في واقعة تعكس عمق الأزمة التي تعيشها حرية الصحافة في مصر، قررت نيابة أمن الدولة العليا يوم الإثنين تجديد حبس الصحفية صفاء الكوربيجي لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيقات في القضية رقم 7256 لسنة 2025 أمن دولة عليا. وتأتي هذه الخطوة وسط تدهور حالتها الصحية وغياب أي مبررات قانونية واضحة لاستمرار احتجازها.
اتهامات فضفاضة وعقاب على التعبير
النيابة وجهت للزميلة الكوربيجي اتهامات تقليدية باتت تتكرر في كل قضية ضد الصحفيين: "الانضمام إلى جماعة إرهابية"، و"نشر أخبار كاذبة"، و"استخدام حساب على الإنترنت لنشر معلومات مغلوطة". المفارقة أن كل ما استندت إليه النيابة هو منشور واحد نشرته الكوربيجي في ديسمبر 2024، ينتقد تهجير سكان شاليهات عجيبة بمحافظة مطروح. فهل أصبح الانتقاد المهني جريمة تستحق السجن؟
تدهور صحي يواجهه تجاهل حكومي
المحامي الحقوقي نبيه الجنادي أكد أن الكوربيجي تعاني من شلل أطفال وارتشاح في القدم، وأن حالتها الصحية تتدهور يومًا بعد آخر. ورغم هذه المعاناة، تصر النيابة على استمرار حبسها دون مراعاة لأي اعتبارات إنسانية أو صحية. هذا التجاهل الصارخ لحالتها يتنافى مع أبسط معايير العدالة، ويشكل تهديدًا مباشرًا لحياتها.
نقابة الصحفيين تطالب بالإفراج الفوري
في بيان رسمي، طالبت نقابة الصحفيين بالإفراج العاجل عن الزميلة صفاء الكوربيجي، مشددة على أن الاتهامات الموجهة لها مرتبطة بمحتوى صحفي مشروع. وأكدت النقابة رفضها التام لاستمرار حبس الصحفيين على خلفية قضايا النشر أو الرأي، معتبرة أن "حرية الصحافة ليست جريمة".
مصر بين أسوأ دول العالم في حرية الصحافة
بحسب مؤشر حرية الصحافة لعام 2025 الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود"، تحتل مصر المركز 170 من أصل 180 دولة، مما يجعلها ضمن أسوأ عشر دول على مستوى العالم في حرية الإعلام. كما أفادت لجنة حماية الصحفيين أن مصر كانت من بين الدول التي لديها أكبر عدد من الصحفيين السجناء عام 2024.
23 صحفيًا خلف القضبان... والعدد مرشح للزيادة
قضية الكوربيجي ليست استثناءً. فباعتقالها يرتفع عدد الصحفيين المحبوسين في مصر إلى 23 صحفيًا على الأقل، معظمهم محتجزون على ذمة قضايا سياسية دون محاكمة عادلة. تتراوح فترات الحبس بين أشهر وسنوات، في نمط بات معتادًا من القمع المؤسسي بحق مهنة الصحافة.
نداء عاجل لإنقاذ ما تبقى من حرية التعبير
في ظل هذا الواقع المظلم، تزداد الحاجة إلى تضامن وطني ودولي مع الصحفيين المصريين. إن استمرار حبس صفاء الكوربيجي، رغم حالتها الصحية وافتقار القضية لأي أدلة دامغة، هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان ويضع الحكومة المصرية أمام مسؤولياتها القانونية والأخلاقية.
الإفراج عن الكوربيجي بات ضرورة إنسانية قبل أن يكون مطلبًا نقابيًا أو حقوقيًا. وعلى الدولة أن تدرك أن كبت حرية الصحافة لن يُسكت الحقيقة، بل يزيد من عزلة النظام داخليًا وخارجيًا.

