في مؤتمر صحفي جماعي مع المستشار الإعلامي للرئاسة، أطلق عبد الفتاح السيسي سلسلة من التصريحات التي شغلت الرأي العام:
”لم نغلق معبر رفح، بل تم تدميره 4 مرات خلال حرب غزة، ونقوم بترميمه في كل مرة“
”ندائي إلى الرئيس ترامب ورؤساء العالم لوقف الحرب وإدخال المساعدات إلى القطاع“
”مصر ستظل بوابة لدخول المساعدات لغزة وليست بوابة لتهجير الشعب الفلسطيني“
”تم تقليل إدخال المساعدات لقطاع غزة للصفر من 600 شاحنة يوميًا كانت تدخل قبل الحرب“
https://x.com/i/status/1952843303826714991
لكن هذه التصريحات، بحسب خبراء ومراقبين، تحتمل الكثير من التناقض مع الواقع السياسي والإنساني على الأرض، بل وقد تعكس ضعفًا في الموقف المصري داخليًا وخارجيًا.
الصحفية سيلين ساري كتبت "نفسي.. نفسي القتله وقعوا في بعض.. بعد ان اتهمته اسرائيل بغلق #معبر_رفح ومنع دخول المساعدات لغزة #السيسي يرد متهما #إسرائيل بتنفيذ إبادة ممنهجة في #غزة بغرض تصفية القضية الفلسطينية منتقدً الصمت العالمي فهل بدأ تشقق التحالف الأسود بعدما أصبحت رقبة السيسي #نتنياهو على المحك؟".
https://x.com/celin931/status/1952843246247526878
الحقوقي الدكتور يحيى غنيم "هذا ليس خائن فحسب ولا عميل مأجور فحسب ولا معتوه يردد مالايعقل ولكنه صهيونى وقح كذاب لو قلت إن النجسياهو كذاب ابن كذاب وأن ترامب أكذب منه فإن هذا الصهيونى الوقح له الصدارة على إبليس فى إضلاله وتدليسه وتلبيسه، ولعل النجسياهو وترامب يستعيذون بالشيطان من شر السيسى!".
https://x.com/YahyaGhoniem/status/1952896030250336564
الاقتصادي الدكتور مراد علي "وجّه السيسي أمس، وللمرة الثانية، مناشدة إلى الرئيس ترامب للتدخّل من أجل وقف الإبادة في غزة!! مشهد يوحي بعدم قدرة ( أو عدم رغبة)الدولة المصرية في الانخراط المباشر بثقلها السياسي الطبيعي. غير أنّ الردّ الأميركي جاء سريعًا وصريحًا، حيث أعلن ترامب أنّه لا يمانع في احتلال إسرائيل لقطاع غزة. فأيّ شعور يعتري مؤيّدي النظام المصري وهم يشاهدون العجز الواضح والاستخفاف البالغ الذي أبداه الرئيس الأميركي تجاه قيادتهم؟ كيف لدولة بحجم مصر تتحوّل إلى مجرّد وسيط يطلب المساعدة من الخارج، ثم يُجابَه رئيسها بردّ فيه استخفاف علني بمكانتها. هذه المواقف سبب تآكل الثقة الشعب في قدرة القيادة الحالية ليس فقط على حماية المصالح الوطنية، بل في سرديته الكاملة عن “مكانة مصر الإقليمية”. وإذا استمر هذا النهج، فإنّه يهدّد بتوسيع الفجوة بين السلطة ومؤيديها، وربما يفتح الباب أمام انقسامات داخل هذه مؤسسات الدولة السيادية نفسها.".
https://x.com/mouradaly/status/1952988717204836543
الكاتب أحمد عبدالعزيز سخر قائلا " إحنا مش عبط يا باشا!".
https://x.com/AAAzizMisr/status/1952832877571301576
الناشط والبلوجر سيف الاسلام عيد " مرة أخرى يعيد السيسي أن معبر رفح "مقفول من عندهم مش من عندنا"، ويلقي باللوم على من يطالب مصر بالقيام بدورها، وكأنه يرأس دولة أخرى غير مصر التي نعرفها، بلد قادر على فرض إرادته! الحقيقة أن نظام السيسي لم يتخذ إجراء واحد يدلّ على صدق خطابات السيسي نفسه: -لم يعلّق العلاقات الرسمية بين البلدين. -لم يمنع تصدير السلع والمواد الغذائية وغير الغذائية للـ عد.و، بل تحتل مصر المرتبة الأولى عربيًا في التصدير لهم. فقد صدرّت مصر خلال شهر يونيو الماضي فقط ما قيمته 8 مليون دولار من السلع الغذائية. -لم يمنع دخول المواطنين الإسرا.خيليين إلى أرض مصر، ومازالوا يدخلون عبر المعابر برسم 20 دولار تأشيرة عند الوصول! -كل التمثيليات التي ابتدعتها عقلية النظام الأمنية عند معبر رفح، أو "مظاهرات ضد التهـ ـ جير" كانت مصطنعة، بل ويُقبض على من يعترض عليها! -لم تفعل المؤسسة العسكرية شيئًا حيال احتـ لال محور "صلاح الدين" فيلاديلفي، وذلك على عكس من اتفاق 2005 الذي وقعته مصر ونصوصه واضحة. - لم تضغط مصر أو تلوّح حتى بأي ورقة تمتلكها، وبات الخطر أحدق مما تتصور، إلى درجة أن الخطابات الرنانة أو التصريحات غير المسبوقة أو بيانات الأزهر لن تكون أثمن من الورق الذي كتبت عليه!".
https://x.com/eid_alislam/status/1952719095314698516
الاعلامي والصحفي د. أحمد عطوان "عذر أقبح من ذنب ! السيسي: أكثر من 5 آلاف شاحنة جاهزة لدخول غزة لكن الجانب الإسرائيلي يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح. ما الجديد في هذه المعلومة؟ هل هذا عذر لعدم فك الحصار؟ العالم كله يسألك:وأين دورك؟ ماذا صنعت لانقاذ الجوعى؟ لماذا رضخت للرغبة الاسرائيلية؟ لماذا لم تضغط بأي اوراق تملكها؟".
https://x.com/ahmedatwan66/status/1952756358010585591
التدمير المتكرر لمعبر رفح: بيان غامض وتبرير غير كافٍ
زعم السيسي أن معبر رفح تم "تدميره 4 مرات" أثناء الحرب، والحكومة تساهم بإعادة ترميمه.
لكن حسب مصادر مستقلة:
الحكومة المصرية تدّعي بقاء الجانب المصري من المعبر مفتوحًا لاستقبال المساعدات، وأن الانغلاق كان من الجانب الإسرائيلي.
بينما تقارير حقوقية تؤكد أن إسرائيل سيطرت على الجانب الفلسطيني من المعبر في مايو 2024، ما أدّى فعليًا إلى فك التحكم المصري في المعبر.
وهكذا، فإن حجة "التدمير المتكرر" تبدو محمية سياسياً، لكنها تغطي على أن السيادة الفعلية على المعبر فقدت، وأن مصر ليست الفاعل الحقيقي في منحه أو فتحه دون شروط إسرائيلية.
الصمت الدولي… والموقف المصري الضعيف
رغم دعوة السيسي ترامب ورؤساء العالم لوقف الحرب وإدخال المساعدات، إلا أن:
السياسة الخارجية المصرية ظلت تتبنى “المسايرة” لا الضغط الحقيقي على إسرائيل.
مصر لم تصعد بشكل حقيقي لوقف الحرب أو تعليق معاهدة كامب ديفيد، بل سيقت في الخلاف بعد السيطرة الإسرائيلية على المعبر.
النتيجة، موقف مصري معادٍ للمجزر شكليًا، لكن هشّ فعليًا في مواجهة إسرائيل دوليًا.
إدخال المساعدات إلى غزة: بين الوعد والواقع
تصريحات السيسي تشير إلى أن مصر "ستظل بوابة للمساعدات" وليست لتهجير الفلسطينيين.
لكن:
بيانات من جهات دولية تفيد أن أقل من 100 شاحنة مساعدات يوميًا دخلت منذ أكتوبر 2023 وحتى بدايات نوفمبر، بعد اتفاقات متقطعة.
الأمم المتحدة ومؤسسات الإغاثة، مثل أونروا، انتقدت بطء وصول المساعدات وتكدسها على الجانب المصري من المعبر.
العبرة إذًا ليست فقط في التصريح، بل في المخرجات الفعلية: المعدلات المتدنية، والإغاثة التي لا تصل، والوفيات من الجوع والمقاومة للصمت الدولي.
من 600 شاحنة إلى الصفر": مقارنة مضللة
السيسي صرّح أن هناك ما كان يُدخل قبل الحرب 600 شاحنة يوميًا، وانخفض إلى صفر.
لكن:
بيانات رسمية تؤكد إدخال مئات الشاحنات يوميًا منذ أكتوبر، حتى إن توقفت لحظيًا ففُتح المعبر لاحقًا للإغاثة والجرحى.
التقارير الاستقصائية تشير إلى أن هناك مراقبة إسرائيلية صارمة، وتفتيش وإجراءات تمنع دخول وقود أو مواد أساسية، ما يُجعل الرقم الحقيقي منخفضًا ولكنه ليس صفراً.
يختار السيسي استخدام الأرقام المطلقة للدراما، بينما المنطق والمصادر تشير إلى نفاق إعلامي سياسي يغطي على واقع تعيس.
ضعف الموقف الداخلي والخارجي... قراءة استراتيجية
موقف مصر من الأزمة الفلسطينية يعكس هشاشة:
داخليًا: لا توجد مساحة للمجتمع المدني أو المتظاهرين لدعوة قوية لفتح المعبر أو مساندة الشعب الفلسطيني بشكل مباشر؛ الاحتجاجات كانت ملاحقة ومقيدة.
خارجيًا: مصر لم تستخدم ثقلها الإقليمي كوسيط فعّال أو لاعب ضاغط، بل اكتفت بدور المضيف للحوار وإعلانات السماء المفتوحة إعلاميًا دون وقع ملموس. .
هنا يتبين أن القوة الناعمة المزعومة لم تُترجم إلى موقف دولي واضح.
توصيات وملاحظات ختام
الصدق مفيد: الصراحة في توضيح من يتحكم فعليًا في المعبر (إسرائيل أو مصر) تمنح شعب مصر حججًا سياسية حقيقية.
التحرك الدبلوماسي: إلغاء التصريحات الرمزية والتركيز على الضغط العملي داخل المؤسسات الدولية.
فتح معبر رفح دون قيود إسرائيلية: بشرط إدارة مصرية كاملة، ضمانًا لاستقلالية الموقف.
تحويل الدعم الشعبي إلى ضغط سياسي حقيقي، لا مسيرة في الهواء.
في النهاية فإن تصريحات السيسي في المؤتمر الصحفي مليئة بالرغبات الرمزية والادعاءات الكبرى، لكنها تفتقد إلى العمق التسلسلي السياسي والفعّالية على الأرض، ففي لحظة يتعرض فيها الفلسطينيون لأخطر أزمة إنسانية، تتخذ مصر موقفًا يوازن بين الأداء الرمزي والسيادة المصبوغة، ولكن الحقيقة تبقى أن الموقف المصري، رغم الكلمات الصدى، يبدو أضعف مما ينبغي.