في مصر السيسي، لا قيمة للعقل، ولا حصانة للعلماء، ولا حياة آمنة للشعب.

 

ففي الوقت الذي يُقتل فيه عالم كيمياء نووية في وضح النهار بالإسكندرية، تخرج وزارة الداخلية برواية هزلية عن "صديق مختل" قتله بسبب خلاف شخصي إنها دولة تحتقر شعبها، وتجعل من أمن إسرائيل عقيدة، وتترك عقولها تتساقط واحدًا تلو الآخر، دون تحقيق أو مساءلة أو حتى شعور بالخزي.

 

رواية الداخلية: أضعف من أن تُصدق، أقوى من أن تُكذّب

 

اغتيل مهندس متخصص في الكيمياء النووية في قلب مدينة الإسكندرية، في ظروف غامضة. لكن الداخلية – كعادتها – لم تتردد في إنتاج رواية جاهزة في أقل من 24 ساعة: القاتل "مختل عقليًا"، والضحية مجرد "تاجر سيارات".

 

نفس السيناريو، نفس الأسلوب، نفس الكذب.

منذ متى كانت أجهزة التحقيق المصرية بهذه السرعة؟

ولماذا كل هذا الحرص على نفي الطابع السياسي أو الاستخباراتي للجريمة؟

لماذا الإسراع بتشويه الضحية، وتفريغه من أي قيمة علمية؟ الإجابة معروفة: لأن النظام يخشى الحقيقة، ويخشى أن يُتهم من جديد بالتواطؤ في تصفية العلماء المصريين لحساب أمن إسرائيل.

 

من المشد إلى بدير إلى الإسكندرية: قائمة طويلة من الدماء المسكوت عنها

 

تاريخ مصر الحديث مليء بالاغتيالات الغامضة لعلماء في الذرة والفضاء والكيمياء الحيوية:

  • يحيى المشد، اغتيل في باريس، وخرجت مصر برواية صامتة لا تجرؤ على ذكر إسرائيل.
  • سعيد السيد بدير، قُتل في شقته بالإسكندرية في ظروف غامضة، ورُوّج أنه "انتحر".
  • سميرة موسى، مصطفى مشرفة، جمال حمدان... القائمة تطول، لكن القاتل واحد: الكيان الصهيوني، والتواطؤ المصري الرسمي مستمر.

النظام المصري لا يحمي علماءه، بل يسهّل اغتيالهم بالصمت والتزييف، ويقدمهم قربانًا على مذبح "التنسيق الأمني المقدس" مع تل أبيب.
بينما يُقتل العلماء... يُقتل الشعب على الأسفلت

 

نظام يحرس أمن إسرائيل ويهلك شعبه

 

ألم يصرّح قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي – في زلة لسان فاضحة – بأنه "ملتزم بأمن وسلامة المواطن الإسرائيلي"؟ ألم تتحول العقيدة الأمنية للنظام إلى حماية حدود إسرائيل، وملاحقة الفلسطينيين على المعابر، وتجريد سيناء من كل مظاهر السيادة؟

 

إن التفريط في العلماء المصريين ليس خطأً عابرًا، بل سياسة منهجية، وجزء من صفقة أوسع لتفكيك مصر من الداخل، تبدأ ببيع الأرض، وتنتهي باغتيال العقول.

 

لا عدالة، لا حساب، لا وطن ولا أحد سيُحاسب على دم العالم المصري. تمامًا كما لم يُحاسب أحد على اغتيال يحيى المشد. لأن هذا نظام بلا محاسبة، بلا ضمير، بلا مشروع وطني.

 

ما يحدث اليوم ليس مجرد فشل، بل خيانة صريحة. خيانة للعلم، للشعب، ولما تبقى من كرامة وطن يذبحه حاكم انقلابي من أجل شرعية وهمية لدى واشنطن وتل أبيب.

 

في مصر السيسي... الموت هو القاعدة، والحياة استثناء

 

لا غرابة أن يُقتل عالم نووي في وضح النهار، ولا أن يُترك مواطن ليموت في أتوبيس متهالك. في مصر السيسي، لا قيمة للحياة، ولا وزن للعلم، ولا كرامة للناس.

 

ما بقي هو نظام يحكم باسم الأمن، بينما ينشر الخوف، ويبيع الأرض، ويغتال العقول، ويحمي عدو الأمة الأول.

 

فمن يحرر مصر من نظام جعل الدم المصري أرخص من ثمن رواية أمنية مفبركة؟