أعلن قطاع المعاهد الأزهرية في مايو إلى سبتمبر 2024 تطبيق حزمة تعديلات على مناهج المرحلتين الإعدادية والثانوية للعام الدراسي 2024/2025، تضمنت دمج مواد وإلغاء فقرات وتحويل بعض المواد إلى "مادة نجاح ورسوب" لا تُضاف للمجموع النهائي، وإلغاء أو تعديل أجزاء من مقررات علم النفس والاجتماع والفلسفة في بعض الصفوف.

الإعلان جاء في بيانات إدارية ومراسلات داخلية لقطاع المعاهد، وتلاه نشر جداول الكتب المطابقة للتعديلات على بوابات تعليمية مختلفة.

القرار اتخذ على مستوى قطاع المعاهد الأزهرية بمقره في القاهرة، ونُفّذ خلال صيف 2024 تحضيراً للعام الدراسي 2024/2025، مع اعتماد بعض تعديلات وزارة التربية والتعليم على مناهج المعاهد الأُزهرية وفق ما ورد في إعلانات رسمية وتقارير صحفية.

 

ما الذي تغيّر بالضبط؟

من أبرز التعديلات التي أعلنت عنها إدارة قطاع المعاهد الأزهرية، برئاسة فضيلة الشيخ أيمن عبد الغني، هو دمج مواد الكيمياء والفيزياء والأحياء في الصف الأول الثانوي في مادة واحدة تحت مسمى "العلوم المتكاملة"، بهدف التخفيف على الطلاب، مع الحفاظ على المواد منفصلة في الصفين الثاني والثالث الثانوي.

كما تم إلغاء مادة الجغرافيا في الصف الأول الثانوي وإدخال مادة الإحصاء ضمن مقرر الصف الثالث.

بالنسبة للقسم الأدبي، تم إلغاء المواد الثقافية التي كانت مضافة للمجموع مثل اللغة الأجنبية الثانية، وفلسفة ومنطق، بالإضافة إلى مادة علم النفس التي لم تُدرس في الصف الثاني لهذا العام.

كذلك تحويل مادة اللغة الأجنبية الثانية إلى مادة "نجاح ورسوب" لا تُضاف للمجموع النهائي للثانوي.

كما تم إلغاء تدريس بعض المقررات الفرعية في علم النفس والاجتماع للعام المعني، وإبقاء ملخصات أو ملاحق قصيرة بعضها غير محسوب في المجموع.

وأيضاً تم دمج وتخفيض عدد المواد التي تُحسب للمجموع النهائي في شهادة الثانوية.

وأخيراً؛ تخفيف الكمّ التفصيلي للمقررات، مع التركيز على معارف أساسية فقط وترك الحِزم التفصيلية للاطلاع الاختياري.

 

لماذا توصف هذه التعديلات بأنها "نزع الدسم"؟

يُقصد بـ"نزع الدسم" أن التعديلات لا تكتفي بتقليص عدد الصفحات بل تقصّ الأجزاء التحليلية والنقاشية والتمارين التي تُنمّي التفكير النقدي والعمق المعرفي لدى الطالب، حيث جاءت هذه الخطوة كحل إداري سريع لمشكلات تمويلية وضغوط تنفيذية، وليس كنتيجة لإصلاح منهجي شامل يتضمّن تدريباً للمعلمين أو تحسين بنية المدارس.

صرح محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم أن التعديلات تهدف إلى "تخفيف العبء عن الطلاب والأسر" وتحسين إدارة الامتحانات، ووُصفت التعديلات بأنها جزء من مراجعات أوسع للنظام التعليمي.

أما التصريحات الرسمية لقطاع المعاهد بالأزهر فقد وضحت تطبيق تعديلات وزارية على مناهج المعاهد الأزهريّة، لكنها اقتصرت غالباً على بيانات إجرائية من مصدر إداري دون تفصيلات ردّاً على الاعتراضات العامة.

وفي المقابل فمعلمون وتربويون عبّروا في مقابلات وتقارير صحفية عن استياءٍ من إعلان التعديلات السريع وعدم توافر كتب بديلة أو تدريب للمعلمين، واعتبروا أن التغيير سيزيد من سوق الدروس الخصوصية ويُعمّق الفوارق التعليمية.

الاعتراضات ظهرت مباشرة بعد نشر الجداول والتعديلات خلال صيف 2024، وظهرت في تقارير صحفية محلية وعبر منصات التواصل والتعليمية، حيث بلَغت حالة الارتباك ذروتها مع قرب اختبارات الثانوية عندما اكتشف معلمون وطلاب افتقارهم إلى مراجع وأدلّة تدريس متوافقة.

تأتي هذه الاحتجاجات في سياق أوضاع سياسية واجتماعية معقدة في مصر تحت حكم قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، حيث يرى النقاد أن التعديلات ليست فقط تعليمية بل تشكل جزءاً من توجهات أوسع لتقليص دور الأزهر وتعزيز نفوذ الدولة والسيطرة على الخطاب الديني، وترتيب مخرجات التعليم بحسب أهداف النظام الحالي.

فمنذ فترة، قُدمت مقترحات برلمانية لتوحيد وتشكيل نظام التعليم بين العام والأزهري، وهو ما أثار توترات عميقة وأدى إلى حالة من الاستقطاب بين مؤيدي الحفاظ على الطابع الديني والمهني المستقل للأزهر، وبين دعاة تحديث التعليم وتوحيده تحت إشراف جهات الدولة.

كما تصاعد الغضب نتيجة تصريحات لمسؤولين حكوميين، من بينهم وزير التربية والتعليم السابق الدكتور طارق شوقي، الذي أثار جدلاً حين ألمح إلى فكرة دمج التعليم الأزهري بالتعليم العام، قبل أن ينفي رسمياً ذلك لاحقاً في مؤتمر صحفي.

الدعوات هذه وُوجهت برفض حازم من مشيخة الأزهر التي أكدت الحفاظ على استقلالية التعليم الأزهري، وعبرت عن أسفها لما اعتقدت أنه سوء فهم لأهداف التعديلات التي تهدف أساساً إلى تطوير المناهج وتحديثها مع الحفاظ على الثوابت الدينية.

القيادي السابق في الأزهر الشيخ عبدالفتاح علام أعرب عام 2010 عن مخاوفه من أن تؤدي هذه التعديلات إلى تقسيم التعليم الأزهري إلى شق علماني يقتصر على العلمانيات مع حد ضيق أو معدوم للمناهج الدينية، ما يهدد دور الأزهر كمؤسسة تدعو إلى الوسطية.

 

الآثار المباشرة والواقعية للتعديلات

  • شكاوى من عدم توفر طبعات جديدة من الكتب متوافقة مع التعديل.
  • زيادة الطلب على الدروس الخصوصية لتعويض ما اعتُبر نقصاً في المناهج.
  • ارتباك لدى الإدارات المدرسية في توزيع المناهج ووضع جداول الامتحانات.

 

لماذا يقرأ بعضهم القرار كخطوة سياسية؟

في ظل سياسات مركزية متزايدة في إدارة الملفات العامة، تُقرأ تغييرات المناهج على أنها إجراءات إدارية سريعة يمكن أن تقلّل من نطاق النقاش النقدي داخل البنية التعليمية، كما أن تخفيف المحتوى من دون موازنة بالتمويل أو التدريب يعكس توجّهاً لمعالجة الأعراض دون علاج الأسباب البنيوية، فالتعديلات التي وُصفت بأنها "تطوير" أحدثت أزمات تنفيذية وتعليمية بظهور فجوات في المراجع والتدريب.