بينما ظن آلاف أولياء الأمور أن مصروفات المدارس الدولية استقرت مع بداية العام الدراسي، جاءت أقساط شهري أكتوبر ونوفمبر محملة بمفاجأة صادمة: زيادات غير مبررة في الرسوم الإضافية تخطت 25% من المصروفات السنوية، تحت مسمى "أنشطة" و"دروس إلزامية" و"باصات مدرسية" و"مصروفات تحسين"، رغم أن القانون لا يجيز للمدارس التي تتقاضى أكثر من 200 ألف جنيه زيادة تتجاوز 5%.
هذه الزيادة المفاجئة، بعد أكثر من شهرين ونصف على بدء الدراسة، تكشف عن تحايل ممنهج من إدارات المدارس الخاصة والدولية، وسط غياب رقابة الدولة وصمت وزارة التعليم، ما يعمّق الشعور بالظلم لدى الأسر التي تواجه ضغوطًا اقتصادية متزايدة.
"قسط أكتوبر ونوفمبر" يحمل الزيادة الحقيقية: الرسوم انفجرت بعد بداية الدراسة
وفق شهادات عديدة من أولياء الأمور، جاءت الصدمة الحقيقية مع مطالبة المدارس بالأقساط الثانية، التي أضيفت إليها بنود جديدة أو مضاعفة:
رسوم نشاط دراسي "إجباري" لم تكن موجودة في بداية العام.
زيادة أسعار النقل المدرسي بنسبة وصلت إلى 50%.
فرض رسوم "مراجعة دراسية" إلزامية بآلاف الجنيهات.
طلبات شراء كتب أو أدوات إضافية لم تُذكر عند التسجيل.
بعض المدارس برّرت هذه الزيادات بأنها لا تخضع للقرار الوزاري المنظم للمصروفات الأساسية، وهو ما يعني أن "الحيلة" كانت تأجيل الزيادة لما بعد بدء الدراسة لتفادي المساءلة.
كايرو أمريكان كوليدج وأمثالها: مصروفات فعلية تقفز إلى 400 ألف جنيه
في واحدة من أبرز الأمثلة، سجلت "كايرو أمريكان كوليدج" زيادة ملحوظة وصلت بالرسوم الإجمالية إلى 400 ألف جنيه سنويًا، رغم أن المصروفات الأساسية أقل من ذلك. والزيادة لم تكن واضحة من البداية، بل تسلسلت على دفعات لاحقة من الأقساط، مما أربك الأسر التي لم تضع هذه الزيادات في حساباتها.
مدارس أخرى اتبعت نفس النمط، وأكد أولياء الأمور أنهم شعروا بأنهم وقعوا في "فخ مالي محكم"، حيث تم إدخال زيادات تدريجية دون إعلان مسبق.
تحايل على القانون تحت سمع وبصر وزارة التعليم
القانون المصري واضح: الحد الأقصى لزيادة المصروفات في المدارس الدولية التي تتقاضى أكثر من 200 ألف جنيه هو 5% سنويًا. لكن إدارات المدارس تجاوزت هذا الحد عبر:
إخفاء الزيادة داخل رسوم إضافية غير خاضعة للرقابة.
تأجيل الكشف عن الزيادات حتى دفع الأقساط التالية لبداية الدراسة.
إجبار الأهالي على السداد تحت تهديد عدم تجديد القيد أو حجب نتائج الطلاب.
والأخطر أن كل ذلك تم دون أي تدخل جاد من وزارة التربية والتعليم، التي اكتفت بـ"التحقيق" أو "المتابعة" كما تقول دائمًا، ما يؤكد أن الوزارة أصبحت غائبة تمامًا عن حماية الأسر من الجشع.
"اتدبسنا".. أولياء الأمور بين الصدمة والاضطرار
يقول أحد أولياء الأمور: "إحنا خلاص دفعنا أول قسط، وبعد شهرين ونص جالنا قسط تاني فيه زيادات ملهاش تفسير. المدرسة قالت لو مش هتدفع متكملش السنة. يعني ببساطة اتدبسنا في مدرسة بيدفعونا أكتر من قدرتنا بكتير، ومفيش حلول".
وترى بعض الأسر أن هذه الممارسات جزء من سياسة الإفقار الممنهج، حيث يُدفع المواطن دفعًا نحو التعليم الخاص، ثم يُترك لمصير السوق المفتوح بلا حماية، بلا سقف، وبلا دولة ترعى حقه في تعليم كريم.
تأجيل الزيادة كان مقصودًا.. والدولة متواطئة بالصمت
الزيادات التي جاءت مع أقساط أكتوبر ونوفمبر ليست "صدفة"، بل تحايل متعمد ومدروس على القانون، وتمرير للعبء المالي على المواطنين بعد بدء العام الدراسي، بحيث لا يملك أولياء الأمور خيارًا سوى الدفع.
وفي غياب مساءلة حقيقية، تبدو الدولة متواطئة بصمتها، تاركة الأسر تُستنزف بينما المدارس تتعامل مع التعليم كمشروع استثماري فوق القانون.

