تبعد جزيرتا تيران وصنافير عن بعضهما بمسافة نحو أربعة كيلومترات في مياه البحر الأحمر، وتتحكم الجزيرتان في مدخل خليج العقبة، ومينائي العقبة في الأردن، وإيلات في إسرائيل.
وتقع جزيرة تيران عند مدخل خليج العقبة، على امتدادٍ يتسم بأهمية استراتيجية يطلق عليه "مضيق تيران"، وهو طريق إسرائيل لدخول البحر الأحمر.
وجزيرة تيران أقرب الجزيرتين إلى الساحل المصري، إذ تقع على بُعد ستة كيلومترات عن منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر.
تبلغ مساحة تيران – التي تضم مطارًا صغيرًا لقوات حفظ السلام – 61 كيلومترًا مربعًا، بينما تبلغ مساحة صنافير نصف هذه المساحة فقط، وأحيانًا ما يزور الغواصون مياه الجزيرتين من أجل شعابها المرجانية.
وجاء قرار عبد الفتاح السيسي في أبريل 2016 بتبعية الجزيرتين للسعودية ليفجر حالة من الغضب الشعبي، وأزمة داخلية وصلت للقضاء، الذي أقر بتبعيتهم للسيادة المصرية إلا أن خيانة عبدالفتاح السيسي أثر على المحكمة الدستورية العليا للبلاد التي عطلت تلك الأحكام.
وبحسب الصحافة الإسرائيلية، تعهدت السعودية بأن تظل الجزيرتان منزوعتي السلاح وبالسماح للسفن الاسرائيلية بالعبور في الممرات المائية حولهما.
ويرى مراقبون أن الضوء الأخضر الاسرائيلي لانتقال الجزيرتين الى السعودية من المؤشرات الإضافية على الانفتاح القائم بين إسرائيل والسعودية في اتجاه تطبيع العلاقات بين البلدين يوما ما.
خطأ استراتيجي
وتنازل مصر عن الجزيرة كان خطأ استراتيجيا أثر على أمن البلاد القومي، وعلى اقتصادها وتجارتها وعلى عبور السفن لقناة السويس، وذلك لما منحه ذلك التنازل للاحتلال من حق المرور الحر في مضيق "تيران" كممر ملاحي دولي.
ومنح التنازل المصري للاحتلال فرصة عقد اتفاقيات نقل البترول من الإمارات عبر سفن عملاقة إلى ميناء "إيلات" مرورا بمضيق تيران، والتي كانت أول شحنة لها في 28 مايو 2021، ما يؤثر على مستقبل قناة السويس.
الخبير الاقتصادي والاستراتيجي علاء السيد، قال إن "التنازل عن تيران وصنافير لم يكن خطأ استراتيجيا، ولكنه يدخل ضمن خطة خبيثة لإضاعة الموارد وفقدان القوة وتراجع المراكز التي وصلتها مصر بكل الأصعدة".
وأكد السيد أن "نظام الانقلاب أتى بأجندة وخطة استراتيجية لإفقار هذا الشعب وإضاعة موارده مثل الغاز ومياه النيل وممر العقبة عبر مضيق تيران".
ولفت إلى أن "العبور بخليج العقبة كان حقا أصيلا لمصر وحدها؛ لأنه في نهاية خليج العقبة جنوبا لا يوجد إلا ممر تيران، ومن نقطة الممر حتى رأس خليج العقبة كان يعتبر مياها شبه مصرية".
من جانبها ترى الكاتبة الصحفية والمحللة السياسية مي عزام، أن "مصر خسرت موقعا استراتيجيا منّ الله عليها به، وتنازلنا عنه بكامل إرادة النظام الحاكم رغم المعارضة الشعبية للقرار".
وأضافت، أن "موقع مصر على البحر الأحمر وتحكمها بمضيق تيران كان بمثابة مكانة مرموقة لا يضاهيها سوى مضيق باب المندب".
وأكدت عزام أن "مستقبل شرق أفريقيا والقرن الأفريقي والاكتشافات البترولية المتوقعة في البحر الأحمر كلها تصب في خانة الخسائر بالنسبة لمصر".
أهمية الجزيرتين
كانت الجزيرتين موطنًا لقوة حفظ سلام صغيرة متعددة الجنسيات منذ عام 1979 بعد اتفاق سلام بين مصر وإسرائيل.
تستضيف تيران التي تبلغ مساحتها 61 كيلومترًا مربعًا، مطارًا تستخدمه قوات حفظ السلام.
تقع تيران، وصنافير في الجزء الشرقي الأصغر، عند مدخل خليج العقبة، موقع ميناء إيلات الإسرائيلي والعقبة الأردنية، الميناء الوحيد الذي تمتلكه المملكة إلى حد كبير غير ساحلي.
أدى إغلاق الرئيس المصري جمال عبد الناصر لمضيق تيران عام 1967 إلى قطع الوصول البحري إلى المينائين البحريين.
لذلك، يُنظر إلى الحفاظ على وضع الجزر منزوعة السلاح على أنه ركيزة أساسية لتحقيق السلام في المنطقة.
منذ اتفاق السلام لعام 1979 وانسحاب القوات الإسرائيلية من الجزر بعد ثلاث سنوات، مُنعت القاهرة أيضًا من استضافة القوات هناك كجزء من اتفاقية سيناء الأوسع لنزع السلاح.
وعدت المملكة العربية السعودية بأنها ستحافظ على وضعها منزوع السلاح بعد حصولها على الملكية وستسمح للسفن الإسرائيلية بالسفر بحرية في المياه المحيطة بها.
ومع ذلك، تنص اتفاقية 1979 على أن أي تغيير في وضع الجزر يتطلب موافقة إسرائيل.
بداية النزاع
في العام 1906، رسمت الإمبراطورية العثمانية حدودها الشرقية ووضعت تيران وصنافير - الواقعتين عند المدخل الجنوبي لخليج العقبة - خارج الأراضي المصرية.
في وقت لاحق من ذلك العام، وقعت مصر (التي كانت آنذاك جزءًا رسميًا من الإمبراطورية العثمانية ولكنها تتمتع بحكم ذاتي إلى حد كبير) اتفاقية أخرى شملت الجزيرتين.
على مدى العقود القليلة التالية، انهارت الإمبراطورية العثمانية واستولى البريطانيون وحلفاؤهم العرب والمملكة العربية السعودية على أراضيها، والتي أُعلنت في عام 1932.
في عام 1949، اندلعت الحرب الأولى بين دولة إسرائيل والدول العربية المجاورة. انتهى
هذا في نهاية المطاف باتفاقية رودس للهدنة التي سلمت السيادة على جزر البحر الأحمر إلى مصر. ومع ذلك، وفقًا للوثائق التي استشهدت بها الحكومة المصرية في عام 2016، عارضت المملكة العربية السعودية ملكية الجزر، ولكن - بسبب ضعف البحرية السعودية في ذلك الوقت - توصلت إلى اتفاق مع مصر على أن تواصل الدولة إدارتها (دون التنازل عن مطالبهم الأساسية بالملكية). واستمرت مصر في إدارة الجزر واستخدامها كأصول استراتيجية وتجارية وعسكرية رئيسية، حتى العام 1967. في ذلك العام احتلتها إسرائيل في الحرب مع مصر، وبقيت تحت السيطرة الإسرائيلية حتى عام 1982، عندما أعيدت مع شبه جزيرة سيناء كجزء من اتفاق السلام لعام 1979. كيف تصاعدت (الأزمة الأخيرة حولها)؟ في العام 2016، بعد ثلاث سنوات من انقلاب السيسي بالرئيس الدكتور الشهيد محمد مرسي، وقع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية للتنازل عن السيطرة على جزيرتي تيران وصنافير للمملكة الخليجية. كانت المملكة العربية السعودية داعمًا رئيسيًا لانقلاب السيسي، وأغرقت مليارات الدولارات في اقتصاد البلاد في أعقابه. أثارت الاتفاقية الجديدة، التي تم توقيعها في أبريل 2016، غضبًا واسع النطاق وسرعان ما تم الطعن فيها في المحاكم المصرية، التي ألغت الاتفاقية. خرج الآلاف إلى الشوارع في أول مظاهرات كبيرة واسعة النطاق في البلاد، منذ انقلاب السيسي في العام 2013. ومع ذلك، فقد تم تأييده لاحقًا في حكم محكمة آخر، ثم وافق عليه البرلمان في العام 2017. وندد نشطاء المعارضة بالخطوة ووصفوها بـ "الخيانة".