في الوقت الذي يشهد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكبر هزيمة مذلة له في تاريخه السياسي، وسط وصول الصواريخ الإيرانية لحيفا وتل أبيب، وتسببت صافرات الإنذار التي دوّت في مناطق واسعة فيهما، في حالة ذعر عامة، حيث هرب العديد من المدنيين إلى الملاجئ والمخابئ المخصصة تحت المباني وفي المرافق العامة.
فيما لجأ آخرون إلى الاختباء على جانب الطرق السريعة نتيجة عدم وجود ملاجئ قريبة، هل يلجأ نتياهو للخيار النووي لحسم الصراع.
 

امتلاك إسرائيل للسلاح النووي
   
امتلكت إسرائيل السلاح الذري في ظل غموض تام وتجاهل للقانون الدولي؟”، وقالت صحيفة “ليمانيتي” الفرنسية، إن أيًّا من الرؤساء الأمريكيين السابقين، بمن فيهم دونالد ترامب، تجرأ أن يطالب إسرائيل بالتوقيع على معاهدة عدم الانتشار النووي (TNP).
بل على العكس، انسحبت الولايات المتحدة خلال ولاية ترامب الأولى، عام 2019 من معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى التي كانت تربطها بروسيا، وهو ما فتح الباب أمام عالم تسوده الفوضى ويتم فيه الدوس على القانون الدولي بلا رادع.

ووفقاً لأحدث تقارير الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية (ICAN)، أنفقت تل أبيب أكثر من مليار دولار العام الماضي على قواتها النووية. وترى المنظمة أن الحرب التي تُشن ضد إيران “تُثبت مرة أخرى أن منطق الردع لا يحمي الأوطان، بل يقود إلى الحروب”.

ومضت “لوفيغارو” موضّحةً أن تشغيل المجمع النووي الإسرائيلي بدأ عام 1963 في ديمونا، وسط صحراء النقب. وكان لرئيس الوزراء الأسبق دافيد بن غوريون دور مركزي في تطويره، مستغلاً التوترات الإقليمية وتلويحه بالمحرقة اليهودية (الهولوكوست) أمام القادة الأوروبيين للضغط عليهم، محذراً من العواقب الكارثية لهجوم مباغت من الدول العربية، وعلى رأسها مصر.

وفقاً لبن غوريون، يجب على إسرائيل أن تكون دائماً مستعدة للأسوأ، وأن تعتمد على قدراتها الذاتية فقط. ويؤكد المؤرخ المتخصص في الشأن النووي، آفنير كوهين، أن “فكرة البرنامج النووي الدفاعي كشبكة أمان كانت محل إجماع وطني شبه تام”.
 

إسرائيل وإمكانية استخدام السلاح النووي
   
وأثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجدل بعد جملة مثيرة كتبها في حسابه في شبكة التواصل الاجتماعي مفادها أنه على ساكنة العاصمة طهران مغادرتها فورا، وقام لاحقا بالتوجه إلى واشنطن لعقد اجتماع طارئ.

وهو تصرف أثار الكثير من التساؤلات: هل كان لتفادي تطور خطير في الحرب الإيرانية-الإسرائيلية مثل اللجوء إلى استعمال أسلحة محرمة دوليا مثل النووي التكتيكي والأسلحة البيولوجية؟.

ويُرجح أن الطرفين هددا باستخدام أسلحة جديدة؛ إذ قد تكون طهران بصدد الإعداد لإطلاق صواريخ فرط صوتية قادرة على إحداث دمار غير مسبوق، بينما تشير التقديرات إلى أن إسرائيل قد ترد بسلاح استراتيجي، مثل السلاح النووي التكتيكي. ومثل هذا التصعيد قد يدفع إيران إلى تنفيذ رد فعل انتحاري ضد إسرائيل.

ولعل من التصريحات المثيرة ما نقلته جريدة هآرتس عن مصدر من الموساد يؤكد “إذا استمرت الحرب ربما تفحص إسرائيل استخدام السلاح الاستراتيجي، مثلما طرحت أصوات ذلك عشية حرب الأيام الستة في 1967، أو في العقد الأخير، عندما دعا البروفيسور بني موريس إلى قصف إيران بالسلاح النووي”.

تواصل إسرائيل وإيران تبادل الهجمات الأربعاء لليوم السادس على التوالي في مواجهة غير مسبوقة بين القوتين الإقليميتين، بعد ساعات من دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب طهران إلى “استسلام غير مشروط”.

وتوعد منشور عبر حساب المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي في منصة اكس ليل الثلاثاء الأربعاء إسرائيل “برد قوي على الكيان الصهيوني الإرهابي” مشددا على أنه سيكون “من دون رحمة”.

وفي بيان أكد الجيش الإسرائيلي أن اكثر من 50 من طائراته الحربية استهدفت موقع لإنتاج أجهزة الطرد المركزي وعدة مواقع لتصنيع الأسلحة في محيط طهران خلال الساعات الماضية.

ونشرت وكالة مهر الإيرانية للأنباء عبر اكس شريطا مصورا يظهر انفجارات في أجواء العاصمة خلال الليل.

ومن جانبها أعلنت مساء الثلاثاء هجمات “عقابية” وشيكة على إسرائيل داعية سكان مدينتي حيفا وتل أبيب الرئيسيتين إلى إخلائهما.

وفي الساعات الأولى من صباح الأربعاء، أصدرت القوات الإسرائيلية تحذيرا بعد رصد صواريخ أطلقت من إيران. وقال مسؤول عسكري إن حوالي عشرة صواريخ بالستية أُطلقت من إيران واعترض معظمها.

وأعلن الجيش الإسرائيلي كذلك اعتراضه مسيرتين في منطقة البحر الميت فجر الأربعاء

من جهته، قال الحرس الثوري الإيراني إنه أطلق صواريخ فرط صوتية من طراز فتاح-1 بمدى متوسط، وفق التلفزيون الرسمي.

وأكد الرئيس الأميركي الثلاثاء أن بلاده قادرة بسهولة على قتل المرشد الأعلى الإيراني في وقت تتزايد التكهنات عن إمكان تدخل واشنطن إلى جانب إسرائيل في المواجهة التي بدأتها الدولة العبرية الجمعة بهدف معلن هو منع إيران من الحصول على السلاح النووي.
 

استسلام غير مشروط
   
وعقد دونالد ترامب الذي يقول إنه يفضّل حلا دبلوماسيا للصراع الإسرائيلي-الإيراني، اجتماعا لمجلس الأمن القومي الأميركي الثلاثاء، وفق ما أفاد مسؤول في البيت الأبيض.

كذلك، شدد الرئيس الأميركي الذي أعادت بلاده إطلاق المفاوضات مع طهران في نيسان/أبريل الماضي بشأن برنامجها النووي، لهجته تجاه طهران إلى درجة أنه هدد باغتيال المرشد الأعلى الإيراني.

وأطلق ترامب سلسلة منشورات بشأن إيران على منصة تروث سوشال جاء فيها “نعرف بالتحديد أين يختبئ المدعو +المرشد الأعلى+. هو هدف سهل، لكنه في مأمن هناك.

لن نقضي عليه (نقتله!)، على الأقل ليس في الوقت الحالي”. وأضاف “لكننا لا نريد أن تُطلق الصواريخ على المدنيين أو الجنود الأميركيين. صبرنا يقترب من النفاد”، قبل أن ينشر في وقت لاحق رسالة جاء فيها “استسلام غير مشروط!”.

وكان رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتانياهو رأى الاثنين أن اغتيال خامنئي من شأنه أن “يضع حدا للنزاع” بين الخصمين اللدودين، ودعا الإيرانيين إلى الانتفاضة، في حين حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء من أن أي محاولة لتغيير النظام في طهران قد تؤدي إلى “فوضى”.

وعقب الهجوم الإسرائيلي الذي بدأ الجمعة، قالت الولايات المتحدة إنها ستعزز “وضعيتها الدفاعية” في الشرق الأوسط وأرسلت حاملة الطائرات نيميتز إلى المنطقة.

كذلك، أعلنت واشنطن الثلاثاء إغلاق سفارتها في القدس لأسباب أمنية حتى الجمعة، وطلبت من جميع موظفي الحكومة الأميركية وعائلاتهم الاحتماء، وأنشأت مجموعة عمل الغرض منها مساعدة الرعايا الأميركيين في الشرق الأوسط.