ترقب الأوساط القانونية والاجتماعية والاقتصادية خلال الأيام القليلة المقبلة قرارًا مصيريًا من عبدالفتاح السيسي، بشأن تعديلات قانون الإيجار القديم، والذي أصبح على أعتاب النفاذ أو الرد، بعد أن أقره البرلمان رسميًا، ودخل في مهلة الثلاثين يومًا الدستورية للتصديق أو الإعادة.
وبحسب المادة (123) من الدستور فإن أمام الرئيس حتى الأول من أغسطس للبت في القانون، سواء بإصدار القرار الجمهوري أو برده للبرلمان مع توضيح أوجه الاعتراض. وإذا انقضت المدة دون رد، يعتبر القانون نافذًا بقوة الدستور.
تحركات قانونية وإنذارات مبكرة
ومع اقتراب المهلة من نهايتها، شهدت منصات التواصل الاجتماعي تفاعلًا ملحوظًا من المحامين والملاك، حيث بادر عدد منهم بنشر صيغ قانونية يمكن الاستعانة بها لتوجيه إنذارات للمستأجرين، تتعلق برفع الأجرة تدريجيًا أو إنهاء العلاقة الإيجارية خلال المدة الانتقالية المنصوص عليها.
هذه الصيغ استندت إلى حكم المحكمة الدستورية الصادر في نوفمبر الماضي، والذي قضى بعدم دستورية ثبات القيمة الإيجارية في العقود القديمة. وقد دخل هذا الحكم حيز التنفيذ بداية من 10 يوليو، أي بعد فض دور الانعقاد البرلماني الحالي، ما يعني بدء سريان الأحكام الدستورية المتعلقة بتعديل العلاقة الإيجارية.
الملاك: لا نرغب في نزاعات طويلة
في استطلاع للرأي أجرته جريدة "الشروق"، أشار غالبية الملاك إلى رغبتهم في التوصل لتفاهمات مباشرة مع المستأجرين، بدلاً من اللجوء إلى مسارات قضائية قد تمتد لسنوات.
وقال عدد منهم إن القانون الجديد يمنحهم الحق في تعديل الأجرة وتحقيق التوازن في العلاقة، مؤكدين أنهم سيمنحون المستأجرين الوقت الكافي للبحث عن بدائل مناسبة، وفقًا لما أتاحته التشريعات الجديدة من فترة انتقالية تصل إلى سبع سنوات.
حكم المحكمة الدستورية: عدوان على العدل؟
وقد استندت التعديلات المرتقبة إلى حكم المحكمة الدستورية العليا، الذي وصف ثبات القيمة الإيجارية بأنه "عدوان على قيمة العدل وإهدار لحق الملكية"، واعتبر أن تثبيت الأجرة السنوية منذ أكثر من أربعة عقود دون تغيير لا يتناسب مع التطورات الاقتصادية وتغيرات السوق العقاري.
وقد ألغت المحكمة بموجب الحكم الفقرة الأولى من المادتين (1 و2) من القانون 136 لسنة 1981، معتبرة أن تعديل العلاقة بين المؤجر والمستأجر ضرورة قانونية واجتماعية لضمان التوازن.
المهلة الدستورية تقترب من نهايتها
تبقى أقل من أسبوع على حسم مصير القانون الذي أثار جدلاً واسعًا في المجتمع بين من يرى فيه إنصافًا للملاك الذين تقيدت حقوقهم لعقود، وبين من يخشى من تداعيات اجتماعية واقتصادية قد تضرب ملايين الأسر من مستأجري الوحدات السكنية والتجارية القديمة.
وبحسب الدستور، فإن فشل عبدالفتاح السيسي، في الرد أو التصديق حتى أول أغسطس، يعني أن القانون سيصدر تلقائيًا، ويدخل حيز التنفيذ.
بين الإصلاح العقاري والمخاوف الاجتماعية
القانون الجديد لا يتعامل فقط مع مسألة الإيجار كعلاقة تعاقدية، بل يتداخل مع قضايا أعمق تتعلق بالعدالة الاجتماعية، والحق في السكن، وحقوق الملكية.
ويرى مراقبون أن فترات السماح التي نص عليها القانون، ومن ضمنها منح المستأجرين مهلة تصل إلى سبع سنوات للإخلاء أو توفيق الأوضاع، تمثل محاولة لتهدئة الصدامات المحتملة، وتمكين الدولة من التدخل لتوفير بدائل سكنية عند الحاجة.
استثمارات سعودية في قلب القاهرة.. مصادفة أم مؤشر؟
وفي سياق متصل، جاء اجتماع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قبل أيام مع رئيس مجلس إدارة مجموعة “سمو القابضة” السعودية ليثير تساؤلات لدى البعض، خاصة بعد إعلان الأخير عن رغبته في الاستثمار بمنطقة وسط البلد في القاهرة، لما تتمتع به من موقع استراتيجي يجعلها مرشحة لتكون مركزًا عالميًا للسياحة.
ويرى بعض المحللين أن تزامن هذا الاجتماع مع اقتراب تطبيق تعديلات قانون الإيجار القديم، وخاصة في المناطق الحيوية كوسط البلد، قد لا يكون مجرد صدفة، بل قد يشير إلى توجهات رسمية لإعادة تطوير هذه المناطق، وفتحها أمام استثمارات خليجية كبرى، بعد تحرير العقود وإزالة العوائق القديمة.