في ظل انسداد الأفق السياسي داخل مصر واستمرار القبضة الأمنية للسلطة الحالية، برزت في الخارج تحركات مكثفة لتوحيد صفوف المعارضة المصرية تحت مظلات جامعة، كان أبرزها ما يُعرف بـ "اتحاد القوى الوطنية المصرية" (الذي يُشار إليه في أوساط المعارضة بجبهة التغيير أو التحالف الوطني).
تأسست هذه الجبهة في الخارج ككيان سياسي يهدف إلى تجاوز الخلافات الأيديولوجية بين الإسلاميين والليبراليين واليساريين، وتقديم بديل سياسي متماسك ضد "سلطة الانقلاب". كما تسعى الجبهة لتوحيد "كل المعارضين" في وثيقة عمل مشترك لإنقاذ الدولة المصرية من الانهيار الاقتصادي والسياسي.
التأسيس والأهداف: مظلة جامعة لكل أطياف المعارضة
تشكلت هذه الجبهة (ممثلة بشكل رئيسي في "اتحاد القوى الوطنية") بمبادرة من رموز سياسية بارزة في المنفى، على رأسهم المرشح الرئاسي الأسبق أيمن نور، بهدف رئيسي هو "كسر حاجز الاستقطاب" الذي استغله النظام لتفتيت المعارضة طوال العقد الماضي.
الهدف الاستراتيجي: إسقاط النظام الحالي عبر الحراك الشعبي والضغط الدولي، وتأسيس مرحلة انتقالية ديمقراطية.
آلية العمل: التوافق على "وثيقة مبادئ" (أو وثيقة العشرين في بعض السياقات) تضمن الحد الأدنى من الاتفاق السياسي، وتؤكد على مدنية الدولة، العدالة الانتقالية، وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين دون استثناء.
الفاعليات والتحركات الأخيرة
نشطت الجبهة في الآونة الأخيرة (خاصة خلال عامي 2024 و2025) عبر عدة مسارات سياسية وإعلامية لمحاصرة النظام:
1. الحوار الوطني بالخارج (الموازي)
رداً على "الحوار الوطني" الذي أطلقه النظام في الداخل والذي وصفته المعارضة بالمسرحية الهزلية، أطلقت الجبهة "الحوار الوطني الشعبي" في الخارج. شارك فيه مئات الشخصيات المصرية من مختلف دول العالم عبر منصات افتراضية ولقاءات مباشرة، وخلص إلى رفض سياسات النظام الاقتصادية والبيع الممنهج لأصول الدولة.
2. وثيقة توحيد المعارضة
عملت الجبهة على صياغة وثيقة سياسية شاملة لتوحيد "الإخوان المسلمين" (بجناحيهما) مع التيارات الليبرالية واليسارية المستقلة. ورغم العقبات، نجحت الجبهة في جمع توقيعات ورموز من تيارات متنافرة تاريخياً، مؤكدة أن "الخطر الوجودي" الذي يهدد مصر يتطلب تجاوز خلافات الماضي.
3. التحرك الدولي والحقوقي
نظمت الجبهة وفوداً للتواصل مع برلمانات أوروبية ومنظمات حقوقية دولية لفضح ممارسات النظام، خاصة فيما يتعلق بملف الديون الخارجية وانتهاكات حقوق الإنسان. كما دعت لفعاليات احتجاجية متزامنة أمام السفارات المصرية في العواصم الغربية للتنديد بالسياسات الاقتصادية التي أفقرت المواطن.
أبرز الشخصيات والرموز الفاعلة
تضم الجبهة طيفاً واسعاً من الشخصيات، من أبرزهم:
د. أيمن نور: رئيس اتحاد القوى الوطنية، والداينمو المحرك لجهود التوحيد.
ممثلون عن جماعة الإخوان المسلمين: (رغم الانشقاقات الداخلية، يشارك ممثلون عن التيارات المختلفة في الحوار).
تكنوقراط وأكاديميون مستقلون: انضموا مؤخراً لتقديم رؤى لإنقاذ الاقتصاد المصري المنهار.
تحديات وآفاق المستقبل
رغم الزخم الذي أحدثته جبهة التغيير (اتحاد القوى الوطنية) في الخارج، إلا أنها تواجه تحديات ضخمة، أبرزها الاختراق الأمني المستمر من قبل أجهزة المخابرات المصرية، ومحاولات النظام لتشويه رموزها وربطهم بـ"المؤامرات الخارجية". ومع ذلك، تظل الجبهة الصوت الأبرز والمنصة الوحيدة حالياً التي تمتلك القدرة التنظيمية والإعلامية على إزعاج النظام وتذكير المجتمع الدولي بأن هناك بديلاً سياسياً جاهزاً في حال سقوط السلطة الحالية.

