يرى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن أزمة غزة تتعلق فقط بتوفير السكن المناسب، وبعض المستشفيات والمدارس، وربما بعض ناطحات السحاب لإضفاء لمسة جمالية على المكان! فالمقاولون العقاريون لا يرون إلا قطعة أرض بحاجة إلى التطوير، لكن فقط بعد إخلائها من سكانها. من هذا المنطلق، يرى ترامب أن الحل في غزة يكمن في إزالة السكان أولًا، ثم السماح للجرافات بالعمل.
رؤية ترامب المشوهة للصراع
بالنسبة لترامب، فإن المشكلة ليست في الظلم التاريخي الذي تعرض له الفلسطينيون، بل في إعادة بناء غزة بطريقة حديثة تجعلها "ريفييرا الشرق الأوسط". هذا التصور يحرم سكان غزة من أي حقوق لهم في أرضهم، بل يمنحهم فقط حق العيش في المنازل التي يراها ترامب مناسبة لهم.
لا يحب ترامب الاستماع إلى مستشاريه، بل يفضل المحيطين به من الموالين الذين لا يشككون في قراراته، ولهذا سارع وزير خارجيته ماركو روبيو إلى صياغة رؤية ترامب في عبارة دعائية: "لنجعل غزة جميلة مرة أخرى".
الآثار الكارثية لعودة ترامب
منذ توليه منصبه، كان ترامب يمثل أسوأ ما في السياسة الخارجية الأمريكية، حيث ألغى دعم حل الدولتين، واعترف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان المحتلة، وأطلق صفقة القرن التي سعت لتصفية القضية الفلسطينية وفق المصالح الإسرائيلية. رغم فشل الصفقة، إلا أنها مهدت الطريق أمام تطبيع العلاقات بين إسرائيل وأربع دول عربية.
ترامب لديه هوس بأن يكون أكثر الرؤساء الأمريكيين ولاءً لإسرائيل، إلى درجة انتقاده لليهود الأمريكيين لعدم دعمهم له بقدر ما يفعل المسيحيون الإنجيليون. حتى إنه أطلق على نفسه في 2019 لقب "ملك إسرائيل"، واصفًا إسرائيل بأنها "معجزة"، في تجاهل تام للحقوق الدينية والتاريخية للمسلمين والمسيحيين في الأرض المقدسة.
المخططات الجديدة لغزة
في ولايته الثانية، يروج ترامب لفكرة التهجير القسري للفلسطينيين من غزة، وإعادة توطينهم في صحراء الأردن ومصر، بينما يتم تحويل القطاع إلى مركز سياحي فاخر. هذا التصور يستبعد الفلسطينيين تمامًا من أي تسوية سياسية، ويعتمد على فكرة أنهم شعب بلا وطن، يمكن ترحيله بسهولة دون أي اعتبار لتاريخهم وحقوقهم.
كما أن هذه السياسات تعكس رسالة واضحة للعرب والفلسطينيين بأنهم ليسوا طرفًا جادًا في أي تسوية أمريكية، وأن عليهم قبول ما يُفرض عليهم دون اعتراض.
مستقبل مظلم ولكن غير محسوم
رغم قتامة الصورة، فإن الفلسطينيين وشعوب المنطقة مروا بسنوات أصعب ولم يستسلموا. على مدى عقود، حاولت القوى الكبرى فرض تسويات مجحفة، لكن الفلسطينيين رفضوا التفريط بحقوقهم. وبالتالي، حتى مع عودة ترامب وخططه الجديدة، فإن المقاومة السياسية والشعبية ستظل قائمة، خاصة مع تنامي التأييد الدولي للقضية الفلسطينية.
يحمل عام 2025 تهديدات خطيرة للعرب والفلسطينيين، خاصة إذا عاد ترامب للبيت الأبيض. سيواصل محاولاته لفرض رؤيته على المنطقة، لكن التجربة تثبت أن الإرادة الشعبية أقوى من أي خطة سياسية مؤقتة.