في وقت تتباهى فيه حكومة مصطفى مدبولي بخطط تنمية وهمية وأرقام اقتصادية مزيفة، يعيش المجتمع المصري واحدة من أخطر أزماته الاجتماعية على الإطلاق: انهيار معدلات الزواج بنسبة تفوق 40% في عام واحد فقط، من 500 ألف زيجة العام الماضي إلى 320 ألف هذا العام.
هذا الانهيار لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة مباشرة لسياسات اقتصادية كارثية مارستها الحكومة بعشوائية وفساد وغياب أي رؤية. الغلاء المستعر الذي التهم كل شيء لم يترك للشباب سوى اليأس والعزوف عن بناء أسرة، بعدما أصبح تجهيز منزل متواضع حلمًا مستحيلًا يحتاج إلى مليون جنيه فأكثر، وفق جولة لفريق "ويك إند القاهرة" داخل معرض لومارشيه.
اليوم لا نتحدث فقط عن أزمة في أسعار الأثاث أو الأجهزة أو الذهب، بل عن مستقبل مجتمع كامل يتفكك بينما السلطة تتفرج.
الزواج يتحول إلى رفاهية في دولة أحرقت الطبقة المتوسطة
كانت الطبقة المتوسطة لعقود هي عمود المجتمع المصري، أما اليوم فقد سحقها الغلاء المتواصل، وتحولت أبسط احتياجات الحياة إلى رفاهية لا يستطيع الكثيرون تحقيقها.
تجهيز شقة صغيرة لم يعد أقل من مليون جنيه، وهو مبلغ خيالي مقارنة بدخل شاب لا يتجاوز راتبه 6 آلاف جنيه في أحسن الأحوال.
في ظل الواقع المرير، آلاف القصص تنتهي بانفصال أو تأجيل لا نهاية له، بينما تستمر الحكومة في تحميل المواطنين الفشل الذي صنعته بيدها، عبر سياسات مالية واقتصادية لا تخدم إلا قلة متحكمة.
انتحار اقتصادي متعمد: الحكومة ترفع الأسعار وتقتل الأمل
ارتفاع الأسعار ليس حادثًا عابرًا، بل نتيجة مباشرة لقرارات متخبطة:
تعويم متكرر للجنيه أنهى أي قيمة للرواتب.
ضرائب ورسوم تُفرض يومًا بعد يوم بلا أي رحمة.
خصخصة كل ما يمكن بيعه، وترك المواطن وحده يواجه الانهيار.
كم من شاب يستطيع الزواج بينما سعر الذهب أصبح فوق 4 آلاف جنيه للغرام، وثلاجة عادية وصلت إلى 50 ألف جنيه، والغسالة 30 ألفًا؟
كيف يمكن لعريس أن يبدأ حياة بينما إيجار شقة متواضعة أصبح 6 آلاف جنيه شهريًا؟
وماذا بقي من الحلم المصري غير الذكريات؟
غياب كامل للدولة: لا دعم ولا مبادرات ولا حلول
بينما تنهار الأسر قبل أن تبدأ، لا تقدم الحكومة أي مبادرة حقيقية:
- لا دعم للزواج.
- لا قروض بشروط عادلة.
- لا رقابة على التجار والأسعار.
- لا سياسات لحماية المجتمع من الكارثة.
بل إن ما يحدث اليوم هو تجريف اجتماعي متعمد، تُترك فيه الأسرة لمصيرها، بينما تُهدر مليارات على مشروعات استعراضية لا تعود على الناس بأي فائدة.
الحكومة التي فشلت في الحفاظ على سعر رغيف الخبز، هل يمكن أن تُنقذ مؤسسة الزواج؟
النتيجة: مجتمع يتفكك أمام أعين سلطة صامتة
الآثار الكارثية لتراجع الزواج بدأت تظهر:
ارتفاع معدلات الاكتئاب والانتحار بين الشباب.
انتشار العلاقات غير الرسمية والعرفية خارج الإطار القانوني.
انهيار منظومة الأسرة، وهي آخر ما يربط المجتمع ببعضه.
جيل كامل يفقد ثقته في أي مستقبل داخل البلد.
الخطير أن الحكومة تتعامل مع الأزمة كأن شيئًا لا يحدث، بينما المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية تدق ناقوس الخطر بأعلى صوت.
من المسؤول؟ وإلى متى الصمت؟
تراجع عدد الزيجات من 500 ألف إلى 320 ألف خلال عام ليس رقمًا عابرًا، بل جرس إنذار لنهاية مجتمع ينهار اقتصاديًا واجتماعيًا.
المسؤول الأول هو الحكومة التي أدارت الاقتصاد بالعشوائية والجباية والفساد، ولم تترك للمواطن شيئًا سوى الصراع من أجل البقاء.
إذا لم يتم تغيير المسار، فقد نصل إلى مرحلة يصبح فيها تشكيل أسرة مجرد ذكرى من الماضي، ويصبح المجتمع بلا مستقبل ولا استقرار.
التاريخ سيسجل: الجيل الذي دمّره الغلاء، بينما الحكومة تكتفي بالصمت والتصفيق لنفسها.

