادمة.
الاستجابة التي اتخذها الجيش تضمنت استدعاء مختص نفسي عسكري لعقد جلسات مع الجنود للتخفيف من الصدمة وتعزيز الاستعداد النفسي، ما يعكس وعي القيادة بالحاجة إلى دعم صحي نفسي متزامن مع التدريبات التكتيكية.