تعيش مدن ومستوطنات إسرائيلية، خصوصاً في مدينة حيفا المحتلة، حالة من الهلع غير المسبوق بعد اجتياح أسراب كثيفة من الذباب المصري لمنازل المستوطنين، ما أعاد إلى الأذهان مشاهد شبيهة بـ"الضربات الإلهية" التي وردت في روايات تاريخية ودينية، كان أبرزها أوبئة مصر في عهد النبي موسى، كما شبّهها أحد المستوطنين.
الواقعة التي سرعان ما تحوّلت إلى قضية رأي عام، اشتعلت على منصات التواصل الاجتماعي بوسم #الذباب_المصري، وسط تعليقات مصرية ساخرة واحتفالية بهذا "الغزو البيولوجي" المفاجئ، الذي لم تُفلح السياسة أو الحرب في تحقيق مثله، حسب تعبير بعض النشطاء.
ذباب يهاجم.. وسكان يصرخون: "كارثة لا تطاق"
التقارير الإسرائيلية، وعلى رأسها تقرير لصحيفة "يسرائيل هيوم"، سلّطت الضوء على معاناة سكان حي "أور يام" الفاخر الواقع في منطقة "أور عقيفا" بمحاذاة مدينة قيسارية، شمالي البلاد، الذين وجدوا أنفسهم محاصَرين من قبل أسراب من الذباب المصري، قالت الصحيفة إنها من نوع "دروسوفيلا البحثية".
ويؤكد السكان أن الذباب لا يغادر أي ركن في منازلهم: "في الخزائن، في الثلاجة، في الحمامات، على الستائر، في الفراش وعلى الطعام والشراب"، حسبما قال أحد المستوطنين للصحيفة، مضيفاً: "نعيش في رعب حقيقي.. علينا فحص الطعام 200 مرة قبل تناوله".
وأشار مستوطن آخر إلى أن "الوضع لا يُطاق. اشترينا منازل بملايين في حي راقٍ، لا لنعيش في مستنقع حشرات". وعبّر عن استيائه الشديد من البلدية التي اتهمها بالإهمال، قائلاً: "أعمال الصيانة معدومة، مكافحة الآفات متوقفة، لا أحد يهتم.. يجب التمرد على ضريبة الأملاك".
ذباب ملوّث وبكتيريا قاتلة
الصحيفة العبرية حذّرت في تقريرها من خطر صحي داهم يهدد المستوطنين في الحي الراقي. وقالت إن الذباب المصري ينقل بكتيريا خطرة مثل: الإشريكية القولونية، والسالمونيلا، وهي مسببات رئيسية لأعراض صحية حادة مثل الإسهال، والقيء، وآلام البطن، واضطرابات في الجهاز الهضمي والتنفس، بالإضافة إلى تهيّج الجلد والحلق والطفح الجلدي.
ويعود مصدر هذا الذباب، حسب التقرير، إلى مياه الصرف الصحي والعفن والمياه الراكدة، وهي بيئات خصبة لتكاثر هذا النوع الذي استقر فجأة في مناطق سكنية يُفترض أنها بعيدة عن مصادر التلوث.
الطبيعة تنتقم؟.. تفاعل مصري واسع
بعيداً عن الذعر الإسرائيلي، شهدت منصات التواصل الاجتماعي المصرية تفاعلاً واسعاً وموجة من التعليقات الساخرة والمبتهجة بما وصفوه بـ"انتصار طبيعي" جاء من خارج حسابات المعركة.
قالت ناشطة مصرية على منصة "إكس": "الذباب المصري والوشق المصري والشعب المصري.. دور على أي حاجة مصرية هتلاقيها مش طايقاهم" في إشارة إلى الكيان الإسرائيلي.
فيما كتب آخر: عندما تفعل الطبيعة ما عجزت عنه السياسة.. الذباب المصري والوشق يهاجمان إسرائيل".
وشبّه مغرّد ثالث الحادثة بأحد مشاهد التاريخ التوراتي قائلاً: "إنه أشبه بأحد أوبئة مصر في عهد النبي موسى".
"الوشق" يعود إلى الأذهان
الغزو المفاجئ للذباب المصري أعاد التذكير بحادثة وقعت قبل أشهر، عندما هاجم حيوان "الوشق المصري" - وهو من السنوريات المفترسة - جنوداً إسرائيليين قرب الحدود الشرقية لمصر، ما تسبّب بإصابة عدد منهم وإثارة جدل في الإعلام العبري.
ويرى البعض أن هذه الحوادث تعكس هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية أمام متغيرات لا تخضع لخطط الجيش أو الحكومة، بل تنبع من قوة الطبيعة وجغرافيا الجوار.
تهديدات بالتمرد.. والبلدية "غائبة"
مع تصاعد الأزمة البيئية والصحية، اتهم السكان بلدية حيفا بالتقاعس، وهدد بعضهم بوقف دفع ضرائب الأملاك، معتبرين أن "الحكومة مشغولة بالحرب، وتجاهلت من دفعوا ملايين للسكن في هذا الحي الفاخر".
وطالب السكان بتدخل فوري وشامل لمكافحة الظاهرة، محذرين من كارثة بيئية محتملة في حال استمرار انتشار الذباب المصري.
https://www.facebook.com/photo/?fbid=24208814048783628&set=a.436004053157961