برّرت إسرائيل هجماتها الأخيرة على أهداف إيرانية بالقول، إن طهران أصبحت قريبة جدًا من تصنيع قنبلة نووية، وهو ما تعتبره تهديدًا وجوديًا، خاصة أن النظام الإيراني كرر دعوته لتدمير إسرائيل. وقالت صحيفة دويتشه فيله في تقرير، إنه في المقابل، تصرّ إيران على أن برنامجها النووي ذو طابع سلمي مدني فقط، لكن دولًا غربية عديدة ترى فيه طموحات عسكرية محتملة.

وصف وزير الخارجية الفرنسي جان نوال بارو البرنامج النووي الإيراني بأنه "تهديد وجودي" لإسرائيل وأوروبا، مع تأكيده أن الدبلوماسية تبقى السبيل الأفضل لحل الأزمة. وعبّر وزير الخارجية الألماني يوهان فاديبول عن استعداد برلين وباريس ولندن للحوار مع طهران لنزع فتيل التوتر.
 

ما مدى تقدم البرنامج النووي الإيراني؟

يوجد نوعان من البرامج النووية: مدنية وعسكرية. تسعى البرامج المدنية لتوليد الطاقة من خلال المفاعلات، بينما تهدف البرامج العسكرية لتصنيع رؤوس نووية. تقول إيران إن برنامجها مدني بالكامل، ويؤكد معظم الخبراء وأجهزة الاستخبارات الغربية أنها لا تطوّر حاليًا سلاحًا نوويًا، رغم ذلك تبعث مستويات تخصيب اليورانيوم في طهران على القلق.

وفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تملك إيران أكثر من 400 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي نسبة تتجاوز بكثير متطلبات التشغيل المدني، وتقترب من مستوى التخصيب المستخدم في الأسلحة النووية (90%). في حال رفع التخصيب إلى هذا الحد، تكفي هذه الكمية لصناعة نحو 10 رؤوس نووية.

قال الخبير الأمني هانز جاكوب شيندلر من مشروع مكافحة التطرف إن "تسريع التخصيب وارتفاع وتيرة التجارب الصاروخية يمكن أن يُفهم كأداة تفاوض مع واشنطن، لكنه أيضًا قد يشير إلى اندفاع نحو القنبلة."

أعلنت إيران قبل أيام من الهجوم الإسرائيلي نيتها تشغيل منشأة جديدة لتخصيب اليورانيوم. ورغم عدم وجود دليل حاسم على بلوغ نسبة 90%، يحذّر الخبراء من أن إيران تملك الإمكانات الفنية والكمية لتحقيق ذلك بسرعة. ومع ذلك، لا يكفي تخصيب اليورانيوم لصنع قنبلة، إذ تحتاج إيران إلى تطوير رأس حربي قابل للتركيب على صاروخ باليستي.
 

كيف أثّرت الضربات الإسرائيلية على برنامج إيران النووي؟

استهدفت إسرائيل منشآت نووية، إضافة إلى قادة عسكريين وعلماء مرتبطين بالبرنامج النووي. أظهرت صور الأقمار الصناعية أضرارًا متفاوتة في منشآت "نطنز" و"أصفهان"، وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وقوع ضرر فيهما، مع بقاء حجم الخسائر غير واضح.

رأى والتر بوش، خبير إيران في معهد فيينا لدعم السلام، أن الأثر كان "كبيرًا"، لا سيما في ما يخص العلماء الذين يمتلكون خبرة تقنية ومؤسسية تراكمت منذ انطلاق البرنامج. أوضح أن فقدانهم يُعد ضربة خطيرة على مستوى المعرفة والخبرة التطبيقية، تفوق في أهميتها مقتل القادة العسكريين.

كذلك طالت الضربات قواعد صاروخية، ما يشير إلى استراتيجية إسرائيلية تستهدف المنظومة العسكرية والتقنية الأوسع.
 

لماذا تطوّر إيران برنامجًا نوويًا؟

بدأت إيران تطوير برنامج نووي في خمسينيات القرن الماضي بدعم أمريكي في عهد حكومة صديقة للغرب. بعد ثورة 1979، سيطر نظام إسلامي معادٍ للغرب، ما أثار مخاوف من تحوّل البرنامج إلى مسار عسكري. وفي عام 2002، عثر المفتشون الدوليون على يورانيوم عالي التخصيب في منشأة نطنز، ما دفع لفرض عقوبات دولية.

ردّت إيران على هذه العقوبات بمهاجمة إسرائيل، وأصاب صاروخ باليستي مبنى سكنيًا في مدينة بات يام، بحسب مصادر إسرائيلية.

في عام 2015، توصّلت طهران إلى اتفاق نووي مع الولايات المتحدة ودول غربية، عُرف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، قلّصت بموجبه برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات. لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحب من الاتفاق عام 2018، وفرض عقوبات جديدة، معتبرًا أن الاتفاق لا يعالج ملف الصواريخ الباليستية.

ردّت إيران برفع نسب التخصيب إلى ما فوق الحد المسموح به (3.67%) بموجب الاتفاق، وقلّصت تعاونها مع الوكالة الدولية.

في عهد ترامب الثاني، حاولت واشنطن العودة إلى التفاوض مع طهران. وكان من المقرر عقد جولة حوار جديدة في سلطنة عمان، لكن التصعيد العسكري ألغى اللقاء.

https://www.dw.com/en/iran-israel-conflict-nuclear-weapons-donald-trump-iaea/a-72918689