في وقت استهدفت فيه طائرة مسيرة مدينة الأبيض في ولاية شمال كردفان، دون خسائر، صدّت قوات الجيش هجوما على مدينة بابنوسة في ولاية غرب كردفان نفذته قوات «الدعم السريع» التي قصفت كذلك مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.

وتُعرف بابنوسة بأنها مركز هام في سكة حديد السودان، حيث تربط غرب السودان بشرقه وشماله، وتضم واحدة من أكبر حاميات الجيش في ولايات كردفان.

وتشهد ولايات كردفان معارك طاحنة بين الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه من جهة، وقوات «الدعم السريع» والحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو والمجموعات المسلحة الأخرى المتحالفة معها من جهة أخرى.

وتحاول «الدعم السريع» السيطرة على بابنوسة المدينة المفتاحية في غرب كردفان، بينما تسعى قوات الحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو، المتمركزة في بعض مناطق ولاية جنوب كردفان، الضغط على مناطق سيطرة الجيش وإنهاك قواته.

بالتزامن جددت قوات «الدعم»، الجمعة، هجماتها على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.

وقالت لجان مقاومة الفاشر إن المدينة تتعرض لقصف مدفعي عنيف من قبل الدعم، حيث تتساقط القذائف على الأحياء السكنية المختلفة بلا تمييز ناشرة الرعب والدمار بين المدنيين، وذلك بعد ساعات من صد هجوم نفذته قوات « حميدتي» مساء الخميس، في محاولة جديدة لاجتياح المدينة، المحاصرة منذ مايو 2024.

يأتي ذلك بالتزامن مع ترتيبات تقوم بها قوات «الدعم السريع» لإعلان حكومة موازية في مناطق سيطرتها، حيث تعوّل على إسقاط الفاشر لإحكام قبضتها على إقليم دارفور غرب البلاد.

وكانت قوات «الدعم» قد رفضت مقترح هدنة إنسانية لمدة 6 أيام لإيصال المساعدات لمدينة الفاشر، بينما حفرت الخنادق حول المدينة لمنع دخول المساعدات الإنسانية.

في سياق متصل، كشفت منظمة “أنقذوا الأطفال” عن مقتل 933 شخصًا في النصف الأول من 2025 نتيجة هجمات على مرافق صحية، منها الهجوم على مستشفى المجلد في غرب كردفان الذي أودى بحياة 40 شخصًا، بينهم 6 أطفال. وذكرت المنظمة ارتفاع وتيرة هذه الهجمات مقارنة بالأعوام السابقة، ما يعكس تدهور الوضع الصحي والإنساني في البلاد.

وتواجه السودان أيضاً أزمات صحية خطيرة، مع انتشار وباء الكوليرا الذي أصاب أكثر من 83 ألف شخص منذ يوليو 2024، وأدى إلى وفاة أكثر من ألفي شخص، وسط حاجة ماسة لنحو 79% من سكان دارفور إلى مساعدات إنسانية.

من جهته، شدد رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان على ضرورة دعم المجتمع الدولي للسودان لتمكينه من تجاوز الأزمة، مع الإشارة إلى أن البلاد تعيش ظرفًا استثنائيًا نتيجة الحرب والتمرد المسلح.

وفي ظل هذه الأوضاع، يعبر نائب رئيس تحالف “تأسيس” عبد العزيز الحلو عن أن الحل الأمني والسياسي مرتبط بتفكيك الميليشيات وبناء جيش وطني مهني، مؤكداً أن الأزمة السودانية متجذرة في بنية الدولة وتتطلب مسار تحرر شامل لا يقتصر على صراع سلطة.

وتستمر المعارك في مناطق مثل مدينة الخوي بولاية غرب كردفان، مع حشد قوات كبيرة من الجيش وفصائل متحالفة لاستعادة السيطرة، رغم الوساطات الإقليمية والدولية التي لم تنجح في تحقيق وقف دائم لإطلاق النار.

وتتزايد الاحتياجات الإنسانية والصحية وسط تصاعد العنف، فيما يبقى الأفق السياسي مرتبطاً بإيجاد حل شامل يضمن السلام والاستقرار في السودان.