فضحت، د. عالية المهدي الواقع الاقتصادي المزري للمصريين، حيث أصبح الناس تستغني عن العلاج والطعام لتعيش، "فالأسرة المصرية تعاني بشدة من الأوضاع الاقتصادية السيئة، تآكلت مدخراتها وأصبحت تستغني عن العلاج والتنقل والأكل والشرب لتعيش."

جاء هذا التصريح الصادم لـ د. عالية المهدي، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبق، أثناء لقاء تلفزيوني لخصت فيه الجريمة الاقتصادية الممنهجة التي يرتكبها النظام الحاكم في مصر بحق شعبه.
https://x.com/i/status/1951558600289402917

بهذه العبارة الصادقة والمجروحة، فجّرت الدكتورة عالية المهدي قنبلة صامتة، كشفت فيها عمق الكارثة التي يعيشها المصريون في عهد عبد الفتاح السيسي، ليس فقط بالأرقام، بل بالأرواح. لم يكن تصريحها مجرد ملاحظة أكاديمية، بل شهادة مؤلمة من قامة اقتصادية كبيرة على واقع سحق الطبقة الوسطى، ومزّق الفقراء، وأغرق المجتمع في بؤس مادي واجتماعي.

تصريحها لم يمر مرور الكرام، لأنه  ببساطة قال ما لا يجرؤ عليه كثيرون في الداخل: المصري لم يعُد قادرًا على أن يعيش!

 

الاقتصاد في عهد السيسي.. بين الشعارات والخراب

منذ انقلاب 2013 وحتى اليوم، لم يتوقف الإعلام الرسمي عن تكرار مصطلحات مثل "المشروعات القومية"، "الإنجازات الكبرى"، و"الجمهورية الجديدة". لكن خلف هذا الطلاء، يقف اقتصاد ممزق، ونظام مالي مترنّح، وواقع اجتماعي منحدر بسرعة جنونية.

 

الديون.. سيف مسلط على رقاب الأجيال
   
أحد أبرز معالم الانهيار هو الارتفاع التاريخي في حجم الدين العام الخارجي والداخلي:

  • ارتفع الدين الخارجي من 43 مليار دولار في 2013 إلى ما يزيد عن 165 مليار دولار في 2024.
  • الدين المحلي قفز إلى أكثر من 6.2 تريليون جنيه.
  • فوائد الدين وحدها تلتهم أكثر من 54% من الموازنة العامة للدولة.

وكل هذه الديون لا تُستثمر في الإنتاج أو التعليم، بل تُهدر على مشاريع غير مدروسة، وأصول عسكرية، و"عاصمة إدارية" لا تخص المواطن.
 

أين تذهب أموال الشعب؟

  • العاصمة الإدارية.. مدينة للصفوة لا للفقراء
  • تقدر تكلفة العاصمة الإدارية الجديدة بأكثر من 500 مليار جنيه.
  • لا تحتوي على مستشفيات أو خدمات عامة للفقراء.
  • تدار كمشروع ربحي لصالح الجيش والشركات الموالية.
     

مشروعات بلا مردود حقيقي

  • تفريعة قناة السويس: كلفت أكثر من 8 مليارات دولار، ولم تحقق عائدًا يُذكر.
  •  كوبري كل يوم: إنفاق ضخم على بنية تحتية تجميلية، بدلًا من دعم التعليم أو الصحة.
  • قصور رئاسية ومقرات أمنية جديدة: بينما تعجز الدولة عن دعم المدارس والمستشفيات.
  • أثر السياسات على الأسرة المصرية: انهيار اجتماعي شامل

ما قالته د. عالية المهدي يعكس نتائج مرعبة على أرض الواقع:
 

الغذاء.. كماليات للفقراء

  • تضاعفت أسعار السلع الغذائية 3 و4 مرات خلال عامين فقط.
  • بيض، لبن، لحم أصبحت مواد نادرة على مائدة الطبقة الوسطى.
  • وصل الأمر إلى "تداول وصفات طهي من بواقي الطعام" كحل يومي!
     

العلاج.. للأغنياء فقط

  • تكلفة العلاج ارتفعت بنسبة 300%.
  • المستشفيات الحكومية تفتقر للدواء والمستلزمات.
  • المواطن يتردد كثيرًا قبل دخول مستشفى، لأن "المرض أرخص من العلاج".

 

النقل.. عبء إضافي

  • أسعار البنزين والديزل قفزت 6 مرات في 10 سنوات.
  • تعريفة المواصلات تلتهم جزءًا كبيرًا من دخل الفرد.
  • البعض يلجأ للمشي ساعات بدلًا من المواصلات، أو يؤجل عمله ليوفّر تكلفة التنقل!
     

التعليم.. صار تجارة

  • المدارس الحكومية تنهار تحت الإهمال.
  • التعليم الخاص والدولي بآلاف الجنيهات، ولا يستطيع المواطن البسيط مجاراته.
  • المعلمون أنفسهم يعانون الفقر ويعتمدون على الدروس الخصوصية.
     

منظومة كاملة لإفقار الشعب

النتيجة هي منظومة متكاملة هدفها إضعاف المواطن نفسيًا وماديًا:

  • ارتفاع جنوني في معدلات الانتحار.
  • زيادة غير مسبوقة في الطلاق بسبب الضغوط الاقتصادية.
  • تراجع معدلات الإنجاب نتيجة عجز الأسر عن توفير الحد الأدنى.
  • عودة مظاهر التسول والعمل القسري للأطفال.
  • غياب الأمان الغذائي لنحو ثلث السكان.

 

نظام لا يسمع.. بل يقمع

كلما طالب أحد بالإصلاح، يكون الرد:

  • إما الاعتقال بتهمة نشر أخبار كاذبة.
  • أو التخوين والتشكيك في نوايا الناقدين.
  • أو تجاهل علمي كامل كما حدث مع توصيات تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات.

وهكذا، لا توجد آلية لتصحيح المسار أو تدارك الخطأ. والنتيجة: أزمة تتكرر، وتفاقم نفسها، وتُحمل المواطن ثمنها.

 

السيسي.. مشروعاته أولى من حياة الناس

المنقلب نفسه لم يُخفِ فلسفته. قال بوضوح في أحد خطاباته: "مش قادرين؟ ماتركبوش. مش عاجبكم الأسعار؟ ما تاكلوش اللحمة!"

هي رؤية تعتبر المعيشة رفاهية، والطعام ترفًا، والحياة في ظل الكرامة مطلبًا مبالغًا فيه!

 

عالية المهدي.. صوت علمي وسط الضجيج

ما يميز تصريح الدكتورة عالية المهدي ليس فقط دقتها الأكاديمية، بل جرأتها في تشخيص المأساة بدون مواربة. فهي لم تتحدث بلغة اقتصادية جامدة، بل بلسان المواطن الذي "استغنى عن كل شيء ليعيش".

تصريحها يختصر مأساة ملايين المصريين:

  •  لا دواء.
  • لا طعام كافٍ.
  • لا مواصلات.
  • لا مدخرات.
  • لا أمل.
  • هل من أمل؟

رغم كل شيء، هناك شعور يتنامى في الشارع: الناس بدأت تفهم اللعبة. بدأوا يدركون أن هذه ليست أزمة طارئة، بل نتاج سياسة مُمنهجة.

هناك دعوات متزايدة لمحاسبة المسؤولين عن إهدار المال العام.

هناك حراك شبابي عبر الإنترنت يعيد الحديث عن العدالة الاجتماعية.

وهناك خبراء شجعان – مثل د. عالية المهدي – يصرون على قول الحقيقة.

في الختام: الشعب لن يُهان إلى الأبد فتصريح د. عالية المهدي لا يجب أن يُنسى. يجب أن يُعلّق على جدران كل وزارة، ويُتلى في كل منبر، لأنه:لا يحذّر فقط، بل يدق ناقوس خطر وطني. ولا يُحرّض، بل ينقذ ما تبقى من وطن.

"الأسرة المصرية تعاني بشدة.. تآكلت مدخراتها.. أصبحت تستغني عن العلاج والتنقل والأكل والشرب لتعيش."

لم تقُل "قد تُعاني"، بل "تُعاني بالفعل".فهل يسمع النظام؟ أم يستمر في دفن الرأس في الرمال، بينما يجوّع الشعب، ويغسل وجهه بالأسمنت والقصور والديون؟