في مشهد مأساوي يتكرّر في شوارع مصر، توفت ثلاث فتيات في مقتبل العمر، وأُصيب 14 شخصاً بينهم أطفال وشباب، إثر انقلاب "ميني باص" على الطريق الصحراوي الشرقي بمحافظة المنيا. الحادث المفجع أعاد فتح الجراح النازفة لحوادث الطرق التي لا تهدأ، وسط تساؤلات عن المسؤولية والرقابة والقصور في منظومة السلامة المرورية.

 

رحلة لم تكتمل.. ونهاية مأساوية

كانت الفتيات الثلاث: ريموندا شكري، وميرنا يعقوب، ودينا أشرف، لا يزلن في بداية الطريق، بأحلامٍ صغيرة عن مستقبلٍ لم يُمنح لهنّ الوقت ليكبر. تقول إحدى قريبات الضحايا: "خرجْنَ ليرَين الحياة، لكن الطريق كان أسرع من الحلم... أسرع من القدر".

الحادث وقع حين انقلبت الحافلة الصغيرة (ميني باص) التي كانت تقل الركّاب، معظمهم من الفتيات والأطفال، بشكل مفاجئ وسط الطريق، في ظروف لا تزال التحقيقات تبحث عن تفاصيلها.

قائمة طويلة من الجرحى.. والمستشفيات تغصّ بالدموع
وتنوّعت أعمار المصابين، بين أطفال وشباب وكبار، فيما نقل المصابون إلى مستشفيات المحافظة لتلقي الإسعافات، وسط ذهول وارتباك الأهالي الذين توافدوا بالمئات إلى أبواب غرف الطوارئ والعناية المركزة.

 

بين قائمة المصابين:

ريدي إسحاق (12 عاماً)

ندى إسحاق (7 أعوام)

كلارا محروس (12 عاماً)

شيري مجدي (20 عاماً)

مارينا مجدي (12 عاماً)

مارينا عادل (13 عاماً)

شنودة رضا (12 عاماً)

ميرنا رضا (21 عاماً)

مينا مجدي (28 عاماً)

كاراس ميلاد (11 عاماً)

يوستينا سمير (26 عاماً) – صيدلانية

كيرلس وديع (26 عاماً) – صيدلي

عادل عطية (40 عاماً)

وقال والد إحدى المصابات: "مش عارفين إذا كنا نحمد ربنا إنها عايشة، ولا نغضب إنها مش قادرة تتحرّك… إحنا في صدمة".

 

حوادث الطرق.. مجازر تتكرّر

ليست هذه المأساة الأولى، بل تأتي ضمن سلسلة طويلة من الكوارث على الطرق وخاصة الصحراوية منها. ففي يونيو 2025، لقيت طفلة مصرعها وأُصيب 17 آخرون إثر انقلاب "ميكروباص" يقلّ عمالاً زراعيين على نفس الطريق. وفي الشهر ذاته، شهدت محافظة المنوفية فاجعة مروّعة حين قضت 19 فتاة، غالبيتهنّ مراهقات عاملات في جني العنب، بعد اصطدام سيارة النقل التي تقلهنّ بشاحنة ضخمة.

 

انتقادات تتصاعد في وجه الحكومة

في وقتٍ يواصل فيه الخطاب الرسمي الاحتفاء بـ"الافتتاحات الكبرى" و"المشهد الحضاري الجديد"، تزداد أصوات الناقدين الذين يرون أن الأرقام على الأرض تقول شيئاً آخر.

يقول خبير في السلامة المرورية، فضّل عدم الكشف عن اسمه: "لدينا مشروعات طرق بمليارات الجنيهات، لكنها تُنفّذ بمعايير ضعيفة، وبدون رقابة حقيقية، والنتيجة: دماء الأبرياء تسيل على الأسفلت يومياً".

ويضيف: "غياب المحاسبة على الأخطاء الهندسية، وعدم إلزام شركات المقاولات بمستويات الجودة المطلوبة، يُنتج شبكة طرق ظاهرها التقدم، وباطنها التهديد المستمر لحياة المواطنين".