أقدمت حكومة عبدالفتاح السيسي، ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة على اتخاذ قرار مثير للجدل يقضي بحصر غرامات التصالح في الأراضي الزراعية المحوّلة إلى أراضٍ سكنية في "مقابل عيني"، أي التنازل عن نسبة من الأرض لصالح الدولة، بدلًا من الغرامات أو المدفوعات النقدية المعتادة، في خطوة وصفت بأنها "تنازل قسري مغلف بإجراءات رسمية".

القرار الذي صدر مؤخرًا، يُلزم المالكين الذين يمتلكون أراضٍ زراعية تتجاوز مساحتها 5 أفدنة، ويرغبون في توفيق أوضاعها وتحويل نشاطها إلى عمراني (سكني)، أن يتنازلوا عن الجزء الأكثر تميزًا من الأرض لصالح الدولة، حسب معايير صارمة حددتها الهيئة.

 

نسب التنازل "الإجباري" لصالح الدولة
وفقًا للوثيقة الرسمية، فإن نسب التنازل المطلوبة جاءت على النحو التالي:

  • 75% من مساحة الأرض إذا كانت 5 أفدنة.
  • 65% من الأرض التي تزيد عن 5 أفدنة حتى 20 فدانًا.
  • 50% من الأراضي التي تتجاوز مساحتها 20 فدانًا.

وتُطبَّق هذه النسب دون مراعاة لأسعار السوق أو القيمة الاستثمارية الحقيقية لتلك الأراضي، شرط أن يكون الجزء المُتنازل عنه هو الأكثر تميزًا في الموقع والمساحة والخدمات، ما يثير الكثير من الجدل حول عدالة القرار.

وبرّرت الهيئة القرار بأنه جاء نتيجة "الارتفاع المتزايد في تكلفة تنفيذ شبكات المرافق والبنية التحتية"، وهو ما يعتبره مراقبون تحميلًا للأعباء الاقتصادية على المواطن والمستثمر، دون تقديم بدائل عادلة أو مرنة.

 

غرب القاهرة في صدارة التنازلات
تُعد مناطق غرب القاهرة، وعلى رأسها سفنكس الجديدة، و6 أكتوبر، وتوسعات زايد الجديدة، من أبرز المناطق التي يُتوقع أن تتأثر بهذه القرارات، حيث تتركز فيها النسبة الأكبر من الطلبات الخاصة بتحويل الأراضي من زراعية إلى عمرانية.

ويحذر مراقبون من أن هذه الإجراءات قد تُضعف مناخ الاستثمار في القطاع العقاري وتفتح الباب أمام المزيد من النزاعات القانونية، خاصة في ظل غياب آليات طعن شفافة أو تعويضات عادلة للمتضررين.

 

رسوم عقارية جديدة على مشروعات الساحل الشمالي
لم تتوقف الإجراءات المثيرة للجدل عند قرارات الأراضي الزراعية، بل امتدت إلى فرض رسوم جديدة على مشروعات الشراكة السياحية في الساحل الشمالي، وهو أحد أبرز وأغلى المناطق الاستثمارية في البلاد.

وحددت الهيئة رسومًا على المتر المربع كالتالي:

  • 1000 جنيه للمتر للأراضي ذات الواجهة الشاطئية.
  • 750 جنيهًا للمتر للأراضي شمال الطريق الساحلي.
  • 500 جنيه للمتر جنوب الطريق.

وأعلنت الهيئة أنها ستقوم بتعديل جميع العقود المستقبلية لتلك المشروعات لتشمل إلزام المطورين بسداد 10% من قيمة الأرض في حال تنفيذ المشروع أو الإعلان عنه من خلال مطورين آخرين بخلاف المتعاقد الأصلي.

 

قائمة سوداء تضم 47 شركة كبرى
بموجب القرار، تم إيقاف التعامل مع 47 شركة وجهة استثمارية لحين سداد الرسوم الجديدة وتوفيق أوضاعها، من بينها أسماء كبيرة في السوق العقاري المصري مثل:

  • بالم هيلز
  • سوديك
  • تطوير مصر
  • الأهلي صبور
  • الراجحي
  • إعمار مصر
  • ماونتن فيو
  • المراسم
  • لافيستا

وتشمل العقوبات قطع الخدمات الحكومية (الكهرباء، المياه، قرارات التقسيم) عن تلك الشركات، حتى تتم تسوية المطالبات المالية، مما يعكس توترًا واضحًا في العلاقة بين الحكومة والمطورين العقاريين.

 

وسط أزمة اقتصادية خانقة… المواطن يدفع الثمن
تأتي هذه الإجراءات وسط أزمة اقتصادية غير مسبوقة تمر بها مصر، مع تضخم متسارع، وتراجع في القدرة الشرائية، وشح في الموارد الأجنبية، ما يجعل من هذه القرارات عبئًا جديدًا يُلقى على كاهل المواطن والمستثمر المحلي.

ويرى خبراء أن القرارات الحكومية الأخيرة قد تؤدي إلى ركود إضافي في السوق العقارية، خصوصًا مع اعتماد آلية "التنازل العيني" الإجباري بدلًا من نظم التصالح التقليدية، معتبرين أن ما يجري هو محاولة لتغطية عجز الدولة المالي من خلال الاستيلاء غير المباشر على أملاك المواطنين.