في 7 أغسطس 2025، نشرت وزارة البيئة، عبر الجريدة الرسمية، قرارًا ينظم إصدار التراخيص لأنشطة تداول زيوت الطعام المستعملة من الجمع والنقل والتخزين إلى التصدير، القرار صدر عن الدكتورة منال عوض بصفتها وزيرة التنمية المحلية والقائم بأعمال وزير البيئة .
ماذا يتضمن القرار؟
- تلزم الجهات العاملة في قطاع الزيوت المستعملة بالتسجيل على موقع جهاز تنظيم إدارة المخلفات للحصول على ترخيص.
- يستند القرار إلى قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 والقانون رقم 202 لسنة 2020 المتعلق بتنظيم إدارة المخلفات.
- يجب أن تتوافر لدى الشركات أدوات ومعدات فنية مناسبة لجمع وتخزين الزيوت، مع تعامل حصري مع مصانع مرخصة لإعادة التدوير.
- تفرض المصانع المستقبلة إنشاء "سجل تتبع" يوثق الكميات الواردة لضمان الشفافية.
- وزارة البيئة ناشدت المواطنين بضرورة التخلص الآمن من الزيوت عبر الشركات المرخصة.
لماذا يشكل القرار أزمة؟
أ. "حماية الدولة" أم محاولة لتحجيم القطاع غير الرسمي؟
في عهد قائد الانقلاب العسكري اعتمد النظام بشكل كبير على الممارسات الاقتصادية غير الرسمية، يأتي هذا القرار ليأخذ بزمام القطاع بعد أن قام ساسة وأذرع رسمية بإهمال طويل قد أتقن اللا نظام في تداول المخلفات كجزء من اقتصاد “ما وراء الرسمية”.
ب. غموض الخصخصة وتضييق الحريات الاقتصادية
التراخيص والإجراءات الإلكترونية مثل التسجيل عبر موقع wims.wmra.gov.eg)) قد تطوّع القطاع في إطار بيروقراطي، تقلّص المساحات اللي كان فيها المصريون يدبّروا مواردهم بطرق “مرنة” خارج تدخّل الدولة.
ج. تقييد المواطنين والتجار الصغار
غياب ذكر المساعدات أو التدابير الخاصة بالتجار الصغار قد يحرمهم من مصدر دخل تطوّعوا فيه، بينما لم تُعلن الحكومة أي خطة لدعمهم أو دمجهم تدريجيًا في النظام الرسمي.
الدكتورة منال عوض شدّدت على أن القرار جاء بعد موافقة مجلس وزراء الانقلاب ومجلس إدارة جهاز تنظيم إدارة المخلفات، ويهدف لتنظيم المنظومة متكاملة ووضع حد للممارسات العشوائية وغير الآمنة، كما قالت إن ضبط تداول الزيوت الحيوي كقيمة اقتصادية وصحية وبيئية يُحتم تنظيمه.
الزيوت المستعملة كارثة صحية وبيئية
شهدت السنوات الأخيرة انتشار ظاهرة جمع الزيوت المستعملة من المنازل والمطاعم وإعادة تدويرها بطرق غير آمنة وبيعها في الأسواق على أنها زيوت طعام جديدة.
وفق تقارير، يتم شراء لتر الزيت المستعمل من المنازل بسعر مغر يبلغ ما بين 15 إلى 20 جنيها، وهو ما يشجع على شراء الزيوت المستعملة بدلا من التخلص منها بطرق صحية، لكن ذلك يؤدي إلى مخاطر صحية خطيرة، منها أمراض سرطان القولون والكبد وأمراض القلب.
ضبطت السلطات المصرية عدة مصانع غير مرخصة تعمل على إعادة تدوير هذه الزيوت بطرق ملوثة وصراع سوق سوداء يعيد بيعها للمواطنين والمطاعم بأسعار أقل مع تهديد للصحة العامة.
أوضح القرار الذي صدر بعد موافقة مجلس وزراء الانقلاب ومجلس إدارة جهاز تنظيم إدارة المخلفات، استنادا لقوانين البيئة رقم 4 لسنة 1994، وقانون تنظيم إدارة المخلفات رقم 202 لسنة 2020، أن أي نشاط لتداول الزيوت المستعملة يجب أن يكون مرخصا رسميًا من جهاز تنظيم إدارة المخلفات.
ويشترط القرار أن شركات الجمع والتخزين والتصدير تمتلك الإمكانيات والأدوات اللازمة للعمل، مع ضرورة تعاونها مع المصانع الرسمية المرخصة ذات السجلات المنظمة لتلقي الزيوت وإعادة تدويرها بطريقة آمنة.
كما يفرض القرار أهمية تشديد الرقابة على جميع مراحل تداول الزيوت لضمان وصولها فقط إلى المصانع المرخصة، ولاسيما إلزام تلك المصانع بإعداد سجلات تتبع تفصيلية للكميات الواردة إليها وذلك لضمان الشفافية وإحكام الرقابة.
محاولة لتقنين التبعية؟
رغم أن الهدف المعلن هو حماية البيئة والصحة العامة، يبقى السؤال الأهم: هل خدمة المواطنين وبيئتهم أم تعزيز تحكم النظام في الموارد الاقتصادية الصغرى؟
من الناحية الحقوقية، يحق للمصريين -خاصة الفئات الهامشية- أن يتساءلوا: لماذا لم تُرفق قرارات كهذه بخطط لتمكين صغار التجار وتحديثهم تدريجيًا بدلًا من أن تُطرح فجأة بما يشبه “القضم” المؤسسي؟ هذا دليل آخر على اختصاص الدولة في توزيع الموارد وتقرير من يحق له الكسب، في ظل نظام لا يفوّض شيئًا بسهولة.