كشف الكاتب محمود حسن أن وعود رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي بشأن "الجمهورية الجديدة" لم تجد طريقها إلى الواقع، بعدما تعثّرت مشروعاته الكبرى أو توقفت كليًا، تاركة وراءها ديونًا محلية وخارجية تثقل كاهل الدولة المصرية.
أورد موقع ميدل إيست مونيتور، أن شعار "الجمهورية الجديدة" لا ينقطع ظهوره على القنوات الرسمية والخاصة، لكن المواطن المصري لا يلمس له أثرًا في حياته اليومية، وسط تدهور البنية التحتية والخدمات الأساسية، رغم مضي أكثر من ست سنوات على إطلاق المبادرات الكبرى.
تدهور البنية التحتية
يعاني سكان القرى المستهدفة بمبادرة "حياة كريمة" من صعوبات شديدة في الحصول على خدمات صحية أو إدارية أو مالية. يقطع كثير منهم عشرات الكيلومترات للوصول إلى مستشفى أو ماكينة صرف آلي، وتُسجّل حالات وفاة نتيجة إهمال صيانة فتحات الصرف الصحي، مثل الشاب أحمد رمضان الذي لقي مصرعه بعد اصطدامه بفتحة مكشوفة أثناء قيادة دراجته في محافظة المنوفية.
رغم أن المبادرة تهدف إلى تنفيذ 23 ألف مشروع في 1477 قرية بميزانية بلغت 350 مليار جنيه، إلا أن مصادر محلية أكدت تعطل تنفيذ عدد كبير من هذه المشاريع بسبب ضعف التمويل، وتأخر صرف مستحقات المقاولين، وتعقيدات إدارية عطلت الإنجاز. وتناقضت التصريحات الرسمية حول نسبة الإنجاز، بين تأكيد إتمام 16 ألف مشروع، وتقليل حجم التأخير إلى 1.5% فقط، بينما لم تُستكمل المرحلة الأولى حتى منتصف 2025 رغم إطلاقها عام 2019.
مدن فارغة
واجهت مشروعات المدن الجديدة المصير ذاته. العاصمة الإدارية الجديدة، التي أُعلن عنها في 2015 بتكلفة 58 مليار دولار لاستيعاب 6 ملايين نسمة، لم تجذب سوى 1200 أسرة، رغم انتقال 48 ألف موظف حكومي إليها يوميًا فقط. أما مدينة العلمين الجديدة، فاستقطبت 10 آلاف نسمة فقط، رغم تخصيص 3 مليارات دولار لها، وخطط استيعابها 3 ملايين مواطن.
يرى الباحث في السياسات العمرانية يحيى شوكت أن هذه المدن فشلت في جذب السكان بسبب بعدها عن مراكز العمل والتعليم، وارتفاع تكاليف المعيشة، وغياب الخدمات والمواصلات. وأكد تقرير للمرصد الحضري المستقل أن إجمالي سكان المدن الجديدة لم يتجاوز 1.7 مليون نسمة حتى أوائل 2024.
تأجيلات متكررة
تعطّلت مشاريع أخرى نتيجة أزمة الديون التي تجاوزت 155 مليار دولار بنهاية 2024. وتسعى الحكومة لاقتراض مليار دولار من بنوك صينية لإنهاء المدينة الطبية في العاصمة الإدارية. كما تفاوض شركات صينية للحصول على قرض بـ440 مليون دولار لإنهاء المرحلة الرابعة من مشروع القطار الكهربائي.
تأجل كذلك إطلاق أول مفاعل في مشروع الضبعة النووي إلى 2030 بدلًا من 2027، نتيجة العقوبات الغربية على روسيا، الشريك التقني للمشروع. ولم يُحدّد موعد افتتاح المتحف المصري الكبير رغم مرور سنوات على إعلانه، ما يعكس إخفاق الدولة في تنفيذ وعودها الكبرى.
فشلت أيضًا مشاريع مثل برنامج استبدال الأبقار المحلية بسلالات أوروبية، الذي انهار بسبب عدم تحمّل الأبقار المستوردة لحرارة الجو المصري، وفق تحقيق أجرته صحيفة العربي الجديد. وسجّل عام 2024 نحو 47 ألف حريق، أبرزها احتراق سنترال رمسيس في قلب القاهرة، ما عطّل الإنترنت والمعاملات البنكية، وأجّج انتقادات لافتقار البنية التحتية لأبسط معايير الأمان.
تجاهل دراسات الجدوى
في مقال بعنوان "كيف حاصر السيسي نفسه في قفص الفشل"، كتب الباحث في هيومن رايتس ووتش عمرو مجدي أن الرئيس المصري أطلق وعودًا بالتنمية لم تتحقق، بل زادت معدلات الفقر، بينما خُصصت المشاريع لخدمة صورته الشخصية أكثر من خدمة المواطنين.
أكّد الباحث الاقتصادي إبراهيم المصري أن تجاهل دراسات الجدوى شكّل سمة ثابتة في مشاريع النظام على مدار عقد كامل. وأشار إلى قرار بيع 12 طائرة من طراز "إيرباص A220-300" كانت مصر للطيران قد اشترتها مقابل 1.2 مليار دولار، ليتبين لاحقًا عدم ملاءمتها للمناخ المصري.
استند المصري إلى تصريحات للرئيس نفسه خلال منتدى أفريقيا 2018 حين قال: "لو كنا اعتمدنا على دراسات الجدوى، لما حققنا إلا 20 أو 25% مما أنجزناه". وكرّر الفكرة ذاتها في منتدى الصناعة عام 2022 قائلاً: "بعض المشاريع لا تحتاج إلى دراسة، ولا وقت لدينا لإضاعته في دراسات".
تُظهر هذه التصريحات والمشاريع المتعثرة ملامح أزمة أعمق من التعثر المالي، وتطرح تساؤلات حول رؤية الحكم وجدوى ما يُروّج له تحت شعار الجمهورية الجديدة.
https://www.middleeastmonitor.com/20250721-el-sisis-projects-plagued-by-setbacks/