نشرت شبكة سي إن إن تحليلًا للكاتبة سيمون ماكارثي يوم 17 يوليو 2025، تناولت فيه موقف الصين من التصعيد العسكري الأخير بين إيران وإسرائيل، والذي شهد قصفًا إسرائيليًا واسعًا داخل الأراضي الإيرانية، ردّت عليه الولايات المتحدة بقصف منشآت نووية إيرانية حساسة.

في أعقاب هذا التصعيد، شارك وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في اجتماع دبلوماسي في الصين ضمن منظمة شنجهاي للتعاون، داعيًا إلى تأسيس آلية جماعية للرد على العدوان العسكري، وأن تلعب المنظمة دورًا مركزيًا في مواجهة هذه التهديدات، وفقًا لما نقلته وسائل الإعلام الإيرانية.

غير أن دعوته لم تحظَ بتأييد مباشر من المنظمة، التي تضم إلى جانب إيران كلاً من الصين وروسيا، إضافة إلى منافسين إقليميين مثل الهند وباكستان.

وعبّر عراقجي ضمنيًا عن خيبة أمله، إذ بدا أن "الأصدقاء الأقوياء" في بكين وموسكو اختاروا الوقوف على الهامش حين كانت إيران تتعرض لهجمات مكثفة.

رغم ذلك، شكر عراقجي خلال لقائه مع وزير الخارجية الصيني وانج يي على "دعم الصين القيّم"، وفقًا لبيان رسمي صيني.

كما أصدرت قمة البريكس، التي تضم إيران، بيانًا أعرب عن "قلق بالغ" إزاء الهجمات على المنشآت المدنية والنووية الإيرانية، دون أن يُسمّي الولايات المتحدة أو إسرائيل.

ردّ بكين العلني اقتصر على إدانة عامة للهجمات، دون القيام بأي تحرك فعلي أو وساطة مباشرة، مما أظهر حدود النفوذ الصيني في الشرق الأوسط، رغم محاولات الصين توسيع نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي في المنطقة خلال السنوات الماضية.

ركزت الصين بدلًا من ذلك على ترويج صورة مغايرة لأمريكا، تؤكد أنها لا تسعى إلى الهيمنة أو التدخل العسكري، بخلاف ما تسميه "النهج الإمبريالي الأمريكي".

وتستفيد بكين من تصاعد التوتر مع واشنطن، خاصة في مجالات التكنولوجيا والتجارة، لتقوية خطابها الرافض للسياسات الأمريكية.

في المقابل، ترى دول الجوار الإقليمي، لا سيما في جنوب شرق آسيا، أن السلوك الصيني – خاصة في بحر الصين الجنوبي وتجاه تايوان – يعكس طموحًا توسعيًا متزايدًا، رغم خطابها السلمي.

الجيش الصيني كثّف مؤخراً مناوراته البحرية ووسّع نطاق عمل حاملات طائراته بعيدًا عن السواحل.

وتتبنّى الصين منذ عام 2022 مشروعًا لأمن عالمي بديل، طرحه الرئيس شي جين بينج، يقوم على رفض التحالفات العسكرية الغربية وتفضيل التسويات السياسية، دون تفاصيل تنفيذية واضحة.

غياب الصين عن الوساطة النشطة في صراع إسرائيل وإيران يعكس – حسب محللين – محدودية قدرتها العسكرية في المنطقة، وكذلك غياب الإرادة السياسية للتورط في نزاعات إقليمية معقدة.

بخلاف الولايات المتحدة التي تمتلك قواعد عسكرية وحضورًا قويًا، لا تملك الصين سوى قاعدة بحرية واحدة في جيبوتي.

وفي الهجمات الحوثية على الملاحة الدولية في البحر الأحمر، لم تنضم الصين إلى الجهود الدولية لحماية السفن رغم أن التجارة الصينية تأثرت.

ومع أن الحوثيين أعلنوا عدم استهداف سفن صينية أو روسية، فإن بكين اختارت البقاء بعيدة عن التصعيد.

ويرى الخبير ويليام فيجيروا من جامعة خرونينجن أن الصين "عرضت الوساطة ومستعدة لها نظريًا، لكنها تفتقر إلى الوسائل العسكرية والنفوذ السياسي المباشر في الشرق الأوسط".

وفي حين أن العلاقة بين الصين وإيران تاريخيًا تتسم بالتقارب الاقتصادي – إذ تشتري بكين أكثر من 90% من النفط الإيراني عبر وسطاء، ما وفر لإيران قرابة 40 مليار دولار في العام الماضي – فإن غياب تحالف عسكري مشترك يبقي العلاقة في إطار المصالح لا الالتزامات.

حتى مع روسيا، التي تُعتبر أقرب حلفاء الصين، تتجنب بكين تقديم دعم عسكري مباشر لحرب أوكرانيا، مكتفية بشراء الوقود الروسي وتوريد مواد مزدوجة الاستخدام تعزز القاعدة الصناعية العسكرية الروسية.

أما إيران وكوريا الشمالية فتقدمان دعمًا عسكريًا أكثر وضوحًا لروسيا، مما يعزز الانطباع بوجود محور "معادٍ لأمريكا".

لكن، كما تشير التحليلات، فإن الصراع الإيراني – الإسرائيلي كشف هشاشة هذا "المحور".

فحين بدأت القنابل تتساقط على إيران، لم تُظهر روسيا والصين استعدادًا للتدخل، بل ركزتا على خطابهما ضد الهيمنة الغربية، دون اتخاذ خطوات عملية لحماية حليفتهما.

وبرأي الخبير جوناثان فولتون من المجلس الأطلسي، فإن إيران شعرت بالخذلان، لكنها لم تجد بديلًا عن التقرّب من بكين وموسكو، رغم إدراكها لحدود التزاماتهما.

وفي تقييم للعلاقة بين الصين وإيران، يشير فولتون إلى أن طهران تسبّب لبكين من المشاكل قدر ما تقدم من المنافع.

فالصين تبحث عن استقرار إقليمي يخدم مصالحها الاقتصادية، وإيران كثيرًا ما تشكل عامل اضطراب إقليمي.

ختامًا، يرى الخبراء أن العلاقة بين الصين وإيران تُختبر الآن. فالصين لن تتدخل عسكريًا، لكنها قد تسلك نهجًا مشابهًا لدعمها "غير المباشر" لروسيا، عبر توفير مواد تقنية أو كيميائية مزدوجة الاستخدام.

ومع ذلك، فإن "المحور" الصيني – الإيراني – الروسي – الكوري الشمالي يبقى أقرب إلى تقاطع مصالح مؤقت، لا إلى تحالف فعلي موحّد، إذ تجمعه "هموم مشتركة" أكثر مما توحده رؤية استراتيجية واضحة للعالم.
 

https://edition.cnn.com/2025/07/18/china/china-iran-sco-israel-axis-intl-hnk