أعلن عدد من المعارضين السعوديين في المنفى عن تأسيس كيان سياسي جديد يحمل اسم "المجلس الوطني للإنقاذ"، يهدف إلى مقاومة ما وصفوه بـ"الاستبداد الفردي المطلق" الذي يمارسه ولي العهد محمد بن سلمان، ومحاولة إعادة إحياء مفهوم "الحكم الشوري" والهوية الإسلامية في البلاد.
الكيان الذي يقوده كل من الدكتور سعد الفقيه، أحد أقدم رموز المعارضة، والدكتور سعيد بن ناصر الغامدي، الأكاديمي المعروف والمفكر الإسلامي، جاء ليضيف فصلًا جديدًا في المشهد السياسي السعودي المعارض، المتنامي خارج حدود المملكة.
انطلاق من قناعة بوجود "انهيار شامل"
بحسب البيان التأسيسي للمجلس، فإن السعودية تعيش أزمات متداخلة تهدد كيانها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، في ظل ما يعتبره المعارضون مشروعًا شخصيًا يقوده ولي العهد "بعيدًا عن أي مؤسسات شرعية أو رقابية".
ويؤكد مؤسسو المجلس أن مشروعهم لا يندرج في إطار "ردود الأفعال"، بل ينبع من دراسة استراتيجية طويلة لتاريخ المملكة وبنيتها الاجتماعية والاقتصادية.
وقال الدكتور سعيد الغامدي، المشرف العام على المجلس، إن المملكة تشهد "أزمة قيم ومفاهيم"، مشيرًا إلى أن الصورة الوردية التي يروجها الإعلام الرسمي حول التنمية والتقدم، لا تعكس الواقع المعاش، الذي يتسم بـ"التهميش والقمع والفقر الهيكلي"، وفق تعبيره.
أربع قضايا مفصلية على طاولة المجلس
حدد المجلس في بيانه التأسيسي أربع أولويات مركزية ستكون محور تحركه السياسي والإعلامي في المرحلة المقبلة:
العدوان على الهوية الإسلامية
يتهم المجلس النظام السعودي بشن "حرب شاملة" على الطابع الإسلامي للمجتمع، من خلال تقييد العلماء، تقليص التعليم الديني، منع تداول الكتب الإسلامية، والانفتاح المفرط على "أنماط ترفيه غربية" اعتُبرت دخيلة على البيئة السعودية المحافظة.
الانهيار الأخلاقي والاجتماعي
أشار المجلس إلى ما أسماه "تفكك منظومة القيم"، وتزايد القلق الشعبي من التعبير عن الرأي، في ظل رقابة مشددة وترويع أمني. ولفت البيان إلى أن هذا المناخ أنتج مجتمعًا خائفًا، عاجزًا عن المشاركة في صنع القرار أو النقد.
تفشي الظلم والفساد
بحسب مؤسسي المجلس، فإن سياسات القمع الممنهج، والاعتقالات التعسفية، وفرض الضرائب الثقيلة، تقابلها مشاريع ضخمة "شخصية ومكلفة" مثل "نيوم" و"ذا لاين"، يجري تمويلها من خزينة الدولة دون رقابة أو محاسبة.
استبداد محمد بن سلمان
شدد الدكتور سعد الفقيه، الأمين العام للمجلس، على أن النظام الحالي يتمركز حول "شخص واحد"، يدير الدولة وكأنها شركة خاصة، ما أدى – حسب وصفه – إلى "ضياع مئات المليارات من الدولارات، وترك المملكة على شفا كارثة اقتصادية".
امتداد داخلي رغم النشأة في الخارج
رغم أن مؤسسي المجلس يتخذون من الخارج مقرًا لهم، إلا أنهم يؤكدون أن للمجلس امتدادًا داخل المملكة، يشمل "نخبًا فكرية وأكاديمية، وعناصر فاعلة في القطاعات الدينية والأمنية والاقتصادية"، حتى داخل كيانات حساسة كـ"أرامكو".
ويؤكد الدكتور الفقيه أن بعض هذه العناصر تفضل البقاء في الظل لأسباب أمنية، إلا أنها تشارك بفاعلية في التخطيط والتنسيق، مشيرًا إلى أن هذا الامتداد يمنح المجلس شرعية داخلية تجعله أكثر من مجرد صوت خارجي معارض.
مشهد معارض متشعب.. ولكن موحّد في المبدأ
إطلاق المجلس الجديد يأتي في سياق أوسع من الحراك السياسي الخارجي للمعارضة السعودية، التي شهدت خلال السنوات الأخيرة تأسيس عدة كيانات مشابهة، أبرزها "حزب التجمع الوطني" الذي أُطلق في لندن عام 2020، بمشاركة شخصيات مثل عبد الله العودة ويحيى عسيري.
ورغم تباين الخطاب والأسلوب بين هذه الكيانات، فإنها تشترك في موقف أساسي: رفض الحكم الفردي والدعوة إلى إصلاحات جذرية، تشمل مشاركة سياسية حقيقية، وعدالة اجتماعية، ومؤسسات رقابية فاعلة.
لكن المعارضة في الخارج لم تسلم من الخلافات الداخلية، فقد شهدت منصات التواصل الاجتماعي عدة مشاحنات بين رموز المعارضة حول قضايا القيادة، التمويل، والتنسيق مع أطراف أجنبية. ومن هنا، تبدو مهمة "المجلس الوطني للإنقاذ" في توحيد الصفوف والتنسيق مع القوى الأخرى مهمة شائكة لكنها ضرورية.
https://x.com/InqadhArabia/status/1945876153329406339