في تطور خطير يفضح من جديد الدور الإماراتي في تأجيج الصراعات الإقليمية، كشفت صحيفة El Faro de Ceuta الإسبانية أن السلطات في مدينة سبتة أوقفت سفينة الشحن Lila Mumbai (ليلا مومباي) التي ترفع علم ليبيريا وتتبع شركة Lila Global الإماراتية، وذلك للاشتباه في نقلها زوارق يمكن استخدامها لأغراض عسكرية إلى مدينة بنغازي الليبية، في خرق واضح وصريح لحظر السلاح المفروض من الأمم المتحدة على ليبيا منذ عام 2011.
 

تفاصيل عملية الاحتجاز
السفينة محتجزة منذ 27 أغسطس الماضي، بناءً على قرار من كابتنية ميناء سبتة وبطلب مباشر من وزارة الخارجية الإسبانية، التي أعطت أوامر صارمة بعد ورود تقارير عن طبيعة الشحنة.
وبحسب المعلومات المنشورة، فإن السفينة غادرت ميناء الفجيرة الإماراتي في 18 يوليو، وسلكت مسارًا طويلًا لتفادي المرور عبر قناة السويس، في محاولة واضحة لإخفاء وجهتها الحقيقية وتجنب الرقابة الدولية.

عمليات التفتيش التي جرت على متن السفينة شاركت فيها قوات الحرس المدني الإسباني، بما في ذلك الوحدات البحرية وفِرق الغوص GEAS، إلى جانب عناصر الجمارك.
وقد أُخضعت الحاويات لمراقبة دقيقة للتأكد من طبيعة الشحنة، وسط مؤشرات قوية على أنها تضم معدات وزوارق يمكن استخدامها عسكريًا في النزاع الليبي.
 

شبهات خطيرة وخروقات للقانون الدولي
بحسب مصادر التحقيق، لا يزال العمل جارياً لكشف حجم وطبيعة المعدات المضبوطة، إلا أن المؤشرات الأولية تؤكد أن الشحنة تحتوي على زوارق سريعة يمكن استخدامها في عمليات عسكرية أو في تهريب الأسلحة والمرتزقة، ما يجعل الإمارات في قلب فضيحة دولية جديدة، خاصة أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها ضبط شحنات مرتبطة بها في نزاعات المنطقة.

الباحث المتخصص في الشأن الليبي جلال حرشاوي أشار في تصريحات للصحيفة الإسبانية إلى أن حجم الشحنة "يثير الكثير من التساؤلات حول من يقف وراء تمويل مثل هذه العمليات الضخمة، ومن المستفيد الحقيقي من نقل هذه المعدات إلى شرق ليبيا".
هذه التصريحات تعزز الاتهامات الموجهة للإمارات، التي طالما واجهت اتهامات بدعم خليفة حفتر والفصائل المسلحة في الشرق الليبي، رغم القرارات الدولية التي تحظر أي تورط عسكري خارجي في الأزمة الليبية.
 

محاولة جديدة لإشعال الصراعات
هذه الفضيحة تأتي لتؤكد مجددًا أن الإمارات تواصل سياستها في خرق القانون الدولي وزعزعة الاستقرار في المنطقة، من السودان إلى اليمن وليبيا.
ففي الوقت الذي تدعو فيه أبوظبي إلى "حلول سلمية" في المؤتمرات الدولية، تمارس على الأرض سياسات معاكسة تمامًا، من خلال تهريب الأسلحة والمعدات العسكرية إلى مناطق النزاع، ما يطيل أمد الحروب ويزيد من معاناة المدنيين.

وتُعد ليبيا إحدى أبرز الساحات التي لعبت فيها الإمارات دورًا خفيًا ومعلنًا لدعم طرف على حساب آخر، رغم الإجماع الدولي على ضرورة وقف التدخلات الخارجية.
وإذا ثبتت التهم المتعلقة بالسفينة Lila Mumbai، فإن ذلك يشكل دليلاً إضافيًا على خرق أبوظبي لقرارات الأمم المتحدة، وهو ما يستوجب تحركًا جادًا من المجتمع الدولي لفرض عقوبات رادعة على المتورطين.
 

أبعاد اقتصادية وسياسية للصفقة
تشير تقديرات مبدئية إلى أن قيمة الشحنة يمكن أن تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات، بالنظر إلى تكلفة الزوارق العسكرية عالية السرعة ومعدات الدعم اللوجستي المرتبطة بها.
السؤال المطروح هنا: من يمول هذه العمليات؟ وهل هي جزء من خطة أوسع لتعزيز نفوذ الإمارات في شرق ليبيا مقابل السيطرة على موانئ ومصادر الطاقة؟
هذه التساؤلات تظل مطروحة في ظل صمت رسمي من أبوظبي، التي لم تصدر أي تعليق حتى الآن.
 

خلفيات تاريخية: سجل الإمارات في خرق القانون الدولي
هذه ليست المرة الأولى التي تُتهم فيها الإمارات بانتهاك القرارات الأممية في المنطقة:

  • ليبيا (2014 – 2020): الأمم المتحدة وثقت إرسال الإمارات طائرات مسيرة مسلحة وطائرات هجومية لدعم قوات خليفة حفتر.
  • تقارير خبراء الأمم المتحدة عام 2019 أكدت وجود منظومات دفاع جوي إماراتية في الشرق الليبي.
  • السودان (2023 – 2024): تقارير أمريكية وأممية كشفت أن أبوظبي زودت قوات الدعم السريع بالأسلحة والوقود رغم الحظر، عبر شبكة تهريب من تشاد وأفريقيا الوسطى.
  • الأمم المتحدة حذرت من أن هذه الإمدادات أطالت أمد الحرب وساهمت في مقتل آلاف المدنيين وتشريد الملايين.
  • اليمن (2015 – 2020): اتهمت منظمات حقوقية الإمارات بتسليح مليشيات خارج سيطرة الحكومة الشرعية، وإنشاء سجون سرية جنوب البلاد.

هذه السوابق تجعل حادثة Lila Mumbai جزءًا من نهج ثابت قائم على التدخل العسكري والاقتصادي غير المشروع.
 

مطالبة بمحاسبة الإمارات
هذه الفضيحة تضع الإمارات أمام اختبار حقيقي أمام المجتمع الدولي، إذ لا يمكن السكوت عن التورط في خرق القرارات الأممية وإشعال الحروب الإقليمية.
ويطالب نشطاء حقوقيون وخبراء بضرورة فتح تحقيق دولي شفاف، ومحاسبة الشركات والجهات الإماراتية المتورطة، بل وفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على أبوظبي إذا ثبتت مسؤوليتها عن هذه العملية.

وأخيرا فقضية السفينة Lila Mumbai ليست مجرد حادثة عابرة، بل مؤشر جديد على خطورة الدور الإماراتي في إعادة إنتاج الحروب والفوضى في المنطقة.
ومع استمرار هذه السياسات، فإن الأمن والاستقرار في ليبيا وبقية دول الجوار سيظل مهددًا، ما لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة لوقف هذه الانتهاكات التي تهدد السلم الإقليمي والدولي.