فند الباحث والأكاديمي السعودي أحمد بن راشد بن سعيّد، المقارنة التي سبق أن عقدها أحد كتاب السلطة من أصحاب المواقف السلبية المتناقضة من جماعة الإخوان المسلمين؛ بين الرئيس محمد مرسي وأحمد الشرع (الجولاني) والتي رأى أن صاحبها (الصحفي جمال سلطان) جانبه الصواب في كثير منها.
وأوضح من جانب الثورة المصرية نقطة مفصلية وهي أن "القناعة بدور المملكة في الانقلاب معلومة بالضرورة، وليست مقصورةً على الإخوان".
وعبر حسابه @LoveLiberty_2 كتب "بن سعيد" مقالاً هو ضمن سلسلة ممتدة بعنوان "مُحقٌّ وغلطان: نقاش مع جمال سلطان".
قال إن جمال سلطان كتب منشورًا بعنوان: “لماذا رحبت السعودية بأحمد الشرع ولم ترحب بمحمد مرسي؟". مشيرًا إلى أنه يفضل مناقشة ما كتبه في نقاطٍ مهمّة لإيضاحها، لاسيما أنّ كثيرًا منها يردّدها قومٌ آخرون (في إشارة للعلمانيين أو أنصار الثورة المضادة)، وليست مقصورةً على الصحفي جمال سلطان.
وأضاف أنه "في البدء، توحي صياغة السؤال الذي طرحه الأخ والزميل سلطان بأن السياسة السعودية ذات قواعد ثابتة، وأن لها رؤية إستراتيجية مؤسّسة تحدّد خياراتها، وهذا غير دقيق، فربما تغيّرت المواقف بتغيّر القيادات.".
وعلق، "ليس في البلاد برلمان ولا فصل سلطات ولا نظام ضوابط وتوازنات. وبهذا، فإن مقارنة موقفها من مرسي بموقفها من الشرع من دون أخذ هذا الأمر في الاعتبار يُفقد المقارنة صدقيّتها.".
واستدرك أن "الحقيقة أن السعودية لم تكن مرتاحة لتقدّم الثوّار السوريين، وظلت دعايتها تصفهم وهم يحرّرون المدن السورية، بالفصائل المسلّحة، بينما تشير إلى عصابات السّفّاح بالجيش السوري، امتدادًا للتحوّل السلبي الحاد الذي طرأ على السياسة السعودية تجاه الثورة السورية، عام 2017، والذي ختمتْه باستقبال السّفّاح في الرياض، وإعادته إلى الجامعة العربية".
وعن الشواهد أوضح أن ذلك "تجلّى في التناول الإخباري لقناة العربية التي دأبت، إبّان زحف الثوار على حلب وحمص وحماة، على استضافة أبواق السّفّاح، ليصِمُوا الثوّار وهيئة تحرير الشام بالإرهاب".
وعن شاهد آخر، أكمل، "ولا ننسى أنه قبل أسابيع فقط من فتح دمشق بثّت قناة mbc تقريرًا وصفت فيه الشرع بأنه “وجه عالمي للإرهاب”،"قاد الخراب والدمار في سوريا”. حتى بعد التحرير، استمرّ كتّاب “رسميون” في التحذير من الشرع بوصفه إرهابيًا، أو سليل تاريخ إرهابي".
واستطرد أن هذه الشواهد تفنّد ما قاله "سلطان" عن الترحيب السعودي الفوري بنجاحات الثورة السورية!
وعن استنتاجه أن موقف المملكة من النظام السوري الجديد مؤشّر على “احتضانها” له، و“ثقتها” به، و“دعمه" في قابل الأيام، بل “إلقاء ثقلها” خلف الرئيس أحمد الشرع، وتقديم العون الاقتصادي والسياسي له، والسعي إلى “توسيع القبول الدولي بشرعيته”، أكد الباحث السعودي أنها "مجرّد آمال ورديّة كان ينبغي التريّث مليًّا قبل الجزم بحدوثها".
عداوة ظالمة
وعن رؤى الكاتب سلطان شديدة المجافاة للواقع، أبان أحمد راشد بن سعيد "أنّ أشدَّ ما كتبه سلطان ظلمًا قوله إن إيران والكيان الصهيوني والإخوان المسلمين هم القوى التي ضاقت ذرعًا بالعلاقة السورية السعودية الجديدة. ولا أدري لماذا حشر، هداه الله، الإخوان في الموقف المعادي لهذه العلاقة".
واستطرد "الإخوان كلهم، كما أشار، مرتابون متوجسون، لكن إخوان مصر هم الأشدّ توترًا، بحسب تعبيره، لأنهم يحملون “ضغينة خاصّة تجاه المملكة بسبب موقفها الرافض لسلطة الرئيس محمد مرسي، ويتهمونها بالعمل على إسقاطه، ومساعدة القائد العسكري عبد الفتاح السيسي"، بحسب ما نقل الأكاديمي السعودي.
ولفت إلى أن جمال سلطان "لم يُوفَّق في استخدام تعبير “ضغينة”، الذي يعني الحقد الشديد بلا سبب، والمشوبَ عادةً بالحسد، وهو تعبير ينطوي على تشويه وإساءة كان ينبغي تجنّبه". ناصحًا له "لو أنه قال مثلاً: “لأنهم أخذوا على المملكة رفضها سلطة الرئيس مرسي”، لكان أخفَّ وطأة، مع أن المملكة لم تقف عند “رفض” تلك السلطة، بل حاربتها دعائيًا منذ البداية (كنت في الرياض وقتَها، وشاهدت الحشد العاطفي ضدّ الثورة، وضدّ مشاركة الإخوان في الانتخابات، كما لمست الصدمة من نتائجها)، وشاركتْ في تدبير الانقلاب عليها، وهي سلطة أبعد من أن تكون متعلّقة بشخص أو برنامج، فقد كانت تمثّل التجربة الديموقراطية الوليدة في مصر.".
وعن دور المملكة العربية السعودية في الانقلاب على الرئيس د. محمد مرسي أول منتخب في مقعد الرئاسة في مصر خلال 100 سنة الأخيرة أوضح "بن سعيد" أنه استمع، "إلى متحدّث أميركي في مؤتمر بإسطنبول عام 2016 يعترض على تحميل أميركا مسؤولية الانقلاب قائلاً: “لقد دُبِّر الأمر في الرياض، وأتى المال من الرياض".
ووصف هذا الدور بـ"المشاركة المفتاحية في الانقلاب وما أسفر عنه من فظاعات وآلام"، موضحًا أن الكاتب جمال سلطان "شكّك فيها بقوله إنها مجرّد تهمة ألصقها الإخوان بالمملكة، وهذا شيء عجيب، إذ أن المملكة لم تنكر دورها في الإطاحة بمرسي، ودعم الخروج عليه، وجهر كثير من كتّابها ومعلّقيها بهذا الدور في الصحافة وفي المنصّات الاجتماعية، إجهاضًا لما لقّبوه بالربيع الإخواني-الأوبامي، وتخليصًا للمنطقة من بعبع "الإسلام السياسي".
ومتندرًا كتب أحمد راشد "هذا الربيع الذي قرّرت المملكة الاعتراف بأحد قادته، أحمد الشرع، والتعامل الإيجابي مع أطول ثوراته وأشدّها دموية.".
وعن تناقض ما يطرحه "سلطان" بالشأن السوري ختم أول مقال في سلسلته "يعزو سلطان الترحيب السعودي بالشرع إلى “رهان السعودية على وحدة سوريا، وإحياء مفهوم الدولة، وإحياء دور سوريا العربية السنّيّة في حماية الأمن القومي العربي”. حسنًا، كيف يستقيم ذلك مع التعاطف الذي تبديه السعودية مع مليشيا “قسد” الانفصالية المعادية للإسلام، وليس لأهل السّنّة فقط؟ شواهد ذلك في الماضي كثيرة.".