علّق عمال شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالإسكندرية احتجاجاتهم المستمرة منذ أيام، والتي رفعوا خلالها مطالب تتعلق بتحسين أوضاعهم المعيشية والوظيفية، وذلك بعد تدخل من ضباط في جهاز الأمن الوطني، تعهدوا خلال لقاء مباشر مع عدد من المحتجين بالعمل على حل أزمتهم خلال عشرة أيام.
وكانت الاحتجاجات قد اندلعت في عدد من محطات تنقية المياه وفروع خدمة العملاء التابعة للشركة، حيث شهدت هذه المواقع وقفات واعتصامات متزامنة، شارك فيها عشرات من العمال والعاملين، مطالبين بضم العلاوات المتأخرة منذ عام 2016، إلى جانب تحسين بدل الوجبة، وصرف بدل غلاء المعيشة، وتعديل الأجور بما يتناسب مع سنوات الخدمة.
مطلب قديم يتجدد: العلاوات الضائعة
تعكس هذه التحركات حالة من الغضب المكتوم بين العاملين، خاصةً مع تلقي نحو 300 عامل فقط لأحكام قضائية بضم العلاوات، جرى تنفيذها الأسبوع الماضي، ما أثار موجة من الاحتجاجات بين زملائهم الذين لم يحصلوا على الحقوق نفسها، رغم أن إدارة الشركة كانت قد وعدتهم مرارًا بضم العلاوات تلقائيًا دون اللجوء إلى القضاء، قبل أن تتراجع وتطالبهم باتخاذ الإجراءات القضائية للحصول على مستحقاتهم، وهو ما وصفه العمال بأنه "تلاعب فج بحقوقهم".
ويُذكر أن هذه العلاوات، التي يعود تاريخها إلى ما يقرب من تسع سنوات، تمثل فارقًا كبيرًا في الرواتب الهزيلة أصلًا، إذ لا يتجاوز متوسط الأجور في الشركة حاليًا 4500 جنيه شهريًا، وهو رقم يقل بكثير عن الحد الأدنى الرسمي للأجور البالغ 7000 جنيه، وفقًا لعمال قضوا أكثر من 25 عامًا في الخدمة.
تدخل أمني مباشر: الوعود مقابل التهدئة
قال أحد العمال المعتصمين، طالبًا عدم الكشف عن اسمه: زارنا ضباط من الأمن الوطني، استمعوا لمطالبنا وقالوا إنها مشروعة، لكن طلبوا منا نديهم فرصة 10 أيام عشان يحلوا الموضوع مع إدارة الشركة، وأكدوا إنهم مش ضدنا".
وتابع عامل آخر: "قالوا لنا إن القطاع حساس ومينفعش يكون فيه اضطراب، وده شيء إحنا أصلاً مدركينه، والدليل إن المحطات كانت شغالة بكفاءة أثناء الاحتجاج، إحنا مش بنخرب، إحنا بس عاوزين حقوقنا".
وأكد العامل أن قرار تعليق الاحتجاجات لم يكن سهلًا، لكنه جاء بعد مشاورات جماعية بين العمال في مختلف المحطات، في انتظار تنفيذ وعود الأمن الوطني خلال المهلة التي حددوها.
الغليان يمتد: احتجاجات مشابهة في محافظات أخرى
أزمة الإسكندرية ليست سوى جزء من أزمة أوسع يشهدها قطاع مياه الشرب والصرف الصحي في مصر.
في القليوبية، شهدت فروع القناطر الخيرية والخصوص وشبرا الخيمة وبنها، في مارس الماضي، احتجاجات واسعة من قبل محصلي الفواتير وقارئي العدادات بنظام العمولة، مطالبين بتطبيق الحد الأدنى للأجور وتوقيع عقود عمل شاملة.
كما نظّم محصلو الفواتير بشركات المياه في محافظتي أسوان والجيزة وقفات مماثلة، رفضًا لما وصفوه بـ"الاستغلال المزمن"، إذ لا تتجاوز دخولهم الشهرية ما بين 1000 إلى 4000 جنيه، رغم العمل لعقد كامل من الزمن، وهو ما اعتبره البعض "أشكالًا جديدة من التشغيل المؤقت المقنّن تحت غطاء العمولة".
غياب النقابات المستقلة وصمت الإدارة
ورغم تفاقم الأزمة، تُسجّل ملاحظة واضحة بغياب أي صوت نقابي مستقل يدافع عن العمال في تلك الشركات، فيما التزمت الإدارات الرسمية الصمت، ولم تُصدر أي بيانات بشأن المطالب أو الاحتجاجات، ما يفتح تساؤلات حول دور النقابات العامة وقدرتها على حماية حقوق العاملين، في وقت يتنامى فيه الغضب داخل الصفوف العمالية.