يُنظر إلى قطاع السياحة في مصر على أنه واحد من أهم مصادر النقد الأجنبي في البلاد، وتشير التقديرات إلى أن عدد العاملين في قطاع السياحة (مباشر وغير مباشر): نحو 3 ملايين. نسبة العاملين في قطاع السياحة من إجمالي قوة العمل.

واستقبلت مصر خلال العام الماضي 15.78 مليون سائح، وهو أعلى مستوى مسجل على الإطلاق، بنسبة زيادة بلغت 5 بالمائة، محققة مستوى قياسيًا من الإيرادات بلغ 15.3 مليار دولار، بزيادة سنوية بلغت 9 بالمائة.

ويتوقع أن يرتفع أعداد السائحين خلال العام الجاري، إذ  استقبلت مصر خلال الـ9 أشهر الأولى من العام الجاري 15 مليون سائح، بنمو نسبته 21 بالمائة على أساس سنوي، ما يقربها من مستهدفها بنهاية العام عند 18 مليون سائح.

ويتوقع وير السياحة في حكومة الانقلاب، شريف فتحي إنه مع افتتاح المتحف المصري الكبير بشكل كامل، سيرتفع عدد الزوار "إلى نحو ثلاثة أضعاف الرقم الحالي، الذي يتراوح بين 5 و6 آلاف زائر يوميًا".

وتسود التوقعات بأن يجذب هذا الموقع السياحي الذي يمتد على مساحة 120 فدانًا، بالقرب من الأهرامات، نحو 5 ملايين زائر سنوًيً. ويُقدّم بصفته أكبر متحف أثري في العالم، ومن المقرر أن يضم أكثر من 50 ألف قطعة أثرية، من بينها مقتنيات من مقبرة الملك توت عنخ آمون.

وعلى الرغم من تلك الأرقام التي تشير إلى نمو قطاع السياحة، لكنها تبقى أقل بكثير مقارنة بالإمكانات الهائلة التي تتمتع بها مصر، وتنوع الوجهات والمقاصد السياحية فيها، والتي تجعل منها وجهة سياحية مفضلة للسياح من جميع دول العالم.

وكانت مصر تخطط لجذب نحو 30 مليون سائح سنويا بحلول عام 2030، وسط توقعات بأن تتجاوز الإيرادات السياحية 24 مليار دولار بنهاية العام المالي 2028-2029. لكن وزير السياحة استبعد الوصول إلى هذا الهدف في الموعد المحدد.

وللمقارنة، فإن دولة مثل تركيا أعلنت أن عائدات السياحة خلال أول 9 أشهر من العام الجاري بلغت 50 مليار دولار، بزيادة 5.7 بالمائة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.

وقد استقبلت نحو 30 مليون زائر في الأشهر التسعة الأولى من عام 2017، و49 مليون و181 ألف زائر في نفس الفترة من 2024، و49 مليون و993 ألف زائر عام 2025.

ويثير ذلك تساؤلات فعلى الرغم من أن مصر من أكثر الدول المؤهلة لجذب أعداد أكبر من السياح وتحقيق إيرادات سياحية تفوق المستويات الحالية، لكن أعداد السياح القادمين إلى مصر يبدو أقل بكثير عن تركيا، على الرغم من تنوع الوجهات السياحية فيها، الأمر الذي يعزوه السياح إلى سوء المعاملة التي يعانون منها أثناء تواجدهم في مصر.

وهو ما يظهر في الانطباعات السلبية عن مصر التي عبّر عنها كثير من السياح، مما جعلهم لا يفضلون القدوم إليها مجددًا، حيث يشكون عادة من التعرض لمضايقات مستمرة، بخاصة من البائعين الذين يضايقونهم في كل مكانٍ يقصدونه، ويلحون عليهم في شراء منتجاتهم، التي يتم المغالاة في أسعارها.

ومن بين هؤلاء "فيانكا"، وهي سائحة من بوليفيا، تهوى التجوال حول العالم، التي رصدت في تدوينة لها، أهم خمسة أسباب قوية من وجهة نظرها جعلتها تنصح بعدم السفر إلى مصر، بناءً على تجربتها الشخصية التي رصدت خلالها مجموعة من السلبيات، مما جعلها تكون انطباعًا سيئًا عن السياحة في مصر.
 

المضايقة المستمرة
تتذكر "فيانكا": كان الجانب السلبي الرئيس لزيارتي مصر بالنسبة لي هو الإزعاج المستمر من البائعين والسماسرة. الذين يحاولون البيع بجرأة أو بوقاحة، وهذا ينطبق تمامًا على معظم البائعين في مصر.
بيد أنها في المقابل، وصفت معظم المصريين الذين التقيتُ بهم بشكلٍ طبيعي بأنهم "كانوا من ألطفِ وألطفِ الناسِ الذين قابلتُهم في حياتي، وخاصةً النساء. لهذا السبب، أشعرُ بالحزنِ الشديد، فأنا أعتقدُ أن العدوانيةَ جزءٌ لا يتجزأُ من ثقافةِ البيعِ لديهم".

وتابعت: "تكمن المشكلة في كثرة اقترابهم منك وإصرار البائعين. فرغم رفضهم المهذب، لا يتوقفون ولا ينصرفون. إنه أمر مبالغ فيه، ويؤدي في النهاية إلى صعوبة بالغة في الاستمتاع بما تفعله".
 

عمليات الاحتيال
أشارت فيانكا إلى أن السياح في مصر يتعرضون لاستغلال كامل. فرغم كونها وجهة سياحية شهيرة، يُتوقع أن يحظى السياح فيها بمعاملة أفضل. ناهيك عن كثرة عمليات الاحتيال.

تتذكر: إذا لم يكن سائق التاكسي هو من يتفق على المقابل ثم يطلب المزيد قبل أن يوصلك، فهناك أشخاص يأخذون هاتفك منك، ويلتقطون لك صورة، ثم يطلبون "إكرامية" مقابل القيام بذلك.

وأوضحت: الجميع، من الشرطة إلى موظفي مراقبة الأمتعة، إلى الأشخاص الذين يوهمونك بأنهم ساعدوك، يتوقعون منك إكرامية. بمجرد أن تدفع لهم إكرامية، يقولون لك إنها غير كافية. إنه أمرٌ سخيفٌ للغاية.

وتقول فيانكا: لم أشارك إلا في جولة واحدة طوال فترة وجودي في مصر، وكانت تلك الجولة لزيارة الأهرامات. ورغم أن الإزعاج كان أقل قليلاً مع مرشد سياحي، إلا أنه كان لا زال موجودًا بقوة.
والأسوأ من ذلك، أنه بدلًا من التركيز على المعالم الرئيسة خلال الجولة، يصطحبونك إلى متاجر مختلفة على طول الطريق. 

تتابع: بالطبع، عندما تبدأ بالرفض، يصبحون عدوانيين أو يروون لك قصة حزينة عن عدم بيعهم أي شيء منذ أسابيع. أنا أؤيد تمامًا شراء الهدايا التذكارية من حين لآخر ودعم الاقتصاد المحلي، ولكن برغبتي.
ناهيك عن أن محلات بيع التذكارات، مثل محلات البردي، ستُكلفك مبالغ طائلة بحجة أن "بردياتهم أصلية، على عكس جميع محلات البردي الأخرى في القاهرة. 
 

الفوصى في القاهرة
هناك جانب آخر لا يتحدث عنه أحد كما تقول السائحة البوليفية، وهو فوضى القاهرة وصخبها وتكدسها. 

تتحدث عن تجربتها مع الفوضى في القاهرة، قائلة: القيادة وحركة المرور ليست فوضوية فحسب، بل خطيرة نوعًا ما. هناك الكثير من النفايات في كل مكان. رؤية هذا الكم الهائل من التلوث البلاستيكي يُلقى على ضفاف النهر حطمت قلبي.

وأضافت: عندما أخبرتُ الناس أنني ذاهبة إلى مصر، لم يُبدِ أحدٌ أيَّ رأيٍ سلبي. كل ما أثاروه هو مخاوفهم بشأن سلامة السفر كامرأة. في هذا السياق، شعرتُ بالأمان وأنا أسافر إلى هناك كامرأة، ولكن إذا كان بإمكان الإعلام تصوير مصر على أنها خطرة، فلماذا لا يُصوِّر أيضًا بعض الحقائق؟
 

الإساءة إلى الجمال
تصف فيانكا نفسها، قائلة: لطالما كنتُ من أشدّ مُحبي الحيوانات ومناصريها. لا يُبادلني كلُّ إنسانٍ مشاعري تجاه الحيوانات، ولكن حتى بمُعظم المعايير الإنسانية، يُعاملون الحيوانات هنا (في مصر) معاملةً سيئةً للغاية.

تقول عن تجربتها خلال زيارتها إلى أهم معلم أثري في مصر: يروي الناس أن زيارة أهرامات الجيزة لا تكتمل إلا بركوب الجمل والتقاط صورة معه. لكن ما لا يُظهرونه هو كيفية معاملة الجمال.

تتعرض للجمال للضرب على يد أصحابها، ويأمرونها بالجلوس ثم الوقوف مجددًا رغم أصوات الألم الواضحة. تبدو نحيفة وتعاني من سوء التغذية، ولا أحد يعلم حقيقة ما تمر به.

يستخدمون الحيوانات كوسيلة لتحقيق غاية. كل ما يهم أصحاب الجمال هؤلاء هو المال. لا يكترثون بالحيوانات. انظروا فقط إلى كيفية معاملتهم للسياح الذين يزورون بلدهم الأصلي- هل تعتقدون أنهم يعاملون حيواناتهم بشكل أفضل؟

تقول: هذا، في رأيي، هو السبب الرئيس الذي يدفعني لعدم العودة وحثّكم على عدم السفر إلى مصر. بالطبع، إذا قررتم زيارتها، أنصحكم بشدة بمقاطعة ركوب الجمال.
 

الفساد الشديد والفقر
ترى فيانكا أن كل هذا يندرج في إطار الفساد الذي تعاني منه مصر. سواءً أكان من الحكومة أم من الشعب، فهو لا يزال قضيةً جليةً لا مفر منها.

تضيف: يقبل رجال الشرطة والمرشدون السياحيون وجميع المسؤولين الرشاوى. عمومًا، تسعى الحكومة جاهدةً لحماية المواقع الأثرية المهمة لتبقى في حالة تدوم لأجيال.

لكن في الأهرامات، الجميع يتجاهلون كل شيء. يسمحون لك بلمس الهرم، وهو أمرٌ غير مسموح به نظريًا. ويقبلون رشاوى ليدخلوك إلى مقابر يُفترض أنها مغلقة نظريًا.

أصعب ما أفهمه هو كيف لدولة تجذب هذا العدد الكبير من السياح سنويًا أن تعيش في فقر مدقع. أين تذهب الأموال؟ ألا تستخدمها الحكومة لخدمة شعبها؟

لا يزال جزء كبير من مصر غير مستكشف أو مُنقَّب، ويُقال إن السبب في ذلك هو نقص التمويل. يزور أهرامات الجيزة أكثر من 14 مليون شخص سنويًا. مرة أخرى، أين تذهب كل هذه الأموال؟

https://viancathatvagabond.com/not-travel-to-egypt/