بمشاركة قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عبر تقنية الفيديو كونفرانس، شهدت مصر اليوم تركيب وعاء المفاعل للوحدة الأولى من محطة الطاقة النووية بالضبعة، فيما وصفت بالخطوة الأهم على الصعيد التقني والجيوسياسي.
وأعلنت هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء في مصر، أن وعاء ضغط المفاعل، الذي يتم تركيبه اليوم، هو أحد المكونات الرئيسة في المحطة النووية، ويحتوي بداخله على قلب المفاعل الذي تجرى فيه سلسلة التفاعلات النووية المتحكم بها.
ويتميز الوعاء بقدرته العالية على تحمل الضغط ودرجات الحرارة المرتفعة، مع ضمان الإحكام الكامل ضد أي تسرب، مما يجعله عنصرًا أساسيًا في منظومة الأمان والموثوقية التشغيلية للوحدة النووية.
4 مفاعلات نووية
وستضم محطة الضبعة المستقبلية أربعة مفاعلات نووية من طراز VVER-1200، كل منها بقدرة كهربائية تبلغ 1.2 جيجاواط، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الأفريقية (APANEWS).
وبحسب أحمد بدوي، خبير الأنظمة النووية، فإن هامش الخطأ في هذه العملية ضئيل للغاية، إذ يجب وضع كل مكون بدقة متناهية.
وأضاف: "هذه الخطوة تُمثل دخول مصر إلى المرحلة النووية الفعلية، المخصصة للدول القادرة على استيفاء أشد المتطلبات الدولية صرامة".
واعتبرت الوكالة أن هذا بالنسبة لمصر يمثل "إنجازًا أكثر من مجرد إنجاز تقني".
ثاني محطة نووية بأفريقيا
وأشار علي عبد النبي، نائب رئيس هيئة الطاقة النووية السابق، إلى أن هذه تمثل بداية مرحلة جديدة في قطاع الطاقة تهدف إلى تعزيز الأمن الكهربائي، ودعم الصناعة، وترسيخ دور مصر الإقليمي. ومن المقرر أن تصبح مصر ثاني دولة أفريقية تُشغّل محطة طاقة نووية، بعد جنوب أفريقيا.
وبعد تركيب وعاء المفاعل، سيتم إجراء سلسلة من الاختبارات غير النووية للتحقق من سلامة النظام، يليها اختبار ساخن- محاكاة كاملة لتشغيل المفاعل بدون وقود - قبل بدء مرحلة تحميل الوقود النهائية.
ويعتمد المشروع بشكل كبير على الشراكة الاستراتيجية مع شركة روساتوم الروسية، والتي تشرف على تصنيع ونقل وتجميع المعدات الثقيلة، كما تُقدم التدريب لمئات المهندسين المصريين.
وتعد مفاعلات VVER-1200 المستخدمة في الضبعة هي نفس الطراز المستخدم حاليًا في روسيا وبيلاروسيا.
وتُولي محطة الضبعة، الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط ، أولوية قصوى للسلامة.
وأوضح ألكسندر فورونكوف، المدير الإقليمي لشركة روساتوم، أن ما يقرب من 60 بالمائة من استثمار المشروع مُخصص لأنظمة السلامة.
وأشار إلى أن تقنية VVER-1200 مُصممة لتحمل تأثير طائرة كبيرة وزلازل تصل قوتها إلى 9 درجات، مما يجعل محطة الضبعة من أكثر محطات الطاقة النووية أمانًا في العالم.
https://apanews.net/egypt-achieves-decisive-milestone-at-al-dabaa-nuclear-power-plant/
توفر 10 بالمائة من احتياجات مصر من الكهرباء
وأُطلقت محطة الضبعة بموجب اتفاقية أُبرمت عام 2015، ومن المتوقع أن تنتج عند تشغيلها بالكامل ما يصل إلى 37 مليار كيلووات/ساعة من الكهرباء سنويًا، أو ما يكفي لتلبية حوالي 10 بالمائة من الطلب على الكهرباء في مصر.
وصرّح الرئيس الروسي بأن شركات مصرية تولّت 55 بالمائة من أعمال البناء والتعاقد من الباطن، مما يُسهم في خلق فرص عمل وتمهيد الطريق لقطاع نووي محلي.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في وقت سابق إن هناك "أسبابًا قوية" لتوقع أن تبدأ المحطة في توليد الكهرباء قريبًا.
وستكون المحطة، وفقًا لبيان صادر عن شركة روساتوم، أول مفاعل نووي من الجيل الثالث في العالم، مما يمهد الطريق لمستقبل الطاقة النووية.
وقالت: "منذ ربط أول محطة طاقة نووية تجارية في العالم في أوبنينسك، وسط روسيا، بالشبكة الكهربائية عام 1954، شهدت التكنولوجيا النووية تطورًا مستمرًا لجعل المفاعلات الجديدة أكثر أمانًا وقوة وكفاءة".
وأوضحت أن هذه التطورات حدثت في الغالب على دفعات، مما أدى إلى ظهور عدة أجيال من المفاعلات النووية التي تتميز عادةً بالتميز. طُوّرت مفاعلات الجيل الأول في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وهي شبه منقرضة اليوم باستثناء عدد قليل من الوحدات التي لا تزال تعمل في المملكة المتحدة.
وتقول الشركة الروسية إن مفاعلات الجيل الثاني، التي بلغت أوجها بين سبعينيات وتسعينيات القرن الماضي، لا تزال تعمل على نطاق واسع حول العالم بعد تمديد عمرها التصميمي من 30-40 عامًا إلى 50-60 عامًا.
كما تُشير إلى أن مفاعلات الجيل الثالث، التي طُوّرت لتشمل تحسينات في تكنولوجيا الوقود، والكفاءة الحرارية، وأنظمة السلامة، وعمر التشغيل، دخلت الخدمة لأول مرة في أواخر التسعينيات، ولا تزال قيد الإنشاء في جميع أنحاء العالم.
مخاوفه بشأن السلامة في منطقة الضبعة
وعلى الرغم من أن البعض أبدى مخاوفه بشأن السلامة في منطقة الضبعة التي تشيد فيها المحطة النووية، يرى آخرون أنه لا توجد أي مخاوف تتعلق بالسلامة.
يقول محمد ثروت، المستشار العقاري: "ينظر العديد من المطورين إلى المشروع النووي الجديد بإيجابية".
وقال في تصريح سابق إلى موقع "إنفست جيت": "إنهم يرون فقط الجانب الإيجابي للمشروع النووي، ويقولون إنه سيعطي دفعة للاستثمارات في الساحل الشمالي بدلاً من تسليط الضوء على وجود مخاطر تتعلق بالسلامة في هذه المنطقة".
في حين انتقد أحمد الدروبي، مدير الحملات في منظمة جرينبيس بالمنطقة العربية، وهي منظمة بيئية دولية غير حكومية، خطة مصر لبناء أول محطة طاقة نووية.
وقال: "هناك مخاطر جسيمة مرتبطة بالطاقة النووية من حيث السلامة... لدينا تجربتان - تشيرنوبيل في الثمانينيات وفوكوشيما قبل (10 أعوام) في اليابان - ناهيك عن أننا سنخلف عبئًا هائلاً على الأجيال القادمة في شكل نفايات نووية".

