أعلنت الفلبين رسميًا وقف أي تعاقدات جديدة لشراء أنظمة تسليح من الاحتلال الاسرائيلي، في خطوة وُصفت بأنها ضربة موجعة لصناعات الدفاع الإسرائيلية التي تعتمد بشكل متزايد على الأسواق الآسيوية لتصريف منتجاتها.

وزير الدفاع الفلبيني جيلبيرتو جِبو تيوودورو أكد، خلال جلسة استماع أمام البرلمان في مانيلا، أن بلاده لن تمضي قدمًا في صفقات تسليح جديدة مع إسرائيل، مبررًا ذلك بضرورة استخلاص "دروس إستراتيجية" من تجارب سابقة أثبتت صعوبة الانفكاك من العقود الطويلة وضعف التشريعات التعاقدية في بلاده.
 

ضغوط محلية مرتبطة بغزة
القرار جاء في توقيت حساس، إذ يتزامن مع تصاعد الغضب الشعبي في الفلبين على خلفية الحرب الإسرائيلية على غزة، حيث طالبت قوى سياسية ومنظمات مدنية حكومة مانيلا بوقف التعاون العسكري مع تل أبيب، باعتباره شكلًا من أشكال "التواطؤ غير المباشر" مع الانتهاكات المرتكبة بحق الفلسطينيين.

صحيفة "جلوبس" العبرية وصفت الخطوة بأنها خسارة "عميل آسيوي كبير"، مؤكدة أن الفلبين كانت ثاني أكبر مستورد للأسلحة الإسرائيلية عالميًا بين عامي 2019 و2023 بنسبة 12% من إجمالي الصادرات، بعد الهند (37%)، وقبل الولايات المتحدة (8.7%).
 

عقود قائمة بلا توسع جديد
وأوضح الوزير أن بلاده ستواصل فقط صيانة وتشغيل الأنظمة الموجودة بالفعل، مثل مدافع "أتموس" ذاتية الحركة، التي حصلت عليها مانيلا بموجب عقود سابقة مع شركة "إلبيت سيستمز".
وبلغت قيمة صفقة القذائف عيار 155 ملم لصالح هذه المنظومات حوالي 250 مليون بيسو فلبيني، غير أنها – بحسب الوزير – ليست صفقة جديدة بل امتداد لعقود قديمة.

وأضاف تيوودورو أن إدخال أنظمة بديلة في هذا التوقيت "غير حكيم"، لأن ذلك قد يربك برنامج التحديث الدفاعي، مشيرًا إلى أن الفلبين ستظل تستخدم المنظومات الموردة من "إلبيت" لعقدين مقبلين على الأقل، مع التوجه لاحقًا نحو تنويع مصادر التسليح.
 

تعاون عسكري سابق
التعاون بين الطرفين لم يكن عابرًا، فقد شهدت السنوات الأخيرة تزويد سلاح البحرية الفلبيني بسفينتين هجوميتين مجهزتين بصواريخ "Spike NLOS" بعيدة المدى من إنتاج شركة "رفائيل"، والتي تتميز بتقنيات "أطلق وانسَ"، ما منح مانيلا قدرات هجومية نوعية في محيطها البحري المتوتر.
 

ضربة قاسية لإسرائيل
تزامن القرار الفلبيني مع أزمة تعصف بالصادرات العسكرية الإسرائيلية.
فوفقًا لبيانات وزارة الدفاع الإسرائيلية، انخفضت حصة سوق آسيا-الباسيفيك من 48% عام 2023 إلى 23% عام 2024، بينما ارتفعت حصة أوروبا إلى 54% بعد أن كانت 35% فقط.

ورغم أن قيمة الصادرات الأمنية الإسرائيلية قفزت إلى 14.8 مليار دولار عام 2024، أي ضعف ما كانت عليه قبل خمس سنوات، إلا أن خسارة أسواق كبرى في آسيا مثل الفلبين ستترك أثرًا عميقًا على المدى البعيد.
 

رسالة استراتيجية
واختتم وزير الدفاع الفلبيني تصريحاته بالتأكيد على أن بلاده استوعبت "درسًا مهمًا في كيفية إدارة المخاطر والتخطيط الاستراتيجي"، ملمحًا إلى أن مستقبل السياسة الدفاعية الفلبينية سيتجه نحو تنويع مصادر التسليح، وعدم الارتهان إلى شريك واحد مهما بلغت قوته.

وبهذا القرار، تكون مانيلا قد أرسلت رسالة سياسية واضحة، ليس فقط لتل أبيب، وإنما أيضًا للقوى الإقليمية والدولية: أن زمن الاعتماد المطلق على إسرائيل كمورد أساسي للسلاح في شرق آسيا قد بدأ بالتراجع، تحت وطأة الحرب على غزة وضغوط الداخل الفلبيني.
 

شاهــد:
https://x.com/ABSCBNNews/status/1967885866459861007